«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى وجود القرود ال 16
غدا تشرق الشمس على مدينة أبوسمبل
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 02 - 2014

« تشرق الشمس غد السبت علي مدينة ابو سمبل والنوبيين راضون عن الدولة هذه المرة بعد ان سجلت كلمة النوبة في دستور مصر لاول مرة, واعترفت بتقاليدها وعاداتها لاول مرة ,
وبعد ان وعدتهم بالعودة الي بلادهم القديمة خلال عشر سنوات في مناطق بحيرة ناصر لاول مرة , وتشرق الشمس علي مدينة ابوسمبل غدا وجميع النوبيين متحدون للاحتفال بذكري مرور خمسين سنة علي تهجيرهم .. ولن تكسوهم المرارة هذه المرة, سوف تشرق الشمس, وسيتجمع النوبيون فيها من كل البقاع في ارض مصر للاحتفال بابنتهم نفرتاري, والمصري الذي تبين بسبب ابنتهم نفرتاري او ابنتهم التي تمصرت بسبب الولد رمسيس الذي يذوب عشقا في ابنتهم !! , وسوف تشرق الشمس غدا في ابوسمبل ..وستذوب الشمس جبال الثلج التي تتمثل في المسألة النوبية التي ظلت معلقة لاكثر من قرن , وغدا سيبقي اسم مصر ورمسيس والنوبة متحدا تحت العلم الذي يتوسطه النسر ويعلوه الدم الذي يجري في عروق اي شخص يعيش تحت سماء مصر».


تقع أبو سنبل في اقصي طرف مصر الجنوبي, يسكنها الغموض ويغلفها السحر , تسير في شوارعها فتشعر ان اناسها من كوكب اخر , يحكون لك اساطير عن الملك رمسيس الثاني وعن زوجته الحبيبة نفرتاري , و عن بلاد قديمة لم يعيشوا فيها نقل صورتها الاجداد , واصبحت جزءا من مدينتهم الفاضلة , وشوارع هذه المدينة واهلها هي جزء من تاريخ ابوسمبل ورمسيس ونفرتاري والمدينة الفاضلة, وتقرأ هذا التاريخ علي الجدران وعلي الوجوه.
تقع مدينة أبو سمبل علي بعد 280 كيلومترا الي الجنوب من محافظة أسوان , وعلي بعد أربعين كيلومترا شمال الحدود المصرية السودانية , اشتهرت بسبب وجود المعبدين اللذين بناهما الملك رمسيس الثاني فيها في القرن الثالث عشر قبل الميلاد ويعد اسم أبوسمبل اسم حديث لمدينة قديمة سميت في العصور القديمة باسم «أبشك» والذي لا يعرف احد معناه حتى الآن , وهل هو اسم منطقة محددة من المكان ام تطلق علي المكان كله , وهذا الاسم الحديث ليس له علاقة بالمنطقة التي تضم المعبدين , لانها في الواقع جزء من قرية بلانة النوبية القديمة التي كانت تقع علي الضفة الغربية للنيل , وتمتد هذه القرية من الموقع الذي يقع فيه المعبدين وحتي فرس وارقين بالقرب من الحدود المصرية السودانية , وهناك من يعتقد بان اسم ابوسمبل تطور عن اسم جبل المعبد الكبير واطلقها الاهالي علي الجبل.
كانت أبو سمبل جزءا من منطقة سكنتها قبائل نوبية أطلق عليها المصريون القدامى اسم» ايام» , وسكنت في المنطقة ما بين توشكي شمالا وبوهن جنوبا , وفي عصر الدولة القديمة ارسل فراعنة مصر بعثات لاكتشاف قارة أفريقيا برئاسة حكام النوبة , وكانت هذه البعثات الاسستكشافية تمر عبر مدينة ابوسمبل، وترك احد هؤلاء الحكام وهو حارخوف نقوشا تفصيلية عن هذه البعثات علي جدران مقبرته بمقابر النبلاء في اسوان.

الجبل الطاهر

وفي هذه العصور القديمة كان موقع مدينة ابوسمبل يضم جبلين ذوي قدسية ،احدهما كبير والاخر صغير, وارتبط الجبل الكبير بالإله حورس المحلي ولقب هذا الاله بلقب « سيد محا « , وارتبط الجبل الصغير بالالهة حتحور المحلية والتي سميت «سيدة أبشك» , وكان يفد إليهما أهل هذه المنطقة من اجل تقديس ارواح الإلهين المحليين حتحور وحورس التي تسكن في الجبلين , وأطلق اهالي ابوسمبل القدامي على الجبل الجنوبي «جبل حورس سيد محا» وعلي الجبل الشمالي «جبل حتحور سيدة أبشك» أو «الجبل الطاهر» , وعاشت اوصاف هذين الجبلين وقصتهما المقدسة في الاشارات الواردة علي كتابات المعبدين الذي قطعهما رمسيس فيما بعد في الجبلين , وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد استغل الملك رمسيس الثاني قدسية الجبلين , ونحت لنفسه معبدا في الجبل الجنوبي
, ونحت لزوجته معبدا في الجبل الشمالي , واحتفظ لالهة المنطقة بقدسيتهما فاهدي المعبد الذي بناه لنفسه الي الاله حورس رب محا , واهدي معبد زوجته للالهة حتحور سيدة ابشك.
وفي اوائل القرن السادس قبل الميلادي مرت علي مدينة ابوسمبل الحملة العسكرية التي ارسلها الملك بسماتيك الثاني الي النوبة , وترك الجنود المشاركين في الحملة نصا علي الساق اليسري لتمثال الملك رمسيس الثاني علي يسار الداخل للمعبد الكبير , وهذا النص مكتوب باللغة الإغريقية القديمة , ويحكي عن الحملة التي أرسلها الملك بسماتيك الثاني الي بلاد النوبة, وكانت هذه الحملة العسكرية تتكون من جنود مصريين و إغريق , وكان لكل فئة قائد يقودهم , وفي القرنين الخامس والسادس الميلاديين تطورت في هذه المنطقة ثقافة نوبية أطلق عليها اسم «ثقافة بلانة» , وكانت عاصمة هذه الثقافة في الناحية الشرقية للنهر واسمها «جبل عدا» , وكشف الاثريون عن بقايا اثار هذه الثقافة في قرية بلانة وقرية قسطل في الناحية الشرقية , وتعرض اغلب اثار هذه الثقافة في متحف النوبة بأسوان.
وطوال اثني عشر قرنا ظل معبد ابوسمبل الكبير مدفونا تحت الرمال ولم يذكر احد اي شيء عن معبد نفرتاري الصغير الي ان جاء في العصور الحديثة المستشرق السويسري لودفيج بورخاردت وزار ابوسمبل في 22 مارس 1813, وكان المعبد الكبير مدفونا تحت الرمال , ولم يظهر منه الا رءوس تماثيل رمسيس الثاني في الواجهة , وبعد ثلاث سنوات زار المعبد الصغير القنصل الفرنسي في عهد والي مصر محمد علي باشا واسمه دوروفيتي , وشاهد رءوس تماثيل رمسيس في واجهة المعبد الكبير , وزار المعبد الصغير للملكة نفرتاري وسجل اسمه علي العمود اليسار في صالة الاعمدة الحتحورية في المعبد الصغير.
وارتبطت مدينة ابوسمبل ومعبدها الكبير باسم الصقلي الاصل والايطالي الجنسية والمستكشف جيوفاني باتيستا بلزوني واستطاع زيارة مدينة ابوسمبل مرتين , وكانت المرة الاولي في السادس عشر من سبتمبر عام 1816, وكانت المرة الثانية في شهر يونيو 1817 , واستطاع بلزوني في المرة الثانية تنظيف الرمال امام واجهة المعبد الكبير وعمل ثقب في الرمال ليصل الي المدخل , ودخل المعبد , واستكشف ما في داخل المعبد , ووصل الي قدس اقداس المعبد في الاول من اغسطس عام 1817 , وترك جرافيتي علي الجدار الايمن بقدس الاقداس يسجل ذكري دخوله الي المعبد.
وفي الثلث الاول من القرن التاسع عشر الميلادي جاء الي ابوسمبل العالم الشهير مكتشف رموز حجر رشيد جان فرنسوا شامبليون ونقل مناظر معبدي ابوسمبل , وعاني شامبليون كثيرا وهو يعمل بالمعبدين بسبب درجة الحرارة ومرض النقرس الذي كان يعاني منه , ولكن كان يتحمل ويدخل الي داخل المعبد الكبير زاحفا بسبب الرمال الذي تغطي واجهته , وسجلت مدينة ابوسمبل اسمها في تاريخ مصر عندما ساهمت في فك رموز اللغة المصرية القديمة , حيث استعان شامبليون بخرطوش الملك رمسيس الثاني الموجود في مقدمة قاعدة تمثال رمسيس الثاني علي يمين الداخل للمعبد واستطاع ان يعرف معني كلمتين وهما اسم الإله رع وفعل يولد وهما موجودتان في اسم الملك رمسيس الثاني , وفي التاسع من نوفمبر عام 1838 زار الفنان الاسكتلندي الشهير ديفيد روبرتس معبدا ابوسمبل , ورسم رسومات باهرة لواجهة المعبد الكبير وتماثيل قدس الاقداس , وعكست رسوماته الرائعة اللونين الاصفر بدرجاته والرمادي بدرجاته , وفي شهر ديسمبر 1843 قام الاثري الالماني ريتشارد لبسيوس ومجموعة من الفنانين بنسخ رسوم المعبدين في تسعة ايام في ظل درجة حرارة عالية , وخلال ثلاثة عقود ظل المعبدان محط انظار زوار شهيرين مثل الفنان بول دوران والكاتب جوستاف روبير , اما اشهر من زار المعبدين فهي الروائية الانجليزية اميليا ادواردز , ونشرت زيارتها في كتابها الشهير « الف ميل علي النيل» عام 1877 , وهي التي كشفت مقصورة الاله تحوت جنوب واجهة المعبد الكبير , وهي اول من لفتت الانظار لظاهرة الشمس وارتباطها بالمعبد الكبير في ابوسمبل.

رب الشمس

يشتهر المعبد الكبير بمدينة ابوسمبل بظاهرة فلكية تحدث منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد حتي الآن , وهذه الظاهرة هي تعامد اشعة الشمس علي قدس اقداس المعبد , وفي قدس اقداس هذا المعبد يوجد اربعة تماثيل وهم من اليمين إلي اليسار الإله رع حور أختي رب الشمس المشرقة , ويليه الملك رمسيس الثاني وهو يضع علي رأسه تاج الحرب , ثم الإله آمون رع اله الدولة الرسمي , واخيرا الإله بتاح رب الصناع والحرفيين , وقد فقدت رأسه , وفي كل سنة ترسل الشمس أشعتها مرتين لتتعامد علي قدس الأقداس , وتكون المرة الأولي في 22 أكتوبر , والمرة الثانية في 22 فبراير , ويجب ان نضع في الأذهان أن الشمس كانت تدخل يوم 21 من كل من شهري أكتوبر وفبراير في الموقع القديم قبل أن يتم نقل وانقاذ المعبد في منتصف الستينيات. ومن الثانية الاولي لشروق الشمس تهبط الاشعة علي مراحل علي معبد ابوسمبل الكبير :
في البداية تحتضن اشعة الشمس القرود التي تعلو واجهة المعبد , ويبلغ عددها الحالي ستة عشرة قردا , وتشير المساحة الفارغة بين القرود إلي ضياع ستة قرود أخري, مما يعني انه في الأصل كان هناك اثنان وعشرون قردا , ويرفع كل قرد ذراعيه لأعلي تحية للشمس المشرقة , ومن المعروف أن قدماء المصريين ربطوا بين ساعات اليوم وبين القرود , لان ساعات اليوم مرتبطة من وجهة نظرهم بالشمس , ولاحظوا ان القردة في الصباح الباكر تهلل وتقفز عند شروق شمس الصباح , ولذلك جعلوا الاله تحوت (القرد ) سكرتيرا للاله رع (الشمس) , ولكن عدد القرود في واجهة المعبد الكبير 22 , لان ساعات اليوم في عصر الرعامسة وهو العصر الذي عاش فيه رمسيس الثاني كان 22 ساعة , وأضيفت فيما بعد ساعة للشروق وساعة للغروب.
وتهبط أشعة الشمس من القرود لتركز علي اله الشمس المشرقة رع حور أختي والذي نحت داخل مستطيل بهيئة أدمية ورأس صقر وعلي رأسه قرص الشمس , ويقف علي الجانبين الملك رمسيس الثاني ويقدم قربان الماعت ويعد هذا القربان اعلان من الملك بالحفاظ علي النظام الكوني الذي وضعته الالهة.
وتهبط اشعة الشمس إلي المدخل الرئيسي للمعبد الكبير وتتسلل لمسافة 48 مترا, وتتخطي الصالة الاولي والصالة الثانية , والصالة المستعرضة , وقدس الأقداس حتي تتركز علي الجدار الغربي الذي يستند عليه التماثيل مدة تتراوح ما بين عشرين دقيقة إلي خمس وعشرين دقيقة.
وترسم الشمس اطارا مستطيلا علي جسد الملك رمسيس الثاني والاله امون رع في قدس الأقداس , وتتحرك ناحية اليمين تجاه الكتف الايمن للاله رع حور أختي , حتى تختفي علي هيئة خط رفيع مواز للساق اليمني للإله الاخير.
وبعد خمس وعشرين دقيقة تنسحب الشمس إلي الصالة الثانية , ثم الصالة الأولي , وتختفي بعد ذلك من داخل المعبد كله.
انتشر بين الناس تفسير سبب دخول اشعة الشمس داخل المعبد , وكان التفسير هو أن يوم الثاني والعشرين من شهر أكتوبر يمثل تاريخ مولد رمسيس الثاني , واليوم الاخر (22 فبراير) يمثل مناسبة تتويجه علي عرش مصر أول مرة , ولكننا لا نعرف بدقة متي ولد رمسيس , أما تتويجه فقد حدده باحث المصريات الاسكتلندي كينيث كيتشن بيوم 18 يونيو.
ويواجهنا سؤال مهم هل قصد المصريون القدامي ان تدخل الشمس مرتين في السنة داخل هذا المعبد , وهل يوجد انحراف اجبر النحاتون القدامى علي إزاحة المعبد عن المسار الرئيسي بسبب الجبل ام لا؟ , ففي نصوص المعبد لا يوجد نص يربط المعبد مع الشمس بشكل مباشر , وفي دراسة انقاذ المعبدين لم اجد اي اشارة الي انحراف في توجيه المعبد , وفي حالة عدم وجود ادلة نصية في المعبد ولا وجود انحراف مقصود في اتجاه المعبد يتبقي امر واحد وهو العودة إلي السنة الفلكية المصرية القديمة.
والمعروف أن المصريين حسبوا سنتهم ما بين شروقيين متاليين لنجم الشعري اليمانية والذي يتوافق مع مقدم الفيضان ومع شروق الشمس ووجدوه مدة زمنية (سنة) تبلغ 360 يوما مع اضافة خمسة ايام النسيئ , وقسموا هذه السنة إلي ثلاثة فصول , اسموا الفصل الأول باسم أخت ( الفيضان ) وكان يبدأ ب 21 يونيو, والفصل الثاني برت (الزراعة ) ويبدأ يوم 21 أكتوبر , والفصل الثالث شمو (الحصاد ) ويبدأ في 21 فبراير , وهكذا يبدو ان تعامد اشعة الشمس علي قدس اقداس المعبد تتوافق مع أول يوم في كل من فصل الزراعة وفصل الحصاد , اي ان تعامد الشمس هو اشارة فلكية تحدد للاهالي موعد الزراعة وموعد الحصاد.
ويوجد علي جدران الصالة الثانية وقدس الاقداس منظر مكرر يشير الي وجود مناسبتين يتم الاحتفال بهما داخل المعبد الكبير وفيه يحمل مجموعة من الافراد مركب الاله او الملك وبالمركب كابينة كان يوضع فيها تمثال الاله او الملك , ويقوم الملك مع زوجته الملكة نفرتاري ببعض الطقوس أمام المركب , وهذا يعني انه كان بالمعبد مناسبتين أساسيتين لكل من الملك رمسيس الثاني والاله امون رع.
وفي كل مناسبة كان الكهنة يجلبون تمثالا صغيرا لاحد اصحاب المراكب المقدسة, ويجلبون مركبه الموديل من الغرفة التي تقع شمال وجنوب قدس الأقداس , ويضعون المركب وبداخله التمثال علي زحافة خشبية فوق القاعدة الحجرية وسط قدس الأقداس, ويقومون بطقوس تغيير الملابس والتزيين والتبخير وتقديم القربان, ويحملون المركب بعد ذلك, ويسيرون في الطريق المواكبي خارجين إلي الفناء الخارجي حيث ينتظرهم المتعبدون ليقدمون القرابين إلي الإلهين.
التفسير الفلكي للظاهرة
تقدم القدماء المصريين في علوم الفلك.. يؤكد استفادتهم الكاملة بظواهره في حياتهم العامة وأنهم كانوا يعرفون خصائص شروق الشمس وغروبها ومواقيتها ومواقعها وطول السنة الشمسية.
فتعامد الشمس على معبد أبى سمبل مرتين في العام تستند إلى حقيقة علمية اكتشفها قدماء المصريين وهى أن لشروق الشمس من نقطة الشرق تماماً وغروبها من نقطة الغرب تماماً في يوم الحادي والعشرين من شهر مارس ثم تتغير نقطة الشروق بمقدار ربع درجة تقريباً كل يوم إلى ناحية الشمال حيث تصل في شروقها إلى نقطة تبعد بمقدار 23 درجة و 27 دقيقة شمال الشرق في الثاني والعشرين من شهر يونيو.
الشمس تعود مرة أخرى لتشرق من نقطة الشرق تماماً بنفس معدل تحركها تجاه الشمال لتصل إلى نقطة الشرق تماماً في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر، ثم تتغير نقطة شروق الشمس بمعدل ربع درجة تقريباً ناحية الجنوب لتصبح على بعد 23 درجة و 27 دقيقة جنوب الشرق في الثاني والعشرون من شهر ديسمبر من كل عام ثم تعود بنفس المعدل لتصل إلى نقطة الشرق تماماً في الحادي والعشرين من شهر مارس.
استند قدماء المصريين في اكتشافهم إلى أن الشمس تمر على كل نقطة في أثناء شروقها وغروبها مرتين في كل عام، وان المسافة الزمنية بينهما تختلف تبعاً لبعد كل نقطة عن نقطة الشرق تماماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.