إسرائيل تعلن اغتيال رئيس الأركان الإيراني الجديد    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 يونيو 2025 في كأس العالم للأندية    إصابة 8 مراقبين إثر تصادم سيارتين أثناء ذهابهم للجان امتحانات الثانوية العامة بقنا    بدء توافد طلاب الثانوية العامة لآداء امتحان اللغة الأجنبية الثانية    أسعار الخضروات والفاكهة اليوم 16 يونيو 2025    تشكيل الهلال المتوقع أمام ريال مدريد في كأس العالم للأندية    تراجع في 3 بنوك.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الثلاثاء    الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال رئيس هيئة أركان الحرب في إيران    «الأرصاد» تكشف حالة الطقس على القاهرة وجنوب الصعيد اليوم    الجد بدأ.. توافد طلاب الثانوية العامة بكفر الشيخ على اللجان لأداء امتحان اللغة الأجنبية الثانية    18 ألف طالب يؤدون امتحان اللغة الأجنبية الثانية للثانوية العامة بقنا    طلاب الأدبى بالثانوية الأزهرية فى الأقصر يؤدون امتحان الفقه اليوم.. فيديو    رغم حرارة الطقس.. أولياء الأمور يرافقون أبناءهم في ثاني أيام الثانوية العامة    تركي آل الشيخ يكشف كواليس زيارته لمنزل الزعيم عادل إمام    ابن النصابة، تعرف على تفاصيل شخصية كندة علوش في أحدث أعمالها    وزير دفاع أمريكا: نتبنى موقفا دفاعيا في المنطقة.. ونحافظ على يقظتنا واستعدادنا    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة| مواجهات نارية في كأس العالم للأندية 2025    "فقرات استشفائية".. الأهلي يواصل تدريباته استعداداته لمواجهة بالميراس    انقطاع واسع في خدمة الإنترنت في طهران    «سكاي أبوظبي»: 240 مليار جنيه مبيعات مشروع «رأس الحكمة»    بعد أزمة الاستبعاد.. جلسة صلح بين ريبيرو ونجم الأهلي في أمريكا (تفاصيل)    سعر الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 17-6-2025 مع بداية التعاملات    طريقة عمل كيكة الجزر، مغذية ومذاقها مميز وسهلة التحضير    8 أطعمة تصبح أكثر صحة عند تبريدها، والسر في النشا المقاوم    5 تعليمات من وزارة الصحة للوقاية من الجلطات    ترجمات| «ساراماجو» أول أديب برتغالي يفوز بجائزة نوبل أدان إسرائيل: «ما يحدث في فلسطين جريمة»    سلوفاكيا تجلي مواطنيها ومواطنين أوروبيين من إسرائيل عبر الأردن وقبرص    إيران تشن هجوما جديدا الآن.. إسرائيل تتعرض لهجمات صاروخية متتالية    موعد مباراة الأهلي القادمة أمام بالميراس في كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    بعد تصريحات نتنياهو.. هل يتم استهداف خامنئي الليلة؟ (مصادر تجيب)    3 أيام متتالية.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    إغلاق جميع منشآت التكرير في حيفا بعد ضربة إيرانية    سحر إمامي.. المذيعة الإيرانية التي تعرضت للقصف على الهواء    أشرف صبحي يكشف كواليس تدخلاته في أزمة زيزو.. ويؤكد دعمه الكامل للأهلي    وكالة إس إن إن: إيران تعتزم مهاجمة قاعدة جوية عسكرية إسرائيلية حساسة    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    بعد إنهاك إسرائيل.. عمرو أديب: «سؤال مرعب إيه اللي هيحصل لما إيران تستنفد صواريخها؟»    تفاصيل محاضرة ريبيرو للاعبي الأهلي    رئيس مدينة دمنهور يقود حملة مكبرة لإزالة الإشغالات بشوارع عاصمة البحيرة| صور    إلهام شاهين تروي ل"كلمة أخيرة" كواليس رحلتها في العراق وإغلاق المجال الجوي    حدث بالفن | عودة إلهام شاهين وهالة سرحان من العراق والعرض الخاص لفيلم "في عز الضهر"    بسبب إغلاق مطار بغداد.. إلهام شاهين تكشف تفاصيل عودتها لمصر قادمة من العراق    "سقوط حر" يكشف لغز جثة سوداني بفيصل    د.حماد عبدالله يكتب: وظائف خالية !!    "حقوق الإنسان" بحزب مستقبل وطن تعقد اجتماعًا تنظيميًا بحضور أمنائها في المحافظات    تراجع أسعار الذهب العالمي رغم استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران    أمريكا: حالات الإصابة بمرض الحصبة تقترب من 1200 حالة    مستشارة الاتحاد الأوروبي: استمرار تخصيب اليورانيوم داخل إيران يمثل مصدر قلق    قطع أثرية بمتحف الغردقة توضح براعة المصريين القدماء فى صناعة مستحضرات التجميل    محافظ كفر الشيخ: إقبال كبير من المواطنين على حملة «من بدرى أمان»    ما الفرق بين الركن والشرط في الصلاة؟.. دار الإفتاء تُجيب    إيبارشية قنا تستقبل أسقفها الجديد بحضور كنسي    اتحاد المرأة بتحالف الأحزاب يعلن الدفع بمجموعة من المرشحات بانتخابات مجلسي النواب والشيوخ    وزير العمل والأكاديمية الوطنية للتدريب يبحثان تعزيز التعاون في الملفات المشتركة    لمست الكعبة أثناء الإحرام ويدي تعطرت فما الحكم؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ما هي علامات عدم قبول فريضة الحج؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    عضو ب«مركز الأزهر» عن قراءة القرآن من «الموبايل»: لها أجر عظيم    محافظ المنوفية: مليار و500 مليون جنيه حجم استثمارات قطاع التعليم خلال ال 6 سنوات الأخيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى وجود القرود ال 16
غدا تشرق الشمس على مدينة أبوسمبل
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 02 - 2014

« تشرق الشمس غد السبت علي مدينة ابو سمبل والنوبيين راضون عن الدولة هذه المرة بعد ان سجلت كلمة النوبة في دستور مصر لاول مرة, واعترفت بتقاليدها وعاداتها لاول مرة ,
وبعد ان وعدتهم بالعودة الي بلادهم القديمة خلال عشر سنوات في مناطق بحيرة ناصر لاول مرة , وتشرق الشمس علي مدينة ابوسمبل غدا وجميع النوبيين متحدون للاحتفال بذكري مرور خمسين سنة علي تهجيرهم .. ولن تكسوهم المرارة هذه المرة, سوف تشرق الشمس, وسيتجمع النوبيون فيها من كل البقاع في ارض مصر للاحتفال بابنتهم نفرتاري, والمصري الذي تبين بسبب ابنتهم نفرتاري او ابنتهم التي تمصرت بسبب الولد رمسيس الذي يذوب عشقا في ابنتهم !! , وسوف تشرق الشمس غدا في ابوسمبل ..وستذوب الشمس جبال الثلج التي تتمثل في المسألة النوبية التي ظلت معلقة لاكثر من قرن , وغدا سيبقي اسم مصر ورمسيس والنوبة متحدا تحت العلم الذي يتوسطه النسر ويعلوه الدم الذي يجري في عروق اي شخص يعيش تحت سماء مصر».


تقع أبو سنبل في اقصي طرف مصر الجنوبي, يسكنها الغموض ويغلفها السحر , تسير في شوارعها فتشعر ان اناسها من كوكب اخر , يحكون لك اساطير عن الملك رمسيس الثاني وعن زوجته الحبيبة نفرتاري , و عن بلاد قديمة لم يعيشوا فيها نقل صورتها الاجداد , واصبحت جزءا من مدينتهم الفاضلة , وشوارع هذه المدينة واهلها هي جزء من تاريخ ابوسمبل ورمسيس ونفرتاري والمدينة الفاضلة, وتقرأ هذا التاريخ علي الجدران وعلي الوجوه.
تقع مدينة أبو سمبل علي بعد 280 كيلومترا الي الجنوب من محافظة أسوان , وعلي بعد أربعين كيلومترا شمال الحدود المصرية السودانية , اشتهرت بسبب وجود المعبدين اللذين بناهما الملك رمسيس الثاني فيها في القرن الثالث عشر قبل الميلاد ويعد اسم أبوسمبل اسم حديث لمدينة قديمة سميت في العصور القديمة باسم «أبشك» والذي لا يعرف احد معناه حتى الآن , وهل هو اسم منطقة محددة من المكان ام تطلق علي المكان كله , وهذا الاسم الحديث ليس له علاقة بالمنطقة التي تضم المعبدين , لانها في الواقع جزء من قرية بلانة النوبية القديمة التي كانت تقع علي الضفة الغربية للنيل , وتمتد هذه القرية من الموقع الذي يقع فيه المعبدين وحتي فرس وارقين بالقرب من الحدود المصرية السودانية , وهناك من يعتقد بان اسم ابوسمبل تطور عن اسم جبل المعبد الكبير واطلقها الاهالي علي الجبل.
كانت أبو سمبل جزءا من منطقة سكنتها قبائل نوبية أطلق عليها المصريون القدامى اسم» ايام» , وسكنت في المنطقة ما بين توشكي شمالا وبوهن جنوبا , وفي عصر الدولة القديمة ارسل فراعنة مصر بعثات لاكتشاف قارة أفريقيا برئاسة حكام النوبة , وكانت هذه البعثات الاسستكشافية تمر عبر مدينة ابوسمبل، وترك احد هؤلاء الحكام وهو حارخوف نقوشا تفصيلية عن هذه البعثات علي جدران مقبرته بمقابر النبلاء في اسوان.

الجبل الطاهر

وفي هذه العصور القديمة كان موقع مدينة ابوسمبل يضم جبلين ذوي قدسية ،احدهما كبير والاخر صغير, وارتبط الجبل الكبير بالإله حورس المحلي ولقب هذا الاله بلقب « سيد محا « , وارتبط الجبل الصغير بالالهة حتحور المحلية والتي سميت «سيدة أبشك» , وكان يفد إليهما أهل هذه المنطقة من اجل تقديس ارواح الإلهين المحليين حتحور وحورس التي تسكن في الجبلين , وأطلق اهالي ابوسمبل القدامي على الجبل الجنوبي «جبل حورس سيد محا» وعلي الجبل الشمالي «جبل حتحور سيدة أبشك» أو «الجبل الطاهر» , وعاشت اوصاف هذين الجبلين وقصتهما المقدسة في الاشارات الواردة علي كتابات المعبدين الذي قطعهما رمسيس فيما بعد في الجبلين , وفي القرن الثالث عشر قبل الميلاد استغل الملك رمسيس الثاني قدسية الجبلين , ونحت لنفسه معبدا في الجبل الجنوبي
, ونحت لزوجته معبدا في الجبل الشمالي , واحتفظ لالهة المنطقة بقدسيتهما فاهدي المعبد الذي بناه لنفسه الي الاله حورس رب محا , واهدي معبد زوجته للالهة حتحور سيدة ابشك.
وفي اوائل القرن السادس قبل الميلادي مرت علي مدينة ابوسمبل الحملة العسكرية التي ارسلها الملك بسماتيك الثاني الي النوبة , وترك الجنود المشاركين في الحملة نصا علي الساق اليسري لتمثال الملك رمسيس الثاني علي يسار الداخل للمعبد الكبير , وهذا النص مكتوب باللغة الإغريقية القديمة , ويحكي عن الحملة التي أرسلها الملك بسماتيك الثاني الي بلاد النوبة, وكانت هذه الحملة العسكرية تتكون من جنود مصريين و إغريق , وكان لكل فئة قائد يقودهم , وفي القرنين الخامس والسادس الميلاديين تطورت في هذه المنطقة ثقافة نوبية أطلق عليها اسم «ثقافة بلانة» , وكانت عاصمة هذه الثقافة في الناحية الشرقية للنهر واسمها «جبل عدا» , وكشف الاثريون عن بقايا اثار هذه الثقافة في قرية بلانة وقرية قسطل في الناحية الشرقية , وتعرض اغلب اثار هذه الثقافة في متحف النوبة بأسوان.
وطوال اثني عشر قرنا ظل معبد ابوسمبل الكبير مدفونا تحت الرمال ولم يذكر احد اي شيء عن معبد نفرتاري الصغير الي ان جاء في العصور الحديثة المستشرق السويسري لودفيج بورخاردت وزار ابوسمبل في 22 مارس 1813, وكان المعبد الكبير مدفونا تحت الرمال , ولم يظهر منه الا رءوس تماثيل رمسيس الثاني في الواجهة , وبعد ثلاث سنوات زار المعبد الصغير القنصل الفرنسي في عهد والي مصر محمد علي باشا واسمه دوروفيتي , وشاهد رءوس تماثيل رمسيس في واجهة المعبد الكبير , وزار المعبد الصغير للملكة نفرتاري وسجل اسمه علي العمود اليسار في صالة الاعمدة الحتحورية في المعبد الصغير.
وارتبطت مدينة ابوسمبل ومعبدها الكبير باسم الصقلي الاصل والايطالي الجنسية والمستكشف جيوفاني باتيستا بلزوني واستطاع زيارة مدينة ابوسمبل مرتين , وكانت المرة الاولي في السادس عشر من سبتمبر عام 1816, وكانت المرة الثانية في شهر يونيو 1817 , واستطاع بلزوني في المرة الثانية تنظيف الرمال امام واجهة المعبد الكبير وعمل ثقب في الرمال ليصل الي المدخل , ودخل المعبد , واستكشف ما في داخل المعبد , ووصل الي قدس اقداس المعبد في الاول من اغسطس عام 1817 , وترك جرافيتي علي الجدار الايمن بقدس الاقداس يسجل ذكري دخوله الي المعبد.
وفي الثلث الاول من القرن التاسع عشر الميلادي جاء الي ابوسمبل العالم الشهير مكتشف رموز حجر رشيد جان فرنسوا شامبليون ونقل مناظر معبدي ابوسمبل , وعاني شامبليون كثيرا وهو يعمل بالمعبدين بسبب درجة الحرارة ومرض النقرس الذي كان يعاني منه , ولكن كان يتحمل ويدخل الي داخل المعبد الكبير زاحفا بسبب الرمال الذي تغطي واجهته , وسجلت مدينة ابوسمبل اسمها في تاريخ مصر عندما ساهمت في فك رموز اللغة المصرية القديمة , حيث استعان شامبليون بخرطوش الملك رمسيس الثاني الموجود في مقدمة قاعدة تمثال رمسيس الثاني علي يمين الداخل للمعبد واستطاع ان يعرف معني كلمتين وهما اسم الإله رع وفعل يولد وهما موجودتان في اسم الملك رمسيس الثاني , وفي التاسع من نوفمبر عام 1838 زار الفنان الاسكتلندي الشهير ديفيد روبرتس معبدا ابوسمبل , ورسم رسومات باهرة لواجهة المعبد الكبير وتماثيل قدس الاقداس , وعكست رسوماته الرائعة اللونين الاصفر بدرجاته والرمادي بدرجاته , وفي شهر ديسمبر 1843 قام الاثري الالماني ريتشارد لبسيوس ومجموعة من الفنانين بنسخ رسوم المعبدين في تسعة ايام في ظل درجة حرارة عالية , وخلال ثلاثة عقود ظل المعبدان محط انظار زوار شهيرين مثل الفنان بول دوران والكاتب جوستاف روبير , اما اشهر من زار المعبدين فهي الروائية الانجليزية اميليا ادواردز , ونشرت زيارتها في كتابها الشهير « الف ميل علي النيل» عام 1877 , وهي التي كشفت مقصورة الاله تحوت جنوب واجهة المعبد الكبير , وهي اول من لفتت الانظار لظاهرة الشمس وارتباطها بالمعبد الكبير في ابوسمبل.

رب الشمس

يشتهر المعبد الكبير بمدينة ابوسمبل بظاهرة فلكية تحدث منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد حتي الآن , وهذه الظاهرة هي تعامد اشعة الشمس علي قدس اقداس المعبد , وفي قدس اقداس هذا المعبد يوجد اربعة تماثيل وهم من اليمين إلي اليسار الإله رع حور أختي رب الشمس المشرقة , ويليه الملك رمسيس الثاني وهو يضع علي رأسه تاج الحرب , ثم الإله آمون رع اله الدولة الرسمي , واخيرا الإله بتاح رب الصناع والحرفيين , وقد فقدت رأسه , وفي كل سنة ترسل الشمس أشعتها مرتين لتتعامد علي قدس الأقداس , وتكون المرة الأولي في 22 أكتوبر , والمرة الثانية في 22 فبراير , ويجب ان نضع في الأذهان أن الشمس كانت تدخل يوم 21 من كل من شهري أكتوبر وفبراير في الموقع القديم قبل أن يتم نقل وانقاذ المعبد في منتصف الستينيات. ومن الثانية الاولي لشروق الشمس تهبط الاشعة علي مراحل علي معبد ابوسمبل الكبير :
في البداية تحتضن اشعة الشمس القرود التي تعلو واجهة المعبد , ويبلغ عددها الحالي ستة عشرة قردا , وتشير المساحة الفارغة بين القرود إلي ضياع ستة قرود أخري, مما يعني انه في الأصل كان هناك اثنان وعشرون قردا , ويرفع كل قرد ذراعيه لأعلي تحية للشمس المشرقة , ومن المعروف أن قدماء المصريين ربطوا بين ساعات اليوم وبين القرود , لان ساعات اليوم مرتبطة من وجهة نظرهم بالشمس , ولاحظوا ان القردة في الصباح الباكر تهلل وتقفز عند شروق شمس الصباح , ولذلك جعلوا الاله تحوت (القرد ) سكرتيرا للاله رع (الشمس) , ولكن عدد القرود في واجهة المعبد الكبير 22 , لان ساعات اليوم في عصر الرعامسة وهو العصر الذي عاش فيه رمسيس الثاني كان 22 ساعة , وأضيفت فيما بعد ساعة للشروق وساعة للغروب.
وتهبط أشعة الشمس من القرود لتركز علي اله الشمس المشرقة رع حور أختي والذي نحت داخل مستطيل بهيئة أدمية ورأس صقر وعلي رأسه قرص الشمس , ويقف علي الجانبين الملك رمسيس الثاني ويقدم قربان الماعت ويعد هذا القربان اعلان من الملك بالحفاظ علي النظام الكوني الذي وضعته الالهة.
وتهبط اشعة الشمس إلي المدخل الرئيسي للمعبد الكبير وتتسلل لمسافة 48 مترا, وتتخطي الصالة الاولي والصالة الثانية , والصالة المستعرضة , وقدس الأقداس حتي تتركز علي الجدار الغربي الذي يستند عليه التماثيل مدة تتراوح ما بين عشرين دقيقة إلي خمس وعشرين دقيقة.
وترسم الشمس اطارا مستطيلا علي جسد الملك رمسيس الثاني والاله امون رع في قدس الأقداس , وتتحرك ناحية اليمين تجاه الكتف الايمن للاله رع حور أختي , حتى تختفي علي هيئة خط رفيع مواز للساق اليمني للإله الاخير.
وبعد خمس وعشرين دقيقة تنسحب الشمس إلي الصالة الثانية , ثم الصالة الأولي , وتختفي بعد ذلك من داخل المعبد كله.
انتشر بين الناس تفسير سبب دخول اشعة الشمس داخل المعبد , وكان التفسير هو أن يوم الثاني والعشرين من شهر أكتوبر يمثل تاريخ مولد رمسيس الثاني , واليوم الاخر (22 فبراير) يمثل مناسبة تتويجه علي عرش مصر أول مرة , ولكننا لا نعرف بدقة متي ولد رمسيس , أما تتويجه فقد حدده باحث المصريات الاسكتلندي كينيث كيتشن بيوم 18 يونيو.
ويواجهنا سؤال مهم هل قصد المصريون القدامي ان تدخل الشمس مرتين في السنة داخل هذا المعبد , وهل يوجد انحراف اجبر النحاتون القدامى علي إزاحة المعبد عن المسار الرئيسي بسبب الجبل ام لا؟ , ففي نصوص المعبد لا يوجد نص يربط المعبد مع الشمس بشكل مباشر , وفي دراسة انقاذ المعبدين لم اجد اي اشارة الي انحراف في توجيه المعبد , وفي حالة عدم وجود ادلة نصية في المعبد ولا وجود انحراف مقصود في اتجاه المعبد يتبقي امر واحد وهو العودة إلي السنة الفلكية المصرية القديمة.
والمعروف أن المصريين حسبوا سنتهم ما بين شروقيين متاليين لنجم الشعري اليمانية والذي يتوافق مع مقدم الفيضان ومع شروق الشمس ووجدوه مدة زمنية (سنة) تبلغ 360 يوما مع اضافة خمسة ايام النسيئ , وقسموا هذه السنة إلي ثلاثة فصول , اسموا الفصل الأول باسم أخت ( الفيضان ) وكان يبدأ ب 21 يونيو, والفصل الثاني برت (الزراعة ) ويبدأ يوم 21 أكتوبر , والفصل الثالث شمو (الحصاد ) ويبدأ في 21 فبراير , وهكذا يبدو ان تعامد اشعة الشمس علي قدس اقداس المعبد تتوافق مع أول يوم في كل من فصل الزراعة وفصل الحصاد , اي ان تعامد الشمس هو اشارة فلكية تحدد للاهالي موعد الزراعة وموعد الحصاد.
ويوجد علي جدران الصالة الثانية وقدس الاقداس منظر مكرر يشير الي وجود مناسبتين يتم الاحتفال بهما داخل المعبد الكبير وفيه يحمل مجموعة من الافراد مركب الاله او الملك وبالمركب كابينة كان يوضع فيها تمثال الاله او الملك , ويقوم الملك مع زوجته الملكة نفرتاري ببعض الطقوس أمام المركب , وهذا يعني انه كان بالمعبد مناسبتين أساسيتين لكل من الملك رمسيس الثاني والاله امون رع.
وفي كل مناسبة كان الكهنة يجلبون تمثالا صغيرا لاحد اصحاب المراكب المقدسة, ويجلبون مركبه الموديل من الغرفة التي تقع شمال وجنوب قدس الأقداس , ويضعون المركب وبداخله التمثال علي زحافة خشبية فوق القاعدة الحجرية وسط قدس الأقداس, ويقومون بطقوس تغيير الملابس والتزيين والتبخير وتقديم القربان, ويحملون المركب بعد ذلك, ويسيرون في الطريق المواكبي خارجين إلي الفناء الخارجي حيث ينتظرهم المتعبدون ليقدمون القرابين إلي الإلهين.
التفسير الفلكي للظاهرة
تقدم القدماء المصريين في علوم الفلك.. يؤكد استفادتهم الكاملة بظواهره في حياتهم العامة وأنهم كانوا يعرفون خصائص شروق الشمس وغروبها ومواقيتها ومواقعها وطول السنة الشمسية.
فتعامد الشمس على معبد أبى سمبل مرتين في العام تستند إلى حقيقة علمية اكتشفها قدماء المصريين وهى أن لشروق الشمس من نقطة الشرق تماماً وغروبها من نقطة الغرب تماماً في يوم الحادي والعشرين من شهر مارس ثم تتغير نقطة الشروق بمقدار ربع درجة تقريباً كل يوم إلى ناحية الشمال حيث تصل في شروقها إلى نقطة تبعد بمقدار 23 درجة و 27 دقيقة شمال الشرق في الثاني والعشرين من شهر يونيو.
الشمس تعود مرة أخرى لتشرق من نقطة الشرق تماماً بنفس معدل تحركها تجاه الشمال لتصل إلى نقطة الشرق تماماً في الحادي والعشرين من شهر سبتمبر، ثم تتغير نقطة شروق الشمس بمعدل ربع درجة تقريباً ناحية الجنوب لتصبح على بعد 23 درجة و 27 دقيقة جنوب الشرق في الثاني والعشرون من شهر ديسمبر من كل عام ثم تعود بنفس المعدل لتصل إلى نقطة الشرق تماماً في الحادي والعشرين من شهر مارس.
استند قدماء المصريين في اكتشافهم إلى أن الشمس تمر على كل نقطة في أثناء شروقها وغروبها مرتين في كل عام، وان المسافة الزمنية بينهما تختلف تبعاً لبعد كل نقطة عن نقطة الشرق تماماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.