رغم تأكيدات رئيس الوزراء الدكتور هشام قنديل بعد التوقيع المبدئي لقرض صندوق النقد الدولي بأن المواطن المصري البسيط لن يتحمل أعباء هذا القرض فإن واقع الحال يثبت كذب هذه الادعاءات خاصة أنه بالفعل وبمجرد الإعلان عن توقيع هذه الاتفاقية ارتفعت أسعار جميع السلع من 2% إلي 5% حسب كل سلعة, فعلي صعيد المواد البترولية فقد ارتفعت أسعار سولار وبنزين 95 بعد رفع الدعم الحكومي عنه واختفاء بنزين 80 تمامًا من الأسواق مما ترتب عليه زيادة ثمن تذكرة أو تعريفة المواصلات علي مستوي الجمهورية, فقد ارتفع سعر تعريفة الميكروباص والأتوبيس العام ونتج عنه ارتفاع سعر الخضراوات والفواكه وباقي السلع الاستهلاكية التي تنقل عبر وسائل النقل، حيث تقع التكلفة في النهاية علي كاهل المواطن البسيط، خاصة أن جميع المدخلات الاقتصادية التي يتم بيعها للمواطن تتأثر تأثيرًا كبيرًا بما تقوم به الدولة من اتفاقيات علي الصعيد المحلي والدولي. ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات سابقًا: أن السمة الوحيدة الإيجابية لاتفاقية صندوق النقد هي إعطاء ثقة من المنظمات الخارجية في قدرة الاقتصاد المصري علي التعافي والتي لها نتائج خطيرة علي المجتمع المصري لا تحصي ولا تعد علي المستوي الاجتماعي من حيث قلة قيمة الدخل الشهري للمواطن أمام ارتفاع الأسعار بسبب ارتفاع الطلب علي المعروض وتضاؤل قيمة الجنيه المصري خاصة أن رفع الدعم عن بنزين 95 لن يكون الأخير في سلسلة الإصلاحات الاقتصادية المزعومة التي تم الاتفاق عليها في بنود صندوق النقد الدولي, كما أن هناك تفاوضات باقتراض 16 مليارًا في طريقها إلي الخزينة العامة من كل من قطر وأمريكا والاتحاد الأوربي، مشيرًا إلي أن هذه الأموال لن تستخدم في ضخ استثمارات جديدة تسهم في خروج الاقتصاد المصري من أزمته، بل سوف يستخدمها الإخوان لتحسين صورتهم أمام الرأي العام من خلال تلبية المطالب الفئوية وتحسين الخدمات علي حساب الاقتصاد المصري الذي سوف يتكبد في النهاية خسائر فادحة عن طريق دفع أقساط وفوائد قد تزيد علي الدخل القومي ب 20%، وهذا يجعل المواطن المصري يكبل بارتفاعات جديدة في الأسعار وقلة في القدرة الشرائية وانخفاض مستوي الدخل، فهو مطالب في النهاية بتسديد الأقساط عن طريق فرض الحكومات الحالية والقادمة ضرائب جديدة تحت مسميات مختلفة لزيادة موارد الخزينة العامة المطالبة بتسديد فوائد هذه القروض. ويقول عبد العظيم أيضًا إن رفع الدعم عن بنزين 95 سوف يخلق أزمة جديدة في الأنواع الأخري من البنزين، حيث سيكون هناك تكدس أمام محطات البنزين مع استقرار الكمية المعروضة من هذه الأنواع.. تداعيات خطيرة من جانبه أكد أسامة عبد الخالق الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية أن أهم التداعيات المترتبة علي قرض صندوق النقد الدولي هي خفض القيمة الشرائية للجنيه المصري وهذا سوف يترتب عليه تداعيات خطيرة أيضًا منها ارتفاع أسعار السلع والخدمات وظهور المطالب الفئوية والمطالبة بزيادة الأجور لتتوافق مع ارتفاع الأسعار. ويؤكد عبد الخالق أن القرض سيؤدي إلي حالة من الغليان لدي الرأي العام بدأت بوادره مع رفع أسعار البنزين والسولار والسلع الغذائية، خاصة أن تكلفة الإنتاج سوف تصل إلي مستويات غير مسبوقة نتيجة انخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية في استيراد المواد الخام، وهذا سوف يترتب عليه كذلك ارتفاع السلع الاستهلاكية بشكل غير مسبوق، كما أنه سيؤدي إلي زيادة معدلات التضخم وهذا سوف يترتب عليه ارتفاع أسعار جميع الخدمات المقدمة وأمام هذا الانخفاض في القيمة الشرائية للجنيه المصري يأتي بند إلغاء الدعم عن السولار والبنزين والبوتاجاز، وبعد أن كانت أنبوبة البوتاجاز سعرها مدعومة ب 20 جنيهًا ستصل إلي 35 جنيهًا و50 جنيهًا. ويضيف: أن المواطن الذي يتقاضي 3 آلاف جنيه يكون الدخل الحقيقي له فيما يخص القدرة الشرائية له 1500 فقط وتلك كارثة كبيرة من ناحية أخري. وتقول الدكتورة عالية المهدي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إن التضخم أرتفعت معدلاته بشكل غير مسبوق فهي يمثل حاليًا 18% ومن المتوقع أن يصل الي 35% عقب إبرام هذه الصفقة نتيجة لاختلال معادلة التوازن بين العرض والطلب في الأسواق المصرية وارتفاع أسعار المواد الخام عالميًا وارتفاع تكلفة إنتاجها محليا وهذا سوف يلقي بتبعاته علي حركة الإنتاج، حيث إنه من المتوقع أن يلجأ أصحاب المصانع إلي الاستغناء عن عدد كبير من العمالة وبالتالي زيادة البطالة. وتشير المهدي إلي أن القول بأن المواطن المصري لن يتحمل أعباء هذا القرض هو أكذوبة لا يصدقها أحد خاصة أن الدولة جعلت من المواطن المصري الهدف الرئيسي لزيادة مواردها مرة برفع الضرائب علي الدخل ومرة بضرائب تصاعدية ومرة بارتفاع قياسي في الأسعار لا يتناسب بأي حال من الأحوال مع دخل المواطن البسيط فهو في النهاية المعني بدفع فوائد هذه القروض التي تحصل منه ومن المتوقع أن يظل الموطن المصري يدفع أقساط وفوائد هذه القروض علي مدار 50 عامًا، فمن المتوقع أن تتسلم مصر المليار الأول المقبل من قرض الصندوق خلال الأسبوع وسيتم استغلاله في تلبية المطالب الفئوية وتحسين صورة الإخوان.