إن تطور تكنولوجيا الاتصال وتغيراتها السريعة المتلاحقة قد فتح افاقا واسعة للتواصل بين الناس، متخطيا حدود الزمان والمكان، ولم يعد هناك من ينكر دور شبكة الانترنت فى ذاك. ففى نهاية عام 2007 قدم القضاء المصرى اعترافا موثقا بوجود وسيلة جديدة للاعلام لها كافة الحقوق التى كفلها القانون، يدعم بها حرية الرأى والتعبير، وينطبق عليها كل ما ينطبق على وسائل الاعلام القائمة من ضمان للحريات، وحظر الرقابة والانذار والايقاف أو الالغاء بالطريق الادارى، باستثناء ما يرتبط منها بالسلامة العامة أو أغراض الامن القومى، وذلك فى حكم القضاء الادارى فى القضية رقم 15575/61 التى رفعها أحد رجال القانون مطالبا بغلق 49 مدونة وموقع على شبكة الانترنت، لارتكابها - كما ادعى - جرائم تمس أمن واستقرار الوطن، وجاء رفض الدعوى تأكيدا لكفالة حرية المدونات ومساواتها بالصحف المطبوعة، ورأت المحكمة فى حكمها أن حجب موقع للصحافة الالكترونية هو من ذات جنس حظر صحيفة مكتوبة بجانب أن كل ذلك قيد على حرية التعبير محظور دستوريا. ولا شك ان لهذا الحكم دلالة قانونية واضحة بأهمية الحفاظ على حقوق وسائل الاعلام وحرية التعبير عن الرأى، وعلى صعيد آخر أكد الحكم ضرورة الاعتراف بوجود وسائل جديدة تتمتع بنفس حقوق وواجبات وسائل الاعلام التقليدية، فهى أدوات تتيح لكل فرد ممارسة حريته فى الحصول على المعلومات والأفكار والآراء ومشاركتها مع الآخرين سواء بالقول او الكتابة او التصوير ..الخ وبدون أي وسيط أو وصي على حرية تداول المعلومات والتعبير عن الرأى. لقد أصبح الاعلام الجديد قوة لا يستهان بها، وتصعب السيطرة عليه أو الحد من تأثيره، حتى اضطرت وسائل الاعلام التقليدية للحاق بركبه، فأنشأت القنوات والصحف ووكالات الأنباء مواقع الكترونية تتواصل من خلالها مع الجمهور، وتتابع الآراء وردود الأفعال، وباتت مواقع التواصل الاجتماعي مصدرا رئيسيا تلجأ إليه وسائل الاعلام التقليدية لمعرفة أهم القضايا التى تشغل الرأى العام، لتبدأ فى تفنيدها وعرضها وتناولها بالبحث والتحليل، مما جعل الرأى العام فى أغلب الأحيان صاحب اليد العليا فى الاهتمام الاعلامى بقضية دون غيرها، ولكن هل هذا الأمر يخلو من السلبيات؟!!