مازلت أصداء حادث القطار المروع تخيم علي أحاديث المصريين، ولقاء السائق المستفز لمشاعر ملايين المشاهدين عالقا بالأذهان، البعض يراه مقصرا، فبالرغم من خبرته البالغة 25 سنة بعمله المنحصر في قيادة قاطرة من الورشة للمحطة والعكس إلا أنه أساء التصرف وتسبب في الكارثة، والبعض مقتنع أنه يد منفذة لحادث تخريبي متعمد خاصة أنه راوغ - خلال لقائه مع الابراشي - فيما يخص محل سكنه 'لا مش ساكن في القاهرة، كنت في القاهرة، دلوقتي في المنوفية، باجي يوميا من المكان اللي ساكن فيه، كنت في طنطا، حسب الظروف'، مع أقاويل عن انتمائه لمنطقة كرداسة التي كانت معقلا – في وقت سابق - للإرهابيين، وأن ابتسامته الشامتة تنفيذ لموروثات الجماعة الارهابية بخصوص إظهار القوة وتوجيه رسائل خاصة لمن ينتمي إليهم بالصمود، في حين يري آخرون أن رد فعله اللامبالي يدل علي تعاطيه لمواد مخدرة تجعله فاقدا للاحساس.. لكن تبقي كلها مجرد وجهات نظر تحتاج للتأكيد أو النفي من جهات التحقيق. أما اللقطات الأهم فهي تلك الخاصة بالدقائق الأولي بعد وقوع الحادث، هؤلاء الضحايا المشتعلة أجسادهم يهرولون من الفزع والألم، يصرخون، يستغيثون، وللأسف يفر بعض المحيطون بهم خوفا، في حين يسرع آخرون لانقاذهم بالبطاطين و'جراكن' المياه، في ملحمة إنسانية قادها مواطنون مصريون بسطاء. وهنا يبزغ السؤال الأهم، أين وسائل الأمان في محطة تم تجديدها مؤخرا بملايين الجنيهات؟! أين منظومة الدفاع والحماية المدنية وخطط مكافحة الحرائق بكل ما تشمله من وسائل إنذار، طفايات الحريق التقليدية، ووسائل الإطفاء الحديثة المخصصة للسيطرة علي النيران؟!.. إلخ لن أتساءل عن خطة إدارة وتطوير وصيانة السكك الحديدية بقطاراتها وقضبانها ووسائل أمان مستخدميها ومحطاتها، فقد هرمنا ونحن نطالب بها، لكن ينتابني الفضول لمعرفة ماهية خطة الاخلاء - إن وجدت - الموضوعة لتنفيذها في حالة الطوارئ بمحطة يرتادها ما يفوق المليون راكب يوميا وتعد المحطة الرئيسة للعاصمة!! ولماذا تتقاعس الجهات المسئولة إعلاميا عن تقديم حملات توعية سلوكية ارشادية بكيفية التصرف وقت الخطر بدلا من الاعتماد علي الاجتهاد الفردي للمواطن الشهم الأصيل الذي قد لا تكفي نيته الحسنة بمفردها للحيلولة دون سقوط ضحايا؟!