عندما أضافت السكة الحديد صفة المميز علي بعض قطاراتها, فهمت أن المميز يتميز عن القطار الذي يقف علي جميع المحطات, بما فيها القري, فالمميز يقف علي محطات المراكز الكبيرة, ويقطع مسافة أطول من قطار القري والضواحي, وفي هذا يشبه المميز القطار المكيف من حيث محطات الوقوف والمسافة والأطوال. هذه التعريفات المستمدة من الواقع الرسمي, ظهرت لها جوانب أخري خلال سفري من الجيزة إلي أسيوط أخيرا, فالمكيف كان تكييفه عطلانا, مما استدعي تحرك راكب شهم بين العربات بحثا عن فني الصيانة بالقطار, وبذل الراكب والفني جهودا لم أشعر معها بفارق بين غياب التكييف وعودته, لأنه مع قطع أكثر من نصف المسافة انخفض عدد الركاب لنزول بعضهم, مما قلل من عدد المتنفسين للهواء داخل المساحة الواحدة الواسعة لعربة القطار, وفي رحلة أو وحلة العودة, أي السير في الوحل, فوجئت برداءة القطار الموصوف ب المميز, فبعد المرور فوق أرضية متسخة وعليها بقايا ورق وقشر لب وأعقاب سجائر, حاولت دخول دورة المياه في أكثر من عربة من عربات القطار, لكن للأسف رائحة البول تزكم الأنوف لأكثر من مترين. هنا تذكرت أن مقولة قطار الصعيد غير آدمي في هذه الناحية مقولة صحيحة, وتكرر معي مشهد دورات المياه الرديئة في عدة عربات, ولفت هذا انتباهي لسلبيات أخري,فقد عاد باعة المأكولات العارية, وبكثرة, بعد أن كانت الظاهرة قد اختفت عقب حريق قطار الصعيد. وتجرأ عدد قليل علي التدخين بالرغم من مخالفة ذلك للقانون وتهديده بنشوب حرائق وتكرار الكوارث. فالتميز هو غياب الشرطة والصيانة, والحكومة التي يرأسها وزير نقل أسبق تركز اهتمامها علي محطة القاهرة التي تعتبر مهمة سياحيا, لكن الأهم منها هو قطارات الصعيد, فالجو السياسي ملبد بالغيوم, وكانت إحدي شكاوي جنوب العراق في عهد الرئيس الراحل صدام حسين أنه كان هناك إهمال في وسائل نقل سكان الجنوب من وإلي العاصمة بغداد, لذلك أناشد وزير النقل ورئيس مجلس الوزراء أن يهتما بقطارات الصعيد لتصبح آدمية. المزيد من مقالات عاطف صقر