علي الرغم من انني لست من مؤيدي ارتداء النقاب الاانني لا انكر ما اشعر به من تعاطف شديد مع المنتقبات خلال الفترة الاخيرة خاصة بعدما تعرضن للعديد من اجراءات المنع والتقييد التي خلقت لديهن ولدي غيرهن احساس بانها تاتي في اطار حملة منظمة لاجبارهن علي خلع النقاب باستخدام كل وسائل الضغط والترهيب وكان الدولة جندت كل مؤسساتها لتحقيق هذا الهدف لتحرمهن المدن الجامعية من الاقامة فيها حتي بعدما اكدت احكام القضاء احقيتهن في ذلك لتؤكد في حيثيات الحكم ان ارتداء النقاب احد مظاهر الحرية الشخصية ولا يجوز لاي جهة حظر ارتدائه مطلقا. فيؤدي هذا الحرمان الي ارتباك حياة هؤلاء الطالبات مع بداية العام الدراسي خاصة وان الكثيرات منهن لا بديل لديهن سوي السكن في المدينة الجامعية ويستمر الموقف الرافض لوجودهن بالمدن الجامعية حتي بعد موافقتهن علي الكشف عن هويتهن امام من تحدده ادارة الجامعة للقيام بهذه المهمة حتي وان كان رجلا لتستمر هذه الاجراءات بقرار وزارة التعليم العالي بعدم السماح للمنتقبات بدخول الامتحانات الا اذا خلعن النقاب تماما اثناء الامتحان دون الاكتفاء بمجرد التحقق من الشخصية وتنبري كل المؤسسات الدينية الرسمية وبشكل مكثف وكأنها استيقظت فجاة لتجد المنتقبات يملأن الشوارع فتعلن حربها علي النقاب وتؤكد انه ليس له صلة بالدين وانه عادة وليس عبادة بل ويغير بعض المشايخ الرسميين من ارائهم السابقة عن النقاب. تعقد الندوات وتصدر الكتب وتساق الحجج بدواعي الامن والنظام العام واحتمالات التخفي وراء النقاب لارتكاب الجرائم فترد المنتقبات باستعدادهن لكشف وجوههن للتحقق من شخصيتهن عند الدخول لهذه الاماكن كما كان يحدث من قبل ولكن يستمر الرفض لوجودهن طالما يرتدين النقاب. يشعرن بالاضطهاد وبان الدولة تحاربهن ويتنامي هذا الاحساس بافكار يغذيها مشايخ اخرون في بعض الفضائيات والمساجد يقولون عكس ما يقوله المشايخ الرسميون يؤكدون ان النقاب فرض وان الدولة تحارب الدين فتحمي العري وترفض النقاب يشدون من ازر المنتقبات ويدعوهن للتمسك بالنقاب حتي وان كلفهن ذلك خسران عام دراسي بحرمانهن من دخول الامتحانات فيزداد اصرار الفتيات وعنادهن خاصة مع سيل الاتهامات وحملة التفتيش في النوايا التي يتعرضن لها فتارة يجدن انفسهن متهمات بالتخلف والرجعية ويمثلن ثقافة متعفنة او لوبي سلفي او وهابي يسعي لفرض صوته واثبات قوته في الشارع المصري او انهن يتسترن خلف النقاب لارتكاب بعض الجرائم اقلها الغش في الامتحانات او افعال تنافي الاداب والاخلاق اوان النقاب يخفي ورائه وجوه قبيحة او فقر شديد يتخذ من الرداء الاسود وسيلة للهرب من نفقات ملبس متنوع .وبالطبع يزداد مع كل هذه الاتهامات اصرار المنتقبات علي موقفهن في التمسك بارتداء النقاب ورغم ما يعانونه يتولد لديهن احساس بنشوة الفخر التي يشعر بها الشباب حين يقفون امام ارادة دولة وحكومة ومؤسسات رسمية فقدت ثقة مواطنيها في كل ماتقوله او تفعله .تتحول قضية النقاب الي حالة حرب تقف فيها الدولة ومؤسساتها امام مجموعة من الطالبات الصغيرات اللاتي يكتسبن مزيدا من التعاطف ليس بسبب الاقتناع بالنقاب ولكن بسبب القسوة التي تعرضن لها من مؤسسات الدولة التعليمية والدينية والتي عجزت عن التعامل معهن بالحكمة والموعظة الحسنة وبالمنطق والاقناع فلجات الي استخدام اساليب الضغط والقهر وتخيلت ان تمتثل الفتيات لهذه الاساليب وان يتغير بين ليلة وضحاها حصاد افكار نشأت خلال سنوات وحتي وان اجبرتهن هذه الاساليب علي خلع النقاب فهل تستطيع تغيير ما تحويه رؤسهن من افكار وما يتولد لديهن من مشاعر القهر والكراهية للدولة والمجتمع الذي لم يحترم ارادتهن وحريتهن واجبرهن علي فعل مالايقتنعن به.بالطبع فان هذه المشاعر ستكون اشد خطرا من مخاوف مؤسسات الدولة من النقاب .فهل تتراجع تلك المؤسسات عن سياساتها القمعية ضد المنتقبات وهل تلجأ للحوار والاقناع لتبني جسرا تصل من خلاله الي عقولهن لانهن في النهاية بناتنا واخواتنا فرفقا بهن.