غريب أن تبادر أمريكا بإرسال قوة عسكرية خاصة تضم مائة وخمسين رجلاً إلي الأردن للتمركز قرب الحدود السورية بدعوي مساعدة الأردن علي التعامل مع اللاجئين السوريين .. الذريعة واهية والمهمة مشبوهة ولا أدل علي ذلك من أن الأردن لا يحتاج إلي خبرات وافدة من الخارج فهو قادر علي القيام بهذه المهمة بمفرده في إطار كفاءته المشهود لها من الجميع، فلقد سبق له وتعامل من قبل مع اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين والسوريين وبالتالي فهو لا يحتاج إلي خبرة عسكريين أجانب، فخبرته تجب خبرة الجميع. ما يخشاه البعض أن تكون هذه المجموعة العسكرية مقدمة لأعداد أكبر من الجنود الأمريكيين ممن قد يفدوا إلي الأردن لاحقًا توطئة لتدخل عسكري في سوريا بدعوي إنهاء الأزمة الحالية، ولربما يأتي تحركهم تحت دعوي السيطرة علي الأسلحة الكيماوية السورية احترازًا من أن تقع في أيدي جماعات إرهابية .. وكانت الذريعة نفسها قد تم استدعاؤها من قبل عندما جرت مناورات 'الأسد المتأهب' غربي الأردن قرب الحدود السورية الجنوبية وهي المناورات التي اختتمت قبل نهاية مايو الماضي وشاركت فيها قوات تضم 12 ألف جندي من نحو 19 دولة علي رأسها أمريكا، فلقد جرت تحت دعوي تأمين الأسلحة الكيماوية السورية في حالة حدوث فراغ أمني فيما إذا انهار النظام وهدفت في الأساس إلي التدخل السريع للسيطرة علي الوضع عندئذ. أما المهمة الرئيسية التي ستضطلع بها القوة الأمريكيةالجديدة فهي مساعدة الجماعات المسلحة التي تقاتل ضد النظام في سوريا .. ليضاف هذا إلي ما تقوم به قوات أمريكية استخباراتية تتمركز في تركيا وتتولي مهمة توزيع الأسلحة علي هذه الجماعات التي يغيب عن أفرادها للأسف المصير الذي ينتظرها علي يد أمريكا بعد أداء المهمة، فأمريكا تستخدمهم كأداة لتنفيذ مخططاتها ومن ثم يجري تصنيفهم كثوار يتعين عليها عندئذ دعمهم لإسقاط النظام .. حتي إذا ما انتهت المهمة صنفتهم أمريكا كإرهابيين ينبغي تصفيتهم تمامًا مثلما حدث في ليبيا عندما استخدمت الثوار لاسقاط نظام القذافي حتي إذا ما انتهت المهمة الموكولة لهم بادرت بالانقلاب عليهم وصنفتهم كإرهابيين ولاحقتهم اعتقالاً وقتلاً. يتعين علي الأردن اليقظة وألا تستدرج إلي هذا الفخ الذي تنصبه أمريكا والذي قد يكون مقدمة لحرب طويلة مدمرة لأكثر من دولة في المنطقة .. نعم يتعين علي الأردن اليقظة حيال التداعيات التي قد تنعكس عليها بالسلب فيما إذا سقط النظام السوري، فلن يكون مستبعدا عندئذ أن يجري استهداف الأردن لتنفيذ المخطط الرامي إلي أن يصبح الوطن البديل للفلسطينيين، ولا يخفي فإن لأمريكا أجندتها الخاصة في المنطقة الهادفة إلي استئصال الدول العربية من خلال تفتيتها وزرع الاحن فيما بينها خدمة لإسرائيل .. ويساعدها في ذلك للأسف أنظمة عربية اختلط عليها الموقف فلم تستطع أن تفرق بين العدو والصديق، فكل ما يهيمن عليها هو البقاء في السلطة، والنموذج ماثل أمامنا فيما فعلته تلك الأنظمة عندما سارعت بدعم أمريكا في غزو الععراق عام 2003 وما تبع ذلك من اجتثاث الجيش وتدمير الدولة وإعدام رئيسها يوم عيد الأضحي. ما يحدث في سوريا علي يد سيناريو المؤامرة الممنهج الذي تقوده أمريكا هو نسف للاستقرار وضياع للأمن وتبديد للهوية كي تنتهي الدولة ويتم استئصالها، يحز في النفس أن نري سوريا المقاومة يتم دكها وتدميرها وقتل أبنائها ليل نهار من قبل عصابات مسلحة تحت دعوي التغيير، فإذا كان التغيير بهذه الشاكلة فبئسًا للتغيير ومرحبًا بالدكتاتورية.