أطل علينا مجدداً، لا أعرف من أين استقي معلوماته، لكنه راح يتحدث بكل ثقة، ويؤكد مصداقيتها، بل ويتفاخر بأنه عليم ببواطن الأمور، وأنه لا يقول ولا يردد سوي الحقائق، لوجه الله والوطن..!! فرقعة حسن البرنس هذه المرة كانت مدوية، الرجل يريد أن يكون دوماً تحت الأضواء، لن يهتم كثيراً بردود الأفعال، فهو لديه حالة من 'البرود' الشديد، يكسوها دوماً بابتسامة يسميها البعض 'صفراء'، لكنني أسميها 'تهكمية'، تعطيه مذاقاً خاصاً وتجعله دوماً حديث المجالس!! خلال الأيام القليلة الماضية أطلق البرنس 'فرقعة' دوت في جميع الأوساط، وأصبحت حديث العامة من الناس، علق عليها الكثيرون، واستندوا إلي ما قيل كدليل جديد علي طهارة الرئيس ونزاهته ونظافة يده!! قال 'البرنس' لا فض فوه، إن السبب الحقيقي وراء قرار الرئيس بعزل الفريق حمدي وهيبة الرئيس السابق للهيئة العربية للتصنيع هو قيام الفريق بإبلاغ الرئيس أن له نسبة 10٪ من صافي أرباح الهيئة العربية للتصنيع وأن هذه النسبة تبلغ نحو 2 مليار جنيه، وأن له هو الآخر نسبة حوالي 5٪، وأن هذا العرف جري العمل به أيام الرئيس السابق حسني مبارك الذي كان يحصل علي نسبته من الأرباح سنوياً..!! لم أصدق هذه الرواية الخيالية، ثم عاودني الشك، وتساءلت هل معقول يجرؤ 'البرنس' علي نشر هذه المعلومة الخطيرة إن لم يكن علي ثقة كاملة منها، وعندما قرأت تصريحاً للمتحدث الرئاسي د. ياسر علي يؤكد فيه أنه لن يعلق علي ما ذكره البرنس لأن أية معلومات أو أخبار تخص رئاسة الجمهورية مسئول عنها الرئيس أو متحدثه الرسمي فقط؟ هنا أدركت مدي المأزق الذي أوقع فيه 'البرنس' الجميع بلا استثناء!! لقد علمت أن رئيس الهيئة العربية للتصنيع الجديد أجري اتصالاً برئيس الجمهورية يطلب فيه الإذن بالرد علي هذه المعلومة الكاذبة التي أساءت للهيئة ولرئيسها السابق، فأذن له الرئيس علي الفور بالتكذيب. وكم كانت 'الفضيحة' بجلاجل عندما صدر بيان من رئيس الهيئة الحالي ثم تلاه بيان من الرئيس السابق ينفيان فيه هذه الواقعة جملة وتفصيلاً، ذلك أنه لم يحدث أن قام الفريق حمدي وهيبة بتقديم هذا العرض للرئيس، كما أنه لا يوجد من الأساس نسب في الأرباح توزع للرئيس ولرئيس الهيئة كما زعم 'البرنس'!! لقد تصورت أن يبادر الدكتور حسن البرنس بتقديم اعتذار عن هذه 'الأكذوبة' التي أراد بها مجاملة الرئيس، غير أنه لم يعط الأمر اهتماماً، بل راح بعد ذلك يطلق 'فرقعة' جديدة قال فيها إن الشهيد الراحل 'سيد قطب' كان العضو المدني الوحيد في مجلس قيادة ثورة 23 يوليو، وهذا اكتشاف بالغ الأهمية انفرد به كالعادة الدكتور 'البرنس'، حتي وإن أنكره جميع المؤرخين ومن بقي علي قيد الحياة من الضباط الأحرار!! إنني لا أريد أن أعدد 'السقطات' التي وقع فيها حسن البرنس، أو بالأحري أوقع فيها نفسه عامداً متعمداً، بيد أن الحسبة النهائية تقول إن الرجل يشكل نموذجاً جديداً لهؤلاء الذين يكذبون ويكذبون حتي يصدقون أنفسهم!! وبحسبة بسيطة لحساب المكسب والخسارة فإن تصريحات 'البرنس' وادعاءاته لا تضير فقط رئيس الجمهورية أو كل من يتحدث باسمه وينسب إليه أقوالاً وأفعالاً لم تحدث، وإنما أيضاً يضر بالجماعة التي ينتسب إليها، حتي أضحي الناس يؤمنون بأن تصريحات البرنس تأتي بطلب من جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة!! إن ما يثير علامات الاستفهام هو أن بعضاً من قيادات الجماعة تلك تطلق التصريحات وتعلن عن إجراءات وتمارس التسلط علي العديد من الأجهزة الإدارية وتنسب لنفسها أدواراً وتغتصب سلطات لتسيء للرئاسة والحكومة والجماعة ومع ذلك لا أحد يكبح جماحهم أو يطلب منهم التوقف، أو مراجعة الجهات المعنية، وكأن هناك اتفاقاً مسبقاً للقيام بهذه الأدوار!! إن ما تشهده الساحة هذه الأيام، يذكرني بالدور الذي كان يقوم به 'سمير رجب' رئيس تحرير جريدة الجمهورية الأسبق، حيث نصب نفسه متحدثاً باسم الرئيس، وصانعاً للقرارات، وآمراً للجميع، ورويداً رويداً راح الكثيرون يصدقونه، ويعاملونه علي أنه الأقرب للرئيس، والأكثر قدرة علي إقناعه بما يريد، فأصبح يحكم ويتحكم من خلف ستار.. فكان سبباً من أسباب الاحتقان ضد الرئيس السابق!! وإذا كان 'البرنس' ومن يمضي علي نهجه قد أوكلت إليهم مناصب لا نعلمها فليقولوا لنا حدود أدوارهم وماهية هذه المناصب، حتي ندرك حقائق الأمور، أما أن يغتصب بعض من رجال الجماعة أدواراً فيها تجاوز علي سلطات المسئولين في الدولة، فهذا يجعلنا نعيد طرح السؤال القديم الجديد عن الحدود الفاصلة بين سلطة الجماعة وسلطة الدولة!!