لعب إضراب صحفيي جريدة الشعب بمقر نقابتهم دورا كبيرا في نتيجة الجولة الأولي لانتخاب نقيب الصحفيين الجديد. كان منظر المضربين عن الطعام وهم يفترشون الأرض في بهو النقابة صادما لأعضاء الجمعية العمومية، وكاد المرشح الحكومي مكرم محمد أحمد أن يسقط أمام المرشح المستقل ضياء رشوان، وهذا ما جعل الدولة بكل أجهزتها تتدخل لإبرام اتفاق مع الصحفيين المضربين والمعتصمين منذ شهور لإنهاء الإضراب بعد سنوات من التجاهل والعناد.. ومع كثرة ما ينشر من معلومات غير دقيقة عن حل أزمة صحفيي الشعب فان هناك بعض الملاحظات الجديرة بالتوضيح، خاصة أن الإعلام الحكومي تعمد الكذب كثيرا في هذا.. الملف وروج أكثر من مرة معلومات غير صحيحة لإخفاء المراوغة الحكومية للهروب من تحمل المسئولية. أولا: هذا الاتفاق لا يعني التنازل عن حقنا في عودة جريدة الشعب وتنفيذ أحكام القضاء ببطلان قرارات لجنة شئون الأحزاب التي عطلت الجريدة عن الصدور منذ عام 2000 وحتي الآن، فهناك 14 حكم قضائي واجب النفاذ بعودة الجريدة، وتمتنع الدولة عن تنفيذ هذه الأحكام. ويقتصر هذا الاتفاق علي مطالب مالية ومهنية لصحفيي جريدة الشعب ولم يتطرق إلي الشق السياسي المتعلق بعودة الجريدة، فالأستاذ مكرم محمد أحمد أعلن منذ اليوم الأول عدم قدرته علي التحرك لعودة الجريدة مبررا موقفه بأن هذا الموضوع أكبر منه ويحتاج إلي قرار سياسي من القيادة السياسية. ثانيا: ما أعلن هو اتفاق للحل وليس حل نهائي للأزمة، أي أننا ننتظر التنفيذ، فما تم هو دفع المتأخرات التأمينية حتي عام 2000 فقط ولم يتم دفع المتأخرات عن فترة التوقف من 2000 وحتي 2009 رغم وجود شيك بمليون و300 ألف جنيه في المجلس الأعلي للصحافة، وتم ترحيل باقي المطالب إلي ما بعد الانتخابات في مدة أقصاها شهر، وسنري ما إذا كانت الدولة ستلتزم بالاتفاق أم لا. ثالثا: جاء هذا الاتفاق لتحسين موقف المرشح الحكومي الأستاذ مكرم محمد أحمد لإنقاذه، بعد النتيجة التي حققها ضياء رشوان في الجولة الأولي والتي أربكت الحكومة وأصابتها بالدوار، وهذه النتيجة دفعت الأستاذ مكرم إلي الإعلان عن الانسحاب من المعركة إن لم تستجب الدولة لمطالب صحفيي الشعب، وأعلن في حوار مع احدي الفضائيات المصرية المستقلة أنه ذهب إلي رئاسة الجمهورية مهددا بالانضمام للإضراب إن لم يستجب وزير المالية الدكتور بطرس غالي ويدفع مستحقات صحفيي جريدة الشعب. رابعا: لم يكن هذا الاتفاق وما به من الاستجابة لمطالب صحفيي الشعب يعني مبايعة الأستاذ مكرم والحصول علي أصواتهم في الانتخابات، وإنما كان مقابل فك الإضراب عن الطعام ووقف الاعتصام المستمر منذ 6 شهور كاملة، والذي كان هو السبب الأول في تشويه صورته أمام الصحفيين وفشله في الفوز من الجولة الأولي. فالاتفاق لم يغير مواقفنا .. وكان موقفي أنا شخصيا معلنا بتأييد الصديق العزيز وابن بلدي – أرمنت - ضياء رشوان، وتعمد بعض زملائي في يوم الإعادة رفع لافتات وترديد شعارات لتأكيد هذا المعني. الذي يؤسفنا هو موقف بعض المسئولين في الدولة المتعنت ضد صحفيي الشعب، والإصرار علي تجاهل حقوق والتزامات مفروضة علي الدولة بحكم إغلاق الجريدة ورفض عودتها إلي الصدور، فالدولة منذ مايو 2000 وعقب إغلاق "الشعب" التزمت بدفع رواتب الصحفيين بجريدة الشعب بعد اعتصام وإضراب عن الطعام مشابه للاعتصام الأخير، وطوال هذه الفترة رفضت الدولة تنفيذ أحكام القضاء بعودة الجريدة وفك تجميد حزب العمل، وبالتالي كان لزاما عليها تحمل تبعة رفضها تنفيذ أحكام القضاء ودفع رواتب الصحفيين. وللعلم فان إجمالي رواتب صحفيي الشعب حاليا 17 ألف جنيه شهريا، والإجمالي بعد التسوية المطلوبة حوالي 50 ألف جنيه أي أن ما يتقاضاه صحفيو الشعب يساوي مرتب شخص واحد من مستشاري وزير المالية!! إن حقوق صحفيي الشعب سواء المتواجدين داخل مصر أو العاملين في الخارج '50 صحفي' ملزمة للدولة وليست منحة أو إعانة، طالما أن الدولة لا تحترم الدستور وترفض عودة صدور جريدة الشعب. ليس أمام الدولة إلا أن تتحمل تكلفة مصادرة الجريدة التي لم تمت رغم مرور عقد كامل. جريدة الشعب كالشهيد الحي، مغلقة ومصادرة منذ سنوات ولكنها باقية في ضمير المصريين.