الحياة الزوجية و فن امتصاص الغضب

من نعم الله الكبيرة علي بني آدم نعمة الزواج ' و من اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها و جعل بينكم مودة و رحمة ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون ' بل ان الزواج نصف الدين - اذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الاخر - قال القرطبي : و معني ذلك ان النكاح يعف عن الزني و العفاف احد الخصلتين اللتين ضمن رسول الله صلي الله عليه و سلم عليهما الجنة فقال ' من وقاه الله شر ما بين لحييه و رجليه دخل الجنة ' فالزواج مقصود شرعي و ضرورة ملحة لتحقيق السعادة و الارتواء العاطفي و الذي يتحقق به الاستقرار الاسري و الذي يقوم علي قواعد اساسية من اختيار الدين و الخلق و من ثم الكفاءة بين الزوجين و من ثم بعض الامور الصغيرة و التي تجدد الحياة الزوجية و تدخل السعادة لكل قلبين
قال صلي الله عليه و سلم في فضل كتم الغيظ ' من كتم غيظا و هو قادر علي ان ينفذه دعاه الله علي رؤوس الخلائق حتي يخيره من اي الحور شاء '
فماذا انت فاعلة لو قال لك زوجك كلمة اثارة غضبك فلا شك انك ستثورين و تردين عليه و ربما تقسين عليه حتي تشعرين بلذة الانتصار و الثأر لكرامتك !
اعلمي ان رد فعلك علي شريك حياتك سوف يزيد من نقاط الخلاف بينكم و بهذا تبدأ صغائر الامور في التحول الي كبائر فكثير من المحادثات تزيد حدتها بشكل سلبي لا لشئ الا ان الشريك المستمع لهذا التعليق غير المناسب قد اتخذ موقف الدفاع و اخذ الامور بجدية بدلا من ان يلتزم روح الدعابة و هكذا يجره عجزه عن الاحتفاظ بروح الدعابة الي الرد علي تعليقاتها او الجدال او المشاجرة يقول علماء النفس :
عندما يأخذ الشخص كل الامور بجدية تتغير حالته المزاجية و اسلوبه في الكلام و نبرة صوته بل و اشارته مما يجعله حاد الطباع وقاس مما يزيد الفجوة بينه وبين الاخرين
و ليس هناك الا طريقة واحدة لتجنب ذلك و الاستمتاع بحياتك الاسرية و تحقيق السعادة الزوجية و هيأن تتمتعي بروح الدعابة و القدرة علي ان تسخري من نفسك فبدون ذلك سنتهي بك الامر الي المعاناة
يقول الدكتور ريتشارد كارلسون الخبير في العلاقات الزوجية و الاسرية : اذا نظرت حولك الي العلاقات التي يسودها الحب و السعادة فستجدين دائما ان كلا الشريكين في هذه العلاقة لديه القدرة علي ان يسخر من نفسه و لديه الحكمة ما يجعله يجلس دون اكتراث عندما يبرر عيوبه
و هذا يخلق بيئة آمنة حيث لا يكون فيها اي اثر سلبي للمضياقات
لا اقول لك ان تتنازلي و تسلمي بانك مخطئة دائما بينما هو علي صواب و لكن تذكري انه كلما كنت رائعة رغب شريكك في قضاء وقت طويل معك و اذا ماصدر منه تعليق او ملاحظة عليك فقد يكون فيما يقول بذرة من الحقيقة و حتي ان جانبه الصواب تماما فيما يقول فمن مصلحتك الا تشغلي بالك بالامر و ان تاخذي الامور ببساطة فعندما تتمتعين بروح الدعابة و لا تاخذين كل الامور بجدية فسيصبح من السهل جدا عليك ان تتعاملي مع شريكك و لن يشعر هو كما لو كان يسير علي قشر بيض و هو يحرص علي ارضائك و عدم مضايقتك
و في نهاية الامر سيغلب علي علاقتكما الحب و تغمركما السغادة لا لشئ الا لانك قد استطعت ان تصنعي بيئة آمنة ممتعة
لا تنسوا وصية المصطفي عليه افضل الصلاة و السلام بان لا نغضب و قوله ليس الشديد بالصرعة انما الشديد من يملك نفسه ساعة الغضب