تعتبر الشائعات من أخطر الأسلحة التى تهدد المجتمعات فى قيمها ورموزها، إذ يتعدى خطرها الحروب المسلحة بين الدول؛ بل إن بعض الدول تستخدمها كسلاح فتاك له مفعول كبير فى الحروب المعنوية أو النفسية التى تسبق تحرك الآلة العسكرية؛ ولا يتوقف خطرها عند هذا الحدّ فحسب بل إنها الأخطر اقتصاديًا.. والأدهى اجتماعيًا.. ليست الشائعة ظاهرة مستحدثة، بل إنها خلقت منذ بدء الخليقة، استخدمها الإنسان كثيرًا لزعزعة الأمن والاستقرار، حيث أطلقها وصدقها وتأثر بها، لتتبلور فى أحضان ثقافته على مرّ العصور متشكلة ومتلونة بملامح كل زمان تظهر فيه. وتستهدف الشائعات أمورا معنوية كثيرة؛ لذا أطلق عليها الحرب المعنوية أو الحرب النفسية، وتكمن خطورتها فى أنها تستخدم ضد أفراد تتوافق مع مزاجهم وتفكيرهم؛ فتجذبهم إليها ليصبحوا أدوات لترديدها دون أن يدركوا مدى خطورتها؛ خاصة فى زمان تضاعفت خلاله سرعة انتشارها. إن الشائعات جريمة ضد أمن المجتمع، وصاحبها مجرم فى حق دينه ومجتمعه وأمته، مثير للاضطراب والفوضى. ونشر الشائعات سلاح خطير يفتك بالأمة ويفرّق أهلها، ويسىء ظن بعضهم ببعض، ويفضى إلى عدم الثقة بينهم، ذلك أن خطر الشائعات عظيم ولها آثارها السلبية على الفرد والمجتمع والأمة، فكم أشعلت من حروب، وكم أوغرت من غل وحقد فى الصدور، وكم خربت من بيوت، وفى عالمنا المعاصر الذى يشهد تطورًا تقنيًا فى وسائل الاتصال أصبحت الشائعة أكثر رواجًا وأبلغ تأثيرًا، حيث لا يعرف لها زمان أو مكان محدد تنطلق منه، وتظهر فجأة سواء فى السلم أو الحرب. وما هى إلا كالوباء يتفشى خلسة بين الناس، ينقلها فى الخفاء أعداء حاقدون على الأمة لا يسلم من ضررها أحد. فهى حرب نفسية تؤثر على السلوك والاتجاه العام للأفراد مما يساعد على تحقيق المبتغى والغاية التى خلقت من أجلها، لتبدأ بحرق المصداقية والحقيقة والعمل كبديل لتشويه الحقيقة من خلال استغلال التوافق والتجانس فى المجتمع واستقطاب نقاط الضعف لديه، وبذلك قد تكون وصلت إلى أهدافها بطريقة مدروسة. إن الطريقة المثلى لتفادى الشائعات وتكذيبها هى التحلى بالمسؤولية تجاه المجتمع وقضاياه وحمايته. إذ يجب على الفرد أن يتمعن فى الشىء نفسه لا فى الشائعة وأن يحكم العقل والمنطق، وربطها بحديث الساعة من حيث الوقت والزمن. وأختم هنا بالقول إنه يجب علينا أن نتكاتف يدًا بيد لنتفادى الشائعات وخطورتها. ومحاربة كل من يروج لها من سفهاء وحاقدين بدوافع عدوانية أو انتقامية لهدم المجتمع. .................................. الباحثة فى علم الاجتماع