كان لرد الفعل السلبى من الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا الدور الأكبر فى مضى تركيا بعملياتها العسكرية فى شمال سوريا بدءا من عفرين بل وبدأت فى توسيع عملياتها فى منبج وحذرت أيضاً من إمكانية اصطدامها بأى قوة تساند الأكراد بما فيها القوات الأمريكية فى سوريا حيث تعتبرهم تركيا إرهابيين يهددون أمنها القومى . ورغم إعلان الولاياتالمتحدة ضمنياً تخليها عن الأكراد بوصفهم ليسوا من القوات المحاربة لتنظيم داعش، وأن منطقة عفرين لا تتبع مناطق نفوذها أعلنت تركيا أن ترامب قال خلال مكالمته الأخيرة مع أردوغان إن بلاده لم تعد تقدم أسلحة لوحدات حماية الشعب الكردية ولن تقدمه بعد اليوم !!! واعترضت تركيا على صيغة إعلان البيت الأبيض عن نص المكالمة الهاتفية بين ترامب واردوغان واصفة إياها بأنها لا تعكس حقيقة ما دار من حوار بينهما، حيث ذكر البيت الأبيض أن ترامب دعا أردوغان إلى « خفض التصعيد والحد من العمليات العسكرية» التركية و«تجنب الخسائر فى صفوف المدنيين أو زيادة عدد النازحين واللاجئين»، كما طلب من تركيا «تجنب القيام بأى عمل يمكن أن يتسبب بمواجهة بين القوات التركية والأميريكية». لكن مصادر رسمية تركية اعترضت على هذه الصيغة، مؤكدة أنها « لا تعكس بدقة مضمون المحادثة الهاتفية، فنفت القلق الأمريكى من تصاعد العنف فى عفرين حيث أكدت الرئاسة التركية أن ترامب أعرب عن قلقه من الانتقادات التركية للولايات المتحدة وطالب تركيا بألا تطول مدة العمليات .. من جهته أعلن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان عزم الجيش التركى شن عملية لطرد الأكراد من منبج أيضاً، والتى تبعد نحو 100 كيلو متر شرق عفرين حيث تنتشر القوت الأمريكية إلى جانب المقاتلين الأكراد . وبعد أن حذرت واشنطنتركيا من شن هجمات على عفرين بعد إعلان الولاياتالمتحدة عزمها إنشاء قوة لحفظ الأمن قد تصل ل 30 ألف جندى يشكل قوامها الأساسى وحدات حماية الشعب الكردية، تراجعت حدة اللهجة ضد الجانب التركى حتى وصل الحل لاقتراح الولاياتالمتحدة إنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومترا على الحدود السورية التركية لإعادة نحو 3.5 مليون لاجئ سورى فروا لتركيا، هذا الطرح الذى نادت به تركيا خلال عملياتها على عفرين. وقال وزير الخارجية الأمريكى «ريكس تيلرسون» لنظيره التركى «جاويش أوغلو» أثناء لقائهما فى باريس « كنا نفكر بخط أمنى بامتداد 10 كيلو مترات، ولكن يبدو أنّ ذلك لن يقلّص من المخاوف الأمنية التركية، لذا نقترح إنشاء خط أمنى بامتداد 30 كيلو مترا، فهذا الامتداد وحده يتكفل بتقليص مخاوفكم وألا تكون تركيا هدفا للهجمات الإرهابية، بما يعنى ضمناً تفهم الولاياتالمتحدة للمخاوف التركية، بما يعنى تخفيف اللهجة الأمريكية. وعلى الجانب الآخر كان رد الفعل التركى قوياً حيث حذرت واشنطن من مواجهة مع تركيا فى سوريا إذا استمرت واشنطن بدعم الأكراد حيث قال نائب رئيس وزراء تركيا «بكر بوزداج» إنه يتعين على أمريكا أن «تكف عن دعم الإرهابيين إذا أرادت تجنب مواجهة محتملة مع تركيا فى سوريا» وأكد أن « الذين يساندون المنظمة الإرهابية سيصبحون هدفا فى هذه المعركة « على حد تعبيره . ولا يبدو أن الولاياتالمتحدة تعول كثيرًا على حماية الأكراد ضد هذه الهجمات فهى أعلنت قبل الهجمة التركية على عفرين أن هذه المنطقة ليست فى نطاق عملها، وأن الأكراد ليسوا ضمن القوات المحاربة لداعش، بما يشى بتخليها عن دعم الأكراد كما حدث فى العراق يقول المتحدث باسم البنتاجون، الرائد أدريان رانكين جالاوى لوكالة الأناضول، إن بلاده لا ترى عناصر تنظيم «PYD» « حزب الاتحاد الديمقراطى « فى عفرين جزءاً من العمليات القتالية ضد «داعش»، لافتاً إلى أن بلاده ليست أيضاً جزءاً من أى عملية عسكرية تركية محتملة فى عفرين، وقال إن التحالف «يقدم تدريبات وتوصيات ودعمًا للقوات التى تقاتل داعش.. وأضاف « لا نعطى تعليمات للقوات على الأرض. هذه ليست علاقتنا، وفى حال قاموا بعمل عسكرى لا يركز على داعش فسيفقدون دعم التحالف، ملمحاً للفصائل الكردية التى أعلنت نصرة إخوانهم فى عفرين، مطالباً «جميع الأطراف» بعدم اتخاذ خطوات تؤدى إلى تصاعد التوتر. إذاً لن يكون التحرك التركى على غير الرغبة الأمريكية بأية حال لأن المقترح الأمريكى بإنشاء منطقة آمنة هو هدف أمريكى قبل أن يكون تركياً لأنها من بادر بهذا المقترح، وعودة 3.5 مليون لاجئ سورى هى رغبة تركية ملحة نظراً للتكاليف الباهظة التى تحملتها تركيا منذ بداية الأزمة استيعاباً للاجئين، وهو ما اتفقت عليه الأطراف الأوروبية مع تركيا سابقاً باستيعاب 2.5 مليون لاجئ مقابل تسهيلات لدخول تركيا ضمن منظومة الاتحاد الأوروبي، إلا أن الأوروبيين لم يفوا بوعودهم فكان لابد من إعادة هؤلاء النازحين فى منطقة هى الأقل توتراً داخل الأراضى السورية وبعيداً عن داعش . يذكر أن تركيا نفت أن تقتصر عملياتها على عفرين فقط بل بدأت بالفعل فى قصف أهداف للوحدات الكردية فى منبج فى قرى الدندلية والصيادة وتل رفعت ومارع . وزعم المتحدث باسم الرئيس التركى «إبراهيم كالين» أن العمليات العسكرية فى سوريا ستنتهى حينما يستطيع 3.5 مليون لا جئ سورى فى تركيا العودة لبلدهم سالمين، وقال أردوغان فى هذا الصدد سنسيطر على «عفرين» مثلما سيطرنا على جرابلس والراعى والباب، وسيتمكن السوريون من العودة إلى ديارهم « بما يشى بطول أمدا لعمليات الجارية بالتنسيق مع الجانب الروسى أيضاً حيث أكد هذا التنسيق الرئيس التركى فى خطاب له بعد قمة أمنية، وتوعد اردوغان بسحق مقاتلى وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستانى وحزب الاتحاد الديمقراطى بحيث لن يتبقى منهم احد « على حد قوله». وحذر أردوغان مؤيدى المعارضة التركية الموالية للأكراد من الاحتجاج على العملية العسكرية فى شمال سوريا، مشيرا إلى أن قوات الأمن ستتدخل إذا تظاهروا مشيرا إلى أعضاء ثانى أكبر حزب فى البرلمان، وهو حزب الشعوب الديمقراطى المؤيد للأكراد قائلاً « لتعلموا أنه أينما ذهبتم فى الشوارع ستكون قوات الأمن فى أعقابكم « . من جهته أعرب الرئيس الفرنسى «إيمانويل ماكرون» عن «قلقه» لنظيره التركى «رجب طيب أردوغان» بعد الهجمات المشتركة التى يشنها الجيش التركى وحلفاؤه من الفصائل السورية ضد مقاتلين من الأكراد فى شمال غرب سوريا. المتحدث الرسمى باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، الوزير المفوض محمود عفيفي، قال: إن الأمين العام «أحمد أبو الغيط» يُتابع بانزعاج تطورات الوضع الميدانى فى شمال سوريا، وعلى وجه الخصوص فى منطقة عفرين، وأعرب عن رفضه لتدخل القوات الأجنبية قاطبة فى سوريا لأن هذا من شأنه إطالة أمد الصراع وتفاقم الأزمة الإنسانية مشيراً إلى أن التدخل التركى يُمثل حلقة إضافية فى سلسلة ممتدة من التدخلات الإقليمية والدولية على الساحة السورية لأطرافٍ لا تنظر سوى لمصالحها، ولا تُلقى بالاً لمعاناة الشعب السورى كاشِفاً عن هشاشة نظام خفض التصعيد الذى تم التوصل إليه عبر ما يُعرف بمسار الأستانة، خاصة أن هذا التصعيد تمارسه أطراف يُفترض أنها ضامنة لتفاهمات وقف إطلاق النار.