للمرة العاشرة منذ بدء الصراع فى سوريا تستخدم روسيا حق النقض الفيتو ضد مشروع حول استخدام الأسلحة الكيميائية فى سوريا،هذا المشروع الأمريكى الذى ينص على تمديد فترة عمل الخبراء الدوليين المكلفين بالتحقيق فى استخدام أسلحة كيماوية فى سوريا لمدة شهر حتى يتم التوصل لتسوية بين الولاياتالمتحدةوروسيا، كما يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو جوتيريش» أن يقدم فى غضون 20 يوما مقترحات بشأن هيكلية ومنهجية التحقيق وانتهى تفويض اللجنة المشتركة بين الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية بحلول منتصف ليل الخميس الماضى، وكان التحقيق قد خلص إلى أن الحكومة السورية استخدمت غاز السارين المحظور فى هجوم فى الرابع من أبريل. ويحتاج صدور القرار إلى موافقة تسعة أعضاء مع عدم استخدام الدول الخمس الدائمة العضوية، وهى الولاياتالمتحدةوروسياوفرنساوبريطانياوالصين، لحق النقض. وصوت 12 من أصل 15 عضوًا فى مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الأمريكى، فيما عارضته بوليفيا إلى جانب روسيا، فيما امتنعت الصين عن التصويت. وقال نائب السفير الروسى لدى الأممالمتحدة «فلاديمير سافرونكوف»: إن موسكو لن تقبل بمشروع القرار الأمريكى مضيفًا أن تجديد مهمة المحققين لمدة شهر واحد هو أمر عديم الجدوى وانتقد نتائج التقرير متسائلًا: كيف لهذا التقرير أن يتضمن عبارات من نوع «مرجح» و»محتمل» و»على ما يبدو»، مشيرًا إلى وجود «ثغرات كبيرة» فى عمل المحققين. وقبل دقائق من بدء هذا التصويت سحبت روسيا مشروع قرار تقدمت به حول تفويض بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية بشأن التحقيق فى المواد الكيميائية فى سوريا (آلية التحقيق المشتركة) لأنه لم يحصل على عدد كاف من الأصوات إذ لم يحصد سوى أربعة من أصوات المجلس ال15. وأعلن مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة «فاسيلى نيبينزيا» أن موسكو تسحب مشروع قرارها حول هذا الموضوع بسبب عدم موافقة مجلس الأمن على إجراء التصويت حوله بعد مشروع القرار الأمريكى. وقد واجه الفيتو الروسى هذه المرة عاصفة شديدة من الانتقادات أبرزها الولاياتالمتحدةالأمريكية وانجلترا وفرنسا حيث قالت «نيكى هالى» سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة للمجلس إن روسيا تهدر وقتنا، وهددت بشن غارات جديدة على سوريا فى حال استخدام أسلحة كيماوية، وأكدت أنها لا تثق بأن روسيا ستعمل على التوصل إلى حل سياسى للنزاع فى سوريا، وأضافت أنه لا يمكن أن يكون هناك أمام مجلس الأمن ما هو أهم من تجديد تفويض التحقيق الدولى وأكدت قائلة: إن أى شخص يمنعنا من تحقيق هذا الهدف يساعد ويدعم أولئك الذين يستخدمون أسلحة كيماوية، إنهم يساعدون فى ضمان، ليس فقط موت المزيد من النساء والأطفال، وإنما موتهم بإحدى أشد الطرق الممكنة قسوة وألمًا. كما اعتبر السفير الفرنسى فرنسوا دولارا أن التصويت الكارثى لا يمكن ولن يكون الكلمة الأخيرة مؤكدًا أن فرنسا لن ترضخ لهذا الفشل ولا للألاعيب السياسية –على حد قوله- التى ليست بمستوى التحديات. من جهته ردّ جوناثان ألين نائب سفير بريطانيا لدى الأممالمتحدة مخاطبًا مجلس الأمن إن روسيا تحاول «التستر على جرائم النظام السورى». كما وصف وزير الخارجية البريطانى «بوريس جونسون» الفيتو الروسى حول سوريا بالمريع، وقال: إن عرقلة روسيا لمشروع قرار أمريكى لتجديد تفويض تحقيق دولى فى هجمات كيماوية بسوريا أمر مريع، وأضاف جونسون فى بيان «من المريع إنهاء عمل آلية التحقيق المشتركة التابعة للأمم المتحدة»، مؤكدًا أن المملكة المتحدة لن تسمح بأن يؤدى انتهاء آلية التحقيق المشتركة إلى وقف التعاون بين الشركاء الدوليين من أجل تحديد المسئولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية ومحاسبتهم». من جانبها طالبت لندن مجلس الأمن الدولى بفرض عقوبات على سوريا، وقال سفير بريطانيا «ماثيو رايكروفت»: إنه يجب أن يكون هناك رد دولى حازم الآن لمحاسبة المسئولين عن هجوم خان شيخون، وأضاف «يقع الآن على عاتق مجلس الأمن الدولى أن يتحرك بناء على هذه النتائج وأن يفرض العدالة «، موضحًا أن بريطانيا تتشاور مع الولاياتالمتحدة بشأن مشروع قرار يفرض عقوبات على سوريا. يذكر أن خلافات روسية أمريكية برزت على السطح خاصة فيما يتعلق بتخفيض عدد القوات الأجنبية والقضاء على التواجد الإيرانى بشكل خاص بميليشياته التابعة لإيران وتعمل فى سوريا مثل حزب الله والمتطرفين الأجانب المنضمين لجبهة فتح الشام «النصرة سابقًا» والتى استغلت الأزمة لتحقيق تواجد مستمر فى سوريا مما قوض وقف إطلاق النار وشكل تهديدًا لأمن المنطقة بأسرها وخاصة بعد فشل عملية مناطق خفض التوتر بشكل عملى على الأرض واستمرار عمل الميليشيات التابعة لإيران والعناصر المتطرفة المنضمة لداعش وهذه هى نقطة الخلاف الأساسية حيث تربط واشنطن خروج القوات الدولية بتحقيق نتائج ملموسة فى مفاوضات جنيف خاصة قواتها التى تدعم قوات سوريا الديمقراطية وهذا ما ترفضه روسيا والتى تتهم الولاياتالمتحدة بالسعى لإسقاط نظام الأسد وليس التصدى للإرهاب. يذكر أن تقرير اللجنة أكد أن تقريرًا للأمم المتحدة قد خلص إلى مسئولية النظام السورى عن هجوم كيماوى فى الرابع من أبريل الماضى استخدم فيه غاز السارين المحظور فى بلدة «خان شيخون» التى تسيطر عليها المعارضة وأودى بحياة عشرات الأشخاص، ودفع الهجوم الكيماوى الولاياتالمتحدة إلى القيام بضربة صاروخية بعده بأيام استهدفت قاعدة جوية سورية،كما أفاد تحقيق سابق لمسئولية قوات الأسد عن ثلاث هجمات بغاز الكلور فى 2014 و2015، كما أشار لاستخدام تنظيم داعش لغاز الخردل أيضًا وأدى ذلك الهجوم على المدينة الواقعة فى محافظة إدلب، والتى كان مقاتلو فصائل المعارضة يسيطرون عليها، إلى سقوط 83 قتيلًا، بحسب الأممالمتحدة، فيما أفاد المرصد السورى لحقوق الإنسان بمقتل ما لا يقل عن 87 شخصًا بينهم 30 طفلاً.