ليه الحب بعد كام شهر من الجواز بيهدا، وبعد أول سنة بيقل، وبعد أول طفل بيتوه، وبعد كام سنة من الجواز بيتحول الزوجين لمجرد اتنين أغراب عايشين مع بعض بحكم إنهم متجوزين، واهتماماتهم المشتركة بتقل وأحلامهم بالمستقبل بتصغر لحد ما تضيع، وبيتحول الحلم الرومانسى اللى عاشوه قبل جوازهم لواقع مر ميعرفش غير لقمة العيش ومصاريف المدرسة والولد تعبان لازم نروح للدكتور ولازم نشترك فى النادى عشان الولاد يلعبوا رياضة ولازم نسافر المصيف الولاد يغيروا جو وأوعى تنسى هدوم المدرسة، والمدرسين طالبين الفلوس وخلاص بقينا أول الشهر صاحب البيت عاوز الإيجار والبنت بقت على وش جواز عاوزين نجهزها، والولد عاوز يشتغل والبنت جابت الحفيد والعمر فى غمضة عين تلاقيه طار وعدى وراك وانت وهى مشغولين فى رحلة جزء كبير منها مش لقلوبكم رغم انه مسئوليتكم لإنه لأولادكم. هما زمان الزوج والزوجة كانوا عايشين ازاي؟ وخداهم الدنيا كده زى ما هى واخدانا كلنا انهارده؟ ولا كان لهم حياة حلوة بتاعتهم قادرين يعيشوها وبالتالى بينقلوها لأولادهم؟ هو الحب قل ولا أساسًا مبقاش فيه حب فى حياتنا والموضوع بقى مجرد عشرة وشراكة مكملها الزوج والزوجة عشان البيت يفضل مفتوح والأولاد ميضيعوش بين أب وأم كل واحد فيهم عايش فى ناحية؟ ناس كتير أوى بتشتكى، وأبواب كتير مقفولة شايلة وراها هموم كتير، قالت لى مرة إحدى السيدات إنها لما جت تعمل أجواء هادية للبيت وحاولت ترجع أيام الرومانسية تانى بينها وبين زوجها بعد إحساسها انه بعد عنها وانهم بقالهم فترة مش بيتكلموا مع بعض لدرجة إحساسها انهم بقوا أغراب عايشين مع بعض الرابط الوحيد اللى بينهم بيت مشترك فيه أولاد مسئوليتهم عنهم مشتركة فى تربيتهم، لكنه مبقاش يحكى لها عن شغله ولا علاقته بأصحابه ولا عن مشاكله، مبقاش يخرجها ولا يروحوا سينما ولا حتى يعزمها على كوزين درة مشوى ع الكورنيش أول الشهر، وإنها لما زهقت من إحساسها انها عاملة زى التور اللى داير فى ساقية كل يوم شبه اللى قبله وان العمر بيعدى من غير ما تعيش فيه حالة حلوة بصت لنفسها فى المراية تشوف تغييرات الزمن اللى حصلت لها، وزنها زاد وعلى طول قاعدة فى البيت شعرها إما منكوش مش فاضية تسرحه أو مربوط بإيشارب لإنها برضه مش فاضيه تسرحه، وطبعًا جلابية البيت اللى ريحتها تقلية وإيدين اخشنت من كتر غسيل الأطباق والحلل. قالت «حسيت انى زدت عشرين سنة فوق عمرى، وسألت نفسي: هو أنا ممكن أكمل بقية حياتى كده لحد ما العمر يخلص وأموت؟» يومها قررت تغير حياتها، وبدأت فى هدوء شديد برنامج ريجيم قاسى جدًا عشان تقدر تخس بسرعة وكأنها بتسابق الزمن، وبقت تخطف وقت تدخل فيه على النت تدور على طرق عمل ماسكات للبشرة عشان ترجع نضارتها من تانى، وبدأت تشغل موسيقى هادية وأغانى أم كلثوم فى البيت، وحاولت متركزش أوى فى كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة مع ولادها عشان تقلل من كم المشاكل اليومية اللى بتحصل وصوتها اللى مع كل مشكلة يعلى ويسمع الشارع كله، وفرت شوية فلوس من مصروف البيت بصعوبة ونزلت اشترت فستان مقاسه أصغر من اللى عندها بعد ما الريجيم القاسى جاب نتيجة ووزنها قل، واشترت لجوزها البارفان اللى كانت بتجيبهوله زمان وكان بيحبه، واشترت لنفسها هى كمان البارفان بتاعها اللى مرة جوزها أول ما اتجوزوا قالها ان ريحته حلوة، ولإن الماركة بتاعته قديمة فضلت تلف عليه لحد ما حفيت، رجعت البيت اتصلت بأمها وقالت لها انها عندها عزا حد من أصحاب جوزها وانهم مضطرين يسافروا الصعيد يعزوا ومش هتقدر تسيب الولاد لوحدهم فى البيت ومضطرة تسيبهم عندها يوم ولا اتنين، وجهزت هدوم العيال وبعتتهم بشنطة هدومهم لأمها، دخلت المطبخ جهزت صينية المسقعة باللحمة المفرومة اللى جوزها بيحيها وعملت جوزين حمام محشى فريك على شوية سلطة ريحتهم جرت ريق الجيران، وقبل ميعاد رجوع جوزها من شغله كانت موضبة نفسها ولابسة الفستان الجديد اللى بعد الريجيم ومخلصة إزازة البارفان عليها، وشوية مكياج على تسريحة شعر جديدة عشان تلفت نظره أول ما يدخل من البيت، جهزت الأكل وحطت الشمعدان وسط السفرة وطفت النور على ميعاد وصوله ونورت الشموع وشغلت موسيقى Love Story. وأول ما جرس الباب رن جريت بابتسامة تفتح، طبعًا جوزها مصدقش نفسه أول ما شافها وفضل يراجع اليافطة اللى عليها اسمه المكتوبة على باب الشقة عشان يتأكد انه دخل بيته ومغلطش فى الشقة، وفضلت علامات الاستفهام تزيد وتكبر مع كل خطوة يخطيها فى البيت وهو شامم ريحة معطر الجو اللى مرشوش فى البيت كله، والورد اللى فى الفازة والأكل اللى بيحبه على السفرة أشكال وألوان، وطريقة معاملة مراته له وصوتها الهادى اللى بيقول نغم جنب صوت المزيكا، قعد ع السفرة مش مصدق نفسه وأول ما حطت قدامه طبق الحمام قالها «ولعى النور خلينا نشوف بناكل إيه، وبعد ما آكل هنام مش عاوز حد يصحينى لإنى عندى شغل مهم فترة مسائية وجايلى تفتيش من الوزارة» قامت بهدوء شغلت النور وطفت الشمع ولبست الجلابية اللى ريحتها تقلية وراحت على التليفون تتصل بأمها وهى بتصرخ وتقول «قولى للولاد يرجعوا حالًا مش هنسافر العزا خلاص هنعزى هنا».