أشارت النتائج الأولية الجزئية لانتخابات مجلس الشوري الإيراني إلي فوز التيار المحافظ بنسبة كبيرة من المقاعد قياسا إلي عدد الأصوات التي تم فرزها حتي الآن بانتظار إعلان النتائج الرسمية لاحقا في جميع المدن الإيرانية باستثناء العاصمة طهران. وقد نقل مراسلو وكالات الأنباء الأجنبية عن التلفزيون الإيراني الحكومي قوله إن المحافظين نجحوا في الحصول علي 108 من مقاعد مجلس الشوري 'لبرلمان' مقابل 33 للتيار الإصلاحي، طبقا للنتائج الجزئية للانتخابات التي جرت الجمعة. وكان الإيرانيون قد بدأوا الإدلاء بأصواتهم أمس الجمعة في انتخابات برلمانية من المتوقع أن يحقق فيها المحافظون نصراً. بعد أسبوع من حملة انتخابية هادئة يختار نحو 44 مليون ناخب من يمثلهم في البرلمان '290 نائبا'، وكان الإصلاحيون يأملون في إحداث تغيير سياسي واجتماعي، مستفيدين من استياء الرأي العام من التضخم الذي وصل الآن إلي 19%. لكن بعد عملية الفرز التي قام بها مجلس صيانة الدستور المحافظ للمرشحين تقلص أملهم الآن في الاحتفاظ بنحو 40 مقعدا يشغلونها الآن في البرلمان. وقال متحدث باسم المجلس -وهو الهيئة التي تفحص طلبات المرشحين في الانتخابات- في وقت سابق: "إنه من بين 7597 مرشحا سجلوا أنفسهم في الانتخابات البرلمانية أقر 'المجلس' ترشيح أكثر من 4500 مرشح"، وقال إنه استبعد 2200 مرشح، 'معظمهم من الإصلاحيين'. ويتوزع التنافس علي مقاعد البرلمان علي أربع قوائم رئيسية؛ اثنان للتيار المحافظ، وواحد للتيار الإصلاحي، وواحد للمستقلين وينقسم التيار المحافظ إلي قائمتين؛ أولاهما الجبهة المتحدة للأصوليين بزعامة رئيس البرلمان غلام علي حداد عادل، وتعرف هذه القائمة بولائها للرئيس نجاد ومواقفه السياسية بما فيها طريقة التعاطي مع الغرب علي خلفية الملف النووي الإيراني. أما القائمة الثانية فتعود ل"الائتلاف الجامع للأصوليين" المعارض لسياسات الرئيس أحمدي نجاد تجاه الغرب والإستراتيجيات الاقتصادية العامة، ومن أبرز مرشحي هذه القائمة علي لاريجاني المفاوض النووي الإيراني السابق الذي استقال من منصبه، وتتمتع هذه القائمة -بحسب مصادر إيرانية داخلية- بعلاقات وثيقة مع محافظ طهران محمد باقر قاليباف، والقائد العام السابق لقوات الحرس الثوري الإيراني محسن رضائي. أما التيار الإصلاحي فيمثله تحالف واسع الطيف يعرف باسم "مجموعة 15 خرداد"، وتضم الائتلاف الإصلاحي بزعامة الرئيس السابق محمد خاتمي، وحزب الثقة الوطنية برئاسة الرئيس السابق للبرلمان الإيراني مهدي كروبي، وتحالف المعتدلين بزعامة أكبر هاشمي رافسنجاني رئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام حاليا. وإلي جانب ذلك فإن للمستقلين قائمة تشمل بعض مرشحي الأقليات مثل اليهود والمسيحيين الأرمن. وفي ضوء هذا الانقسام في صفوف المحافظين يري المراقبون أن نجاد لن يحظي وجناحه بنصر سهل، و لكن حتي لو جاء أداء مؤيديه سيئا فمن السابق لأوانه الحكم بحتمية مغادرته للسلطة. تأييد خامنئي للمحافظين وعلي نطاق واسع اعتبر تأييد المرشد الأعلي للثورة الإيرانية علي خامنئي لأحمدي نجاد السبب الرئيسي لفوزه المفاجئ بالرئاسة في عام 2005. وأغدق الزعيم الأعلي المديح العلني علي نجاد مؤخرا لموقفه المتصلب في معالجة النزاع النووي الإيراني مع الغرب، رغم أن بعض المحافظين أثاروا تساؤلات حول حكمة الأساليب غير المرنة لسياسة نجاد التي دفعت مجلس الأمن الدولي إلي فرض مجموعة ثالثة من العقوبات هذا الشهر علي إيران. وأدلي الزعيم الأعلي الإيراني بصوته في الانتخابات في ساعة مبكرة من صباح اليوم وحث المواطنين الإيرانيين علي الإقبال علي المشاركة. وقال خامنئي الذي أدلي بصوته بعد وقت قصير من فتح أبواب اللجان الانتخابية صباح اليوم: "هذا يوم حساس بالنسبة لبلادنا وأمتنا.. لحظة حساسة ستحدد مصير الأمة". وتتطلع الحكومة الإيرانية لإقبال كبير من الناخبين لتثبت للولايات المتحدة وغيرها من "أعداء" إيران مدي شعبية النظام. صلاحيات محدودة ولا يبت البرلمان الإيراني في القضايا السياسية المهمة، مثل المواجهة الجارية بين إيران والغرب، والتي تتهم فيها واشنطنطهران بامتلاك برامج سرية لتصنيع أسلحة نووية، وتنفي إيران ذلك وتقول إن برنامجها سلمي لتوليد الطاقة النووية. والكلمة الأخيرة في أمور مثل القضية النووية، والسياسة النفطية والخارجية ترجع إلي الزعيم الأعلي وليس للبرلمان أو حتي الرئيس لكن أسعار الطعام -وليس السياسة الخارجية- هي التي تشغل بال المواطن الإيراني في رابع أكبر دولة منتجة للنفط في العالم. ويشعر كثير من الإيرانيين بالانزعاج من تفاقم التضخم وتزايد البطالة، لكن ذلك قد لا يترجم إلي مكاسب برلمانية لمنتقدي أحمدي نجاد الإصلاحيين، وهو ما يرجع جزئيا إلي عملية فرز المرشحين السابقة للانتخابات. ورغم القيود علي انتخابات الجمعة فإنها ستخضع للتدقيق بحثا عن علامات علي مدي شعبية أحمدي نجاد الذي وعد في حملته الانتخابية بتقسيم عادل للثروة النفطية. وتضم أكثر جماعة مؤيدة للحكومة -وهي الجبهة المتحدة المحافظة- منتقدين وأيضا مؤيدين لأحمدي نجاد، لكنهم يفخرون جميعا بولائهم لمبادئ الثورة، ويشغل أعضاء الجبهة 156 مقعدا في البرلمان الحالي. والانتخابات الحالية هي الثامنة منذ قيام الثورة الإيرانية عام 1979 لمجلس الشوري الإسلامي الذي يمثل السلطة التشريعية في البلاد. انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.