وكأننا نشاهد ذات الوجوه الكالحة، والمأجورة.. تلك التي كانت للمحتل الأمريكي لأرض العراق، زادًا، وزوادًا.. ذات الكلمات، والتعبيرات، والمواقف المشبوهة.. حلف من الأفاقين، الفاسدين، لا هم لهم سوي إفساد الحياة السياسية، وزرع بذور الفتنة، وشق الصف الوطني، وإغراق البلاد في سلسلة من النزاعات الداخلية. وجوه سقيمة.. لا تملك منطقًا، ولا منطلقًا.. الكذب دستورهم، والبذاءة مسلكهم، والتهجم علي الشرفاء طريقهم، وضرب الوطن في مقتل، جل غايتهم، ومقصدهم. يزيفون الحقائق.. ويقلبون الآيات.. ويسعون في الأرض فسادًا، حاملين مشاعل الهدم، لكل ثوابت الوطن، يدينون بالمذهب الأمريكي، ويتعمدون بأمواله، ويعزفون علي أوتار رسالته للعالم، ألا وهي، تمزيق الأوطان، وتفتيت وحدتها، وتقسيم شعوبها. مجموعات من الكذابين، لا ولاء لهم، لغير ولي نعمتهم، يحركهم وكأنهم خشب مسندة، غايتهم الأولي، والأخيرة، العبث في جبهة الوطن، وإثارة النعرات فيها، وفتح ثغرات في جدرانها، لتنفذ عبرها كل المخططات الموجهة، والتي تحركها نوازع شريرة في دوائر التخطيط، ووضع السيناريوهات، تساندهم في ذلك، أذرع مأجورة، تشكل طابورًا خامسًا لتهديد أمن الأوطان. هم أعداء رئيسيون لاستقرار مصر، حتي وإن زعموا نقيض ذلك، بل هم شركاء حقيقيون لكل القوي الساعية لوأد قوة الوطن، بل هم جزء أساسي، يتحرك وفقًا لمشيئة الأسياد، يلبي مطالبهم، وينشد أهدافهم. يديرون حروبًا بالوكالة عن أسيادهم، رافعين شعارات الضلال الأمريكية.. نفس النموذج العراقي.. كان المأجورون يرفعون شعارات الحرية لشعب العراق، وكان سادتهم الأمريكان، والإنجليز، يترجمون شعاراتهم، صواريخ كروز، وتوماهوك، تقصف بيوت الآمنين في بغداد، والفلوجة، وصلاح الدين، القاذفات 'إف 16' تدمر المنشآت، والبلدان في الموصل والبصرة وكربلاء والنجف، يطالب العملاء بإزاحة نظام صدام الاستبدادي، فتسارع قوات الغزو والاحتلال بتفجير الشوارع، والبيوت، والأحياء، لتدفن سكان العراق أحياء، في بيوتهم، ومتاجرهم، وأسواقهم. رفع العملاء شعارات الديمقراطية، فكان حصاد ما يقارب التسع سنوات من الاحتلال: مذابح جماعية، وتخريبًا شاملاً، طال كل مؤسسات العراق، وتحول الوطن الذي كان منارة، إلي خراب، وأصبح الناس في العراق، وخارجها، يتندرون، ويتألمون، من مساحة الحرية التي نادي بها المأجورون، فكانت وبالاً علي شعب العراق بأسره. لا أحد ضد الحرية، والديمقراطية.. لكنها حرية الشعوب الحقيقية، وديمقراطية الوطن غير الممولة، ديمقراطية يقودها فريق من أبناء الوطن، وليس من عملاء الخارج، يرفع رايتها شباب الثورة، الحقيقيون، الذين صمدوا في الميدان، واستشهد رفاق دربهم، وليسوا المأجورين، الذين اختفوا في لحظات الصدام مع النظام الساقط وأعوانه، ثم جاءوا ليحصدوا مكاسب الثورة لصالح أسيادهم، وأولياء نعمتهم. شعب مصر الأصيل، يدرك طريقه جيدًا، ولعل تلك الصحوة التي عمت جنبات الوطن خلال الآونة الأخيرة، لتقدم دليلاً جازمًا، علي أن المصريين يدركون حقيقة الفرق، بين شباب الثورة الأصلاء، وبين الفئة المندسة، التي تُسيء للوطن، وتعبث بمقدراته، وتسعي جاهدة لإلحاق الضرر بمستقبله. تلك الصحوة، هي التي أربكت حسابات المعادين، وشقت صفوفهم، وأسقطت منظمات التمويل الرخيصة، هؤلاء الذين انتظروا من أحد حماتهم الأمريكان 'جون ماكين' أن يكون عونًا لهم في زيارته الأخيرة لمصر، ليرفع عن كاهلهم عبء مساءلتهم عن التهم الموجهة إليهم، فإذا به يخرج مهزومًا، مدحورًا من لقاءاته مع المسئولين المصريين، الذين لقنوه درسًا في الحفاظ علي السيادة الوطنية. سوف تهزم مصر بعزيمة شبابها، وشعبها، تلك الجوقة من الأفاقين، وسوف تسحق كل مخططاتهم وتقهر كل النفوس الشريرة، والتي تأبي أن تستعيد مصر عافيتها، وستخرج مصر العظيمة من محنتها، مرفوعة الرأس، عصية علي السقوط.