أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية أن السلطات الإسرائيلية تنتهك حقوق الطفل الفلسطيني، وتضرب عرض الحائط بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومن بينها اتفاقية حقوق الطفل، وهي أكثر اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية من حيث عدد التصديقات عليها، بما يؤكد أهميتها البالغة وسعي مختلف دول العالم للالتزام بالقواعد والمعايير التي نصت عليها. وقال أبو الغيط في كلمة في افتتاح أعمال "المؤتمر الدولي حول معاناة الطفل الفلسطيني في ظل انتهاك إسرائيل "القوة القائمة بالاحتلال" لاتفاقية حقوق الطفل" الذي تستضيفه الكويت تحت رعاية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، إنه على الرغم من هذه الظروف الصعبة التي يعانيها الأطفال الفلسطينيون، فقد استطاعوا أن يصبحوا رقماً مهماً في معادلة الصراع مع مشروع الاحتلال بعد أن فجروا بسواعدهم التي لا تحمل سوى الحجارة أعظم انتفاضة في وجه المحتل . وأعرب أبو الغيط عن خالص الشكر والتقدير لرعاية أمير الكويت الكريمة لأعمال هذا المؤتمر الهام، والذي أكد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة خلال دورته الأخيرة في الأردن على ضرورة انعقاده في ضوء أهمية تناول الأبعاد المختلفة للقضية الفلسطينية باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية .. وتوجيه الاهتمام في ذات الوقت لكشف الانتهاكات التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني على يد سلطات الاحتلال والتصدي لهذه الانتهاكات الخطيرة.. ومن بينها الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون والتي تتخذ أشكالاً وأنماطاً مختلفة تمثل في مجملها انتهاكات لاتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الطفل. وقال : نجتمع اليوم في الوقت الذي تتفاقم فيه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في حجمها وشكلها ومضمونها، الأمر الذي أصبحت معه بالتبعية معاناة الشعب الفلسطيني السياسية والاجتماعية والاقتصادية أكثر قسوة، وبحيث لا يقتصر تأثيرها على الزمن الحاضر بل يمتد ليأخذ بعداً تنموياً مستقبلياً أيضاً، بما في ذلك التأثير العميق على مقدرات ومستقبل الأطفال الفلسطينيين. وأضاف أن هؤلاء الأطفال يعانون من الحرمان بأشكال متعددة ولم يتمتعوا بالحد الأدنى من الحقوق كما هو حال الأطفال في معظم دول العالم، وعاشوا في أسر عانت من التهجير القسري وضيم الاحتلال، ويعيشون في كنف عنف وتطرف الاحتلال العسكري الإسرائيلي ، وبعضهم عاش وولد في المخيمات وهو يتجرع مرارة فقد الأحبة والأهل، وبعضهم يشاهد منزله يهدم بجرافة الاحتلال، ومنهم من يحرمه منع التجول من الوصول إلى مدرسته، ومنهم من تسلبه رصاصات الغدر حياته أو حياة أعز الأصدقاء .. هذا الطفل لا يزال يحلم بأن يعيش طفولته كسائر الأطفال وأن يتمتع بحقوقه الأساسية، ولو في حدها الأدنى، وأن يكون لديه مستقبل ملئ التفاؤل والأمل.. لكن الاحتلال يقف سداً منيعاً أمام مثل هذا التفاؤل. وشدد على أن الحكومة الإسرائيلية الحالية صارت أسيرة بصورة كاملة لجماعات الاستيطان واليمين المتطرف، فعدد المستوطنين الذى لم يكن يتعدى الربع مليون وقت توقيع اتفاق أوسلو.. بلغ اليوم 650 ألفاً، منهم نحو 200 ألف في القدسالشرقيةالمحتلة وحدها. وقال ان الحكومة الإسرائيلية مشغولة بالاستيطان لا السلام.. وهي لا تكتفي بما نهبت من الأراضي وما تقيمه من مستوطنات غير شرعية وفقاً لكل قرارات الأممالمتحدة وآخرها قرار مجلس الأمن 2334، وإنما هي مصابة بنهم لا يشبع للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين. وأضاف إننا نشهد تغيراتٍ إيجابية على الساحة الفلسطينية، أهمها على الإطلاق تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام بكل تبعاته السلبية على القضية الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني خلال السنوات العشر المنصرمة. وهنأ الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشعب الفلسطيني على إنجاز المصالحة وإنهاء حالة الانقسام السياسي والجغرافي بين الضفة الغربيةوغزة المحتلتين. وأعرب عن أمله أن يجري الانتهاء من كل التفاصيل والآليات الخاصة بإنفاذ المصالحة على أرض الواقع في قطاع غزة .. مشيرا إلى هذا الانقسام شكل الذريعة التي طالما اختبأت وراءها إسرائيل لتتهرب من استحقاقات عملية السلام. وقال لقد نجح الفلسطينيون اليوم بجهد ومعاونة مصرية إيجابية ومقدرة - في إسقاط هذه الحجة ووضعوا إسرائيل أمام استحقاقات التسوية. وأكد أن نظرة سريعة على الواقع الحالي للطفل الفلسطيني تكشف عن حرمانه من حقوق وحريات أساسية خلافاً لما هو منصوص عليه بشكل صريح في اتفاقية الأممالمتحدة لحقوق الطفل .. بل إن ثمة بوناً شاسعاً بين ما هو مضمون ومكفول من حقوق وحريات أساسية في إطار الاتفاقية وبين الانتهاك الصريح والمعلن والمنظم تجاه الطفولة الفلسطينية، حياةً وأمناً وصحةً وتعليماً... وبما يؤكد مسئولية السلطات الإسرائيلية عن انتهاك حقوق الطفل الفلسطيني، وضربها عرض الحائط بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومن بينها اتفاقية حقوق الطفل. وأشار إلى أنه -ووفقاً للبيان الصادر عن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال- فقد تم توثيق استشهاد 2012 طفلاً فلسطينياً منذ عام 2000 وحتى نهاية عام 2016 على يد قوات الاحتلال والمستوطنين في قطاع غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس .. وإمعاناً في التنكيل وانتهاك الحقوق فقد انتهجت قوات الاحتلال سياسة احتجاز جثامين الأطفال كنوع من العقاب الجماعي لأسرهم، إضافة إلى أن سياسة الإفلات من العقاب أو المساءلة باتت تضمن لجنود الاحتلال الإسرائيلي الحصانة من أية ملاحقة قضائية.. حتى على جرائم القتل العمد بحق الفلسطينيين. وقال إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل وتحاكم حوالي 700 طفل فلسطيني بين سن 12 و17 عاماً وتحاكمهم أمام محاكمها العسكرية التي تفتقر لأدنى معايير المحاكمات العادلة، وقد بلغ متوسط عدد الأطفال المعتقلين في السجون وأماكن الاحتجاز الإسرائيلية خلال العام الماضي حوالي 380 طفلاً دون سن الثامنة عشر. واضاف : لقد أوضحت المنظمات الحقوقية التي تعنى بشئون الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين أن الأطفال يخضعون لإجراءات قاسية خلال عمليات الاعتقال أثناء التحقيق معهم دون مراعاة لسنهم، ويتم إخضاعهم لمختلف الضغوط النفسية والجسدية على يد المحققين الإسرائيليين، وتنتزع اعترافاتهم عنوة، مع تعمد المحققين الإسرائيليين استخدام أساليب غير إنسانية معهم على غرار الاعتداء عليهم بالضرب، وحرمانهم من النوم، والحرمان من زيارات الأهل، ومن الموارد الثقافية والدراسية، بالإضافة إلى تردي نوعيات الطعام المقدمة إليهم .. وأرف قائلا : وياله من عار سيظل يلاحق دولة الاحتلال ويلطخ سمعتها إلى الأبد. وقال أبو الغيط إن تحليل واقع معاناة الطفل الفلسطيني وكيفية معالجتها يستوجب العمل على تطوير آليات محاسبة ومساءلة قانونية لسلطات الاحتلال على الانتهاكات التي تمارسها بحق أطفال فلسطين، مع توفير الحماية الدولية لهم.. ذلك أن انتهاك حقوق الأطفال في فلسطين، والتهديد الخطير لأمنهم يشكل تحدياً غير مسبوق لا يضر بالأطفال فحسب، وإنما يتعدى ذلك للإضرار بمستقبل المجتمع الفلسطيني بأسره، لا سيما وأن الأطفال يمثلون أكثر من 47% من تعداد المجتمع الفلسطيني. وأضاف إن مسئوليتنا تجاه حماية الطفل الفلسطيني كبيرة، ولا يمكن التخلي أو التقاعس عنها وتستدعي عملاً جاداً وحقيقياً ووضع خطط واضحة للارتقاء بوضعية الطفل الفلسطيني وضمان كفالة حقوقه المختلفة، سعياً لتحقيق غد أفضل لهذا الطفل الذي عانى كثيراً، وفى هذا السياق، وأعرب عن الأسف لما رصدناه من مشاركة محدودة من جانب المنظمات الدولية المعنية بحماية وتعزيز حقوق الطفل، وهى المشاركة التى كنا نأمل فى أن تكون أكبر، وفى مستوى تمثيل أعلى، وذلك فى إطار تحمل كل منظمة من هذه المنظمات لمسؤولياتها الثابتة والمنصوص عليها فى قرارات دولية متعددة فى مجال حماية الأطفال من أبناء الشعب الفلسطينى.