فى بئر عميقة، هوت القيم، وتبدلت الأخلاق، وصار البحث عن المصلحة، أهم عند الكثيرين، من البحث عن قيمة. فى زماننا هذا، انقلبت المفاهيم، وتبدلت الأحوال، وبات الخير «شرا»، والشر «خيرا» فى عرف بعض من لايجيدون سوى لغة اللعب على كل الحبال، والأكل على كل الموائد.. فانهارت منارات، كنا نظنها خالدة، وتقلبت ثوابت، كنا نراها صامدة. زمن جديد، أطل علينا، يقف فيه المدافعون عن الثوابت، فى ركن «ضيق» لايبرحونه، لأن أعاصير الكذب، والنفاق، والصيد فى الماء العكر، والدفاع عن المحرمات، أكبر، وأمضى أثرا.. ففى الفضاء الملوث، بضحيج الثعابين السامة، تسبح آفات، وزواحف، قادرة، بما لديها من إمكانات جبارة، على تلويث كل من يتجرأ على الجهر بالحقيقة. ليست المسألة، فى جوقة من الأفاقين، ممن يتصدرون بعض المشاهد فى مجالات متباينة، ولكن المشكلة تكمن فى تلك السلوكيات، التى ترتسم فوق سطح المجتمع، بعد أن نفذت إلى أعماقه، وخلخلت كيانه، حتى وقع شبابنا، وأجيالنا الصاعدة، فى أتون لهيب من السلوكيات الوافدة من خارج الحدود، وتستهدف قصم خاصرة الوطن، وتدمير بنيته الشبابية، والتى تشكل ستين بالمائة من عدد ساكنيه. منذ سنوات، كانت تدهشنا «البنطلونات الساقطة» من الشباب.. الآن، تحولت إلى «بنطلونات ممزقة» تكشف من الأجساد، أكثر مما تستر. منذ سنوات، كنا ننظر بتقزز للشباب الذين يطلقون شعر رأسهم.. اليوم ، لم يعد هناك فرق، بين كثير من الأولاد والبنات فى شعر الرأس، فانهارت الفواصل، وتراجعت الرجولة، وبات حصادها مريرا. لم يكن غريبا، أن يرافق ذلك، انتشار المخدرات بين شباب صغير فى السن، وزيادة حالات التحرش، وجرائم الاغتصاب، وصولا الى بروز ظاهرة «المثليين» من الشواذ، الذين راحوا يجهرون بفسقهم وفجورهم، على الملأ. هى سلسلة مترابطة، بلغناها، حين غاب المجتمع عن وضع الضوابط، والقواعد، التى تحفظ لشبابنا قيمه.. انغمسنا فى طريق من التردي، والهوان، والصمت على الانحرافات الحاصلة فى مجتمعنا، فكانت المحصلة، صدمات يتلقاها المجتمع على أم رأسه، عند مطلع كل صباح!! كيف بلغنا هذا المستوى من التردي؟.. وأين دور المؤسسات التربوية والتعليمية والدينية والثقافية والاعلامية، وغيرها، فى مواجهة الأفكار الغريبة، الوافدة على مجتمعنا، والمصدرة إلينا من بعض من يحيكون المخططات فى السر، لسقوط شبابنا فى براثن الرذيلة والخراب، وليجعلوا من مجتمعنا هدفا «سهل المنال» بعد أن ينزعوا عنه أعز مالديه، وهم شبابه وكنزه الثمين.