ربما لا يدرى جيدًا أبناؤنا من الأجيال الجديدة التى لم تعاصر ملحمة انتصارات أكتوبر المجيدة الحجم الحقيقى لما حققه الجيش المصرى من بطولات على ساحة المعركة سطروها بدمائهم وأرواحهم دون تردد فداء لهذا الوطن العظيم كما لا يدركون ايضا الاستراتيجيات والسياسات التى وضعت بدهاء شديد بغية تحقيق ذلك النصر العظيم، ومن ثم كان لزامًا علينا ان نذكرهم وأن نوَّثق هذا التاريخ جيدا دون نزق أو أهواء أو تحريف انطلاقًا من الشعور بالأمانة الوطنية الخالصة وبالمسئولية تجاه وطننا وأنفسنا وأبنائنا ! ولكن هل يكفى تدوين الوقائع والتاريخ كى نترك لهم تلك الأرض الصلبة التى سيبنون عليها المستقبل؟! أم اننا بحاجة لضرب النموذج والمثال أمامهم ليؤمنوا بأجيال سبقتهم وقد صنعت انتصارات بدلا من الانتقاد المستمر لها، اضافة لضرورة استخلاص الدروس والعبر من تلك الملاحم البطولية لمواجهة حاضر لا يقل ضراوة وشراسة فى حربه عن شراسة الحروب التقليدية التى خضناها من قبل حيث ان التحديات التى نواجهها فى الفترة المعاصرة هى تحديات وحروب ذات طبيعة خاصة جدا لما تشهده من تطورات فى الرؤى والأساليب المستخدمة لهذا العصر وقد اطلق عليها من المحللين والمختصين مصطلح «حروب الأجيال الجديدة» والتى كَثُرَ الحديث فيها عن حروب الجيل الرابع وما شابه! وأيا كان الاتفاق أو الاختلاف حول المصطلحات أو المسميات التى تطلق على هذه الأجيال الجديدة من الحروب إلا أن هناك عدة حقائق لا يختلف عليها اثنان وأولها اننا نحارب الإرهاب والجهل والفقر واننا نحارب أيضا الأفكار والمبادئ الوافدة علينا من الخارج سواء المتطرفة أو المنحرفة أخلاقيا والتى لا تتناسب مع روح الشرق أو الاسلام وأن هذه الحروب تتطلب تعبئة جهود الجميع ، وبالتالى فمما لا شك فيه ان استلهام روح أكتوبر يعد القدوة والنموذج الذى يجب أن يضعه الأحفاد نصب أعينهم وهم فى طريقهم لمواجهة تحديات مستقبل هذا الوطن العظيم الذى يعد اقل ما يستحقه منا هو الفخر بمنجزاته والإصرار على تدوين محطاته المشرقة وبكل شفافية .