بعد سلسلة من التأجيلات واللغط حول موعد بداية اقتحام منطقة الرقة السورية وتحريرها من تنظم داعش والتى تحظى فيها قوات سوريا الديمقراطية الكردية «قسد» بنصيب الأسد اشتعلت المواجهات بالفعل حيث أعلنت قوات الكردية استيلاءها على الكثير من المناطق فى الرقة السورية مع اشتداد غارات التحالف ووصول الضحايا ل23 شخصًا وأعلنت بعض المواقع الكردية أن قواتها أصبحت على بعد 3 كيلو مترات فقط من الرقة بعد تحرير قريتى سلحبية الشرقيةوالغربية وبلدة المنصورة أكبر بلدات غرب الرقة. واستولت القوات الكردية على حى «المشلب» فى الجهة الشرقية وأعلنت وصول ضحايا داعش ل20 شخصًا قتلوا خلال اشتباكات «المشلب» كما أعلنت استيلاءها على حى الجزرة، وتل قلعة هرقل غرب الرقة، ورد تنظيم داعش بتفجير بسيارتين مفخختين فى تجمعات لميليشيات «سوريا الديمقراطية» قرب «ساحة الجزرة» مما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى فى صفوف تلك الميليشيات وعدد كبير من المدنيين خاصة مع تداول فيديوهات يبرز استخدام الفوسفور الأبيض فى حى السباهية والجزرة وذلك بعد الاستيلاء على قرى «الرمثان، الهيب، جب أحمد الخلف غربى الرقة وذلك بعد إعلان البنتاجون تدعيم القوات الكردية بمروحيات أباتشى ومدافع هاوتزر طراز إم 777 وصواريخ تُطلق من منصات منظومة «هيماريس». وتأتى عمليات تحرير الرقة بعد استيلاء قوات سوريا الديمقراطية على منابع مياه الفرات بعد الاستيلاء على سدود تشرين والفرات والبعث الذى يبعد 20 كيلو مترًا فقط عن مدينة الرقة. وبعد وصول تهديدات من الحشد الشعبى الشيعى العراقى بتعقب داعش فى سوريا أيضًا أعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنها ستواجه هذه التهديدات بالقوة العسكرية ولن تسمح بدخول قوات الحشد الشعبى لمناطقها فى سوريا حيث أفادت الأنباء عن تقدم عناصر الحشد الشعبى لقرية أم الذبيان التى تبعد نحو 14 كيلومترا عن الحدود السورية. وتتعرض مدينة الرقة منذ فترة لحصار من قبل قوات سوريا الديمقراطية من الشمال والشرق والغرب بينما المنطقة الشمالية لا تزال مفتوحة وهناك مخاوف من تسليم الرقة للعناصر الكردية بعد تحريرها حيث تواترت أنباء عن وعد أمريكى لصالح مسلم زعيم روج افا بضم الرقة لروج افا كباكورة لإعلان دولة كردية فى سوريا وعزز هذه المخاوف محاولة التغيير الديمغرافى للعديد من المناطق بطرد العناصر العربية منها على يد القوات الكردية مع العلم أن العناصر الكردية لا تتعدى نسبتها فى المناطق المحررة فى اقصى التقديرات 23%. وتأتى التطمينات الأمريكية بأن الرقة سيتم تسليمها للسكان العرب بعد تحريرها وهو ما يصعب تحقيقه على أرض الواقع بعد فرار الآلاف من جحيم المعارك كما أن القوات الأساسية التى تتلقى الدعم الأمريكى الكامل فى معركة الرقة تحديدًا هى القوات الكردية. وأعلن «عواس على» وهو مسئول كردى فى محافظة الرقة أن الجناح السياسى لقوات سوريا الديمقراطية، لديه عدة خطط متقدمة لتشكيل مجلس مدنى لقيادة المدينة بمجرد السيطرة عليها. وسيتألف المجلس بالأساس من عرب بما يتسق مع الطبيعة السكانية للرقة لكنه سيضم أيضًا أكرادًا وعناصر من مجموعات عرقية أخرى، كما سيضم المجلس شيوخًا من عشائر محلية وأشخاصا يعيشون فى الوقت الراهن فى المدينة سيتم تحديدهم فى وقت لاحق، وأضاف أن مجلس المدينة الذى سيصبح هو عضوا فيه سيتم الإعلان عنه الشهر المقبل. وقالت السياسية الكردية البارزة «إلهام أحمد» إن الأكراد مستعدون لإدارة المدينة لحين تحريرها بالكامل لافتة إلى أن السلطات المحلية ستوسع من نطاق المجلس بعد السيطرة على الرقة مثلما حدث فى منبج. ويقول محللون إن تشكيل حكومة محلية موالية لقوات سوريا الديمقراطية فى الرقة سيوسع من نطاق النفوذ الكردى فى شمال سوريا بما يماثل ترتيبات للحكم نفذت فى مدينة منبج بعد السيطرة عليها العام الماضى. وحول القوات المشاركة فى معركة تحرير الرقة فقد أعلن الناطق الرسمى باسم قوات «قسد» العميد طلال سلو فى بيان له فى بلدة الحزيمة بريف الرقة الشمالى بدء معركة الرقة وأوضح أن القوات المشاركة فى العمليات هى «وحدات حماية الشعب»، و«وحدات حماية المرأة», و«جيش الثوار»، و«جبهة الأكراد»، و«لواء الشمال الديمقراطي»، و«قوات العشائر»، و«لواء مغاوير حمص»، و«صقور الرقة»، و«لواء التحرير»، و«لواء السلاجقة»، و«قوات الصناديد»، و«المجلس العسكرى السريانى»، و«مجلس منبج العسكرى»، و«مجلس ديرالزور العسكرى» و«قوات النخبة» و«قوات الحماية الذاتية» وبمساندة قوية من «مجلس الرقة المدنى» و«مجلس سوريا الديمقراطية» ووجهاء ورؤساء عشائر المنطقة. واشتدت حدة المعارك فى الرقة بشكل مكثف حتى وصلت ضربات التحالف الدولى ل25 ضربة جوية على الأقل فى أطراف المدينةالغربية قتل بسببها 17 مدنيًا على الأقل وطالت الغارات أحياء المشلب والصناعة والسباهى ومناطق أخرى غرب الفرات. وطالب مجلس محافظة الرقة قوات التحالف الدولى و«سوريا الديمقراطية» بفتح ممرات آمنة لخروج المدنيين والتوقف عن استهداف المدينة بعد ازدياد عدد القتلى بين صفوف المدنيين العزّل. ويسعى تنظيم «داعش» لإفراغ أحياء الرقة الشرقية والشمالية بعد إبلاغ الاهالى بوجوب خروجهم من هذه المناطق حيث تم إخراج أهالى حى «المشلب» و«الرميلة» بالقوة كما قام داعش بإغلاق قنوات الرى وإغراق المنازل فى الرقة السمرا وحى الدرعية لإجبار المدنيين على الخروج بالإضافة للشائعات التى يتم نشرها بشكل متواصل وكان أبرزها انهيار سد الفرات مما تسبب فى نزوح الآلاف من الرقة إلى الريف الشمالى وأجبرهم على النزوح إلى مناطق «قسد». وحول أهمية معركة تحرير الرقة فقد أكد «بريت مكجورك» المبعوث الأمريكى للتحالف الدولى الذى يقاتل تنظيم داعش، أكد أن وتيرة الحملة المدعومة من الولاياتالمتحدة للسيطرة على الرقة فى سوريا ستتسارع، كما شبه ما يحدث من عمليات فى الرقة بعملية تحرير الموصل آخر معاقل داعش فى العراق ولم يستبعد طول أمد عمليات الرقة مثلما حدث فى الموصل خاصة ان هاتين المدينتين هى المعاقل الأكبر والأهم والأخيرة للتنظيم فى سورياوالعراق. إنسانيًا، يستمر نزوح آلاف المدنيين من مدينة الرقة السورية هروبًا من المعارك وسط غياب لكافة مستلزمات الحياة الإنسانية الأساسية حيث تقدم المنظمات الإنسانية المعونات الطبية فقط للنازحين دون توفير المستلزمات الأخرى من غذاء ومياه وبلغ عدد النازحين حتى الآن نحو 25 ألف شخص. وقد انطلقت المعركة التمهيدية لتحرير الرقة فى نوفمبر 2016 وتوزعت على مراحل تهدف لعزل المدينة وتطويقها ومحاصرتها بإحكام.