أكد سعد الحريرى رئيس وزراء لبنان أهمية اجتماع اللجنة المشتركة المصرية اللبنانية العليا فى القاهرة بعد غد، عقب انقطاع دام سبع سنوات، موضحا أن هناك ملفات عديدة مطروحة على جدول الأعمال فى مقدمتها تفعيل العلاقات السياسية وتطوير العلاقات الاقتصادية. وقال فى حواره مع - محمد عبدالهادى علام – رئيس تحرير الأهرام نشر اليوم الثلاثاء فى صحيفة الأهرام : إن هناك تواصلا بين المسئولين الأمنيين اللبنانيين والمصريين على أعلى المستويات لتنسيق الجهود فى مواجهة الخطر الإرهابى وملاحقة أفراد وخلايا التنظيمات الإرهابية، وشدد رئيس الوزراء اللبنانى على أنه لا يمكن إنهاء الحرب الدائرة فى سوريا إلا من خلال التسوية السياسية، مشيرا إلى أن القيادة المصرية يمكن أن تلعب دورا محوريا فى هذا المجال وهى التى قدمت النموذج الصحيح لكيفية تعاطى الجيوش الوطنية مع شعوبها. , وعن جدول الأعمال المطروح فى زيارته المرتقبة للقاهرة قال الحريرى: وفى مقدمتها تفعيل العلاقات السياسية لمواكبة التحديات الداهمة خصوصا، فى سوريا والعراق وغيرهما، ومنع تداعياتها وآثارها السلبية قدر الإمكان، وتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياحية وتحسين مستوى التبادل بين البلدين وزيادة التعاون وتبادل الخبرات فى مجال النقل والصحة والتربية وعمالة الأفراد وتشجيع الاستثمارات. وأشار الحريرى أن حجم التعاون الاقتصادى بين مصر ولبنان ليس مرضيا ولا يرقى إلى مستوى العلاقات السياسية الجيدة وأواصر الإخوة والمودة التى تربط بين الشعبين الشقيقين. نحن نسعى بكل جهد لتحقيق نقلة نوعية فى مستوى العلاقات الاقتصادية، بما يتلاءم مع دور البلدين وعلاقاتهما التاريخية، ونأمل من خلال الزيارة واجتماع اللجنة المشتركة، فى تحقيق هذا الهدف. مضيفا أن هناك فريق كامل من الوزراء يشارك فى الوفد وقد أنجزوا دراسة الملفات المدرجة فى جدول الأعمال وسيعقدون سلسلة اجتماعات مع نظرائهم المصريين لهذه الغاية، وسيتخلل الزيارة التوقيع على الاتفاقيات المطلوبة والتى تشمل مواضيع التعاون، بدءا من تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مرورا بكل ما يهم فى قطاعات النقل والبيئة والتعاون الثقافى والبيئى والزراعى والفنى وغيرها. الأهرام: لبنان والحمد لله، وبرغم التنوع والتعددية والطائفية والظروف الإقليمية صامد أمام موجات، من محاولات المساس بأمنه واستقراره. برأيكم كيف حافظ لبنان على هذا الصمود فى مواجهة جماعات العنف والإرهاب؟ وعن التعاون الأمنى بين مصر ولبنان قال الحريرى: لا يخفى على أحد أن هناك تواصلا بين المسئولين الأمنيين اللبنانيين والمصريين على أعلى المستويات، لتنسيق الجهود فى مواجهة الخطر الارهابى وملاحقة أفراد وخلايا التنظيمات الإرهابية التى انتشرت بكثرة فى المنطقة العربية والعالم وباتت تهدد أمن الدول والمجتمعات، وكلما كانت هناك مصلحة لتطوير هذا التواصل والتنسيق الأمني، أعتقد أننا لن نتوانى عن ذلك خصوصا فى هذا الظرف الخطير الذى تمر به المنطقة العربية حاليا. مؤكدا أن مصر ركيزة أساسية للأمن القومى العربى ولأمن لبنان بالذات، هذا ما عايشه اللبنانيون، إن كان على صعيد الصراع مع إسرائيل أو الأزمات والاهتزازات فى المنطقة العربية، ونحن فى لبنان ضد كل ما يمس الأمن والاستقرار فى مصر أو أى دولة عربية شقيقة، ونرفض أى محاولة من أى جهة كانت باستعمال لبنان كمنصة أو استغلاله كمنطلق لاستهداف أمن مصر أو غيرها، وعلى قناعة بأن الأمن العربى مرتبط ببعضه البعض، وأى اهتزاز أو استهداف لأى دولة عربية سيصيب الدول الأخرى بشكل أو بآخر، وينعكس ضررا على العرب عموما. وعن رؤيته للوضع فى سوريا قال الحريرى: الوضع فى سوريا معقد وصعب وتأثيره كان واضحا على لبنان الذى عانى ولا يزال يعانى تداعيات هذه الحرب، بفعل تدفق مئات آلاف اللاجئين السوريين إلى أرضه، هربا من ديكتاتورية ووحشية النظام وخطر الارهاب. وكما تعلمون، فإن ذلك يشكل عبئاً على اقتصاد البلد، ناهيك عن التداعيات الأمنية على الحدود المشتركة ومحاولات بعض التنظيمات الإرهابية المتشددة استهداف أمن لبنان واستقراره من وقت لآخر، الأمر الذى يتطلب بقاء القوى والأجهزة الأمنية والعسكرية على درجة عالية من اليقظة والاستعداد لمواجهة مثل هذه المحاولات. لم نلحظ أى تقدم فى مفاوضات جنيف باتجاه وقف الحرب الدائرة فى سوريا نهائيا، الحرب لا تزال مستمرة لأنه يبدو أن نظام الأسد وحليفه الإقليمى الأساسي، اى ايران، يراهن على حسم الأمور عسكريا، وهو يستغل هذه المفاوضات فى سبيل تحقيق هذا الهدف. ولذلك تستمر الحرب بين كر وفر وتدمير المزيد من القرى والمدن وتهجير المدنيين وتزايد الدول والأطراف والتنظيمات المشاركة فيها وتشابك المصالح الإقليمية والدولية فيها. لا يمكن إنهاء الحرب الدائرة فى سوريا، إلا من خلال التسوية السياسية والأخذ بعين الاعتبار مطالب اكثرية الشعب السورى ومشاركته فى نظام ديمقراطى يجمع بين كافة مكونات الشعب، ومن غير ذلك يستحيل وقف هذه الحرب المدمرة. وعن تقييمه للموقف المصرى من الوضع قى سوريا قال الحريرى: مصر دولة عربية كبرى لها وزنها وسياستها وموقفها مما يجرى فى سوريا يرتكز على مصالحها وتطلعاتها. نحن كقوى سياسية وأنا شخصيا، موقفى معروف منذ بداية الثورة السورية، ومع التوصل الى حلٍ سياسى ينهى مأساة سوريا، واعتقد ان القيادة المصرية يمكن ان تلعب دوراً محورياً فى هذا المجال، وهى التى قدمت النموذج الصحيح لكيفية تعاطى الجيوش الوطنية مع شعوبها. الأهرام: ماذا تنتظر أو تتوقع من القمة العربية القادمة فى عمان حيال التعامل مع الوضع العربى الراهن وحالة الانقسام والفوضى والإرهاب؟ وعن توقعاته من القمة العربية القادمة قال الحريرى: يبقى مؤتمر القمة العربية حدثا مهما ومناسبة مواتية لجمع والتقاء الزعماء والمسئولين العرب مع بعضهم البعض والبحث عن سبل حل الخلافات وإيجاد الحلول للمشاكل والأزمات التى تعصف بالمنطقة العربية بالرغم من كل الحروب والتحديات والانقسامات السائدة حاليا، فمؤتمر القمة يشكل فرصة ثمينة للتباحث فى ما آلت إليه المنطقة العربية ولتحديد رؤية للعمل العربى المشترك والتطلع إلى المستقبل، ولتوجيه رسالة واضحة للخصوم والأصدقاء بأن نواة التلاقى العربى لا تزال قائمة ويمكن الانطلاق منها لتجاوز الخلافات والانقسامات العربية مهما كانت صعبة ومعقدة. وعن التباين فى الرؤى بينه وبين الرئيس ميشال عون فيما يخص سلاح حزب الله قال الحريرى: نحن كتيار سياسى موقفنا معروف ونؤكد عليه باستمرار أننا ضد أى سلاح غير سلاح الجيش والدولة اللبنانية. وفِى سائر الأحوال يبقى هذا الموضوع محل تباين وخلاف فى وجهات النظر بين اللبنانيين، وهو مع الأسف يشكل عنصراً اساسياً من عناصر الانقسام الوطنى وضعف الدولة، ولكننا نتطلع دائماً الى معالجته تحت سقف الحوار الوطني، والدعوة الى حصرية السلاح فى يد الدولة ومؤسساتها العسكرية والأمنية الشرعية. فلا شرعية لاى سلاح الا لسلاح الجيش اللبنانى ومؤسساتنا الأمنية. وكل سلاح آخر هو محل خلاف وتباين. مؤكدا أن الحوار مستمر مع حزب الله، وإن كانت الجلسات لا تعقد بالزخم الذى كانت عليه لأننا بتنا نجتمع فى جلسات مجلس الوزراء باستمرار. نحن لا نزال على موقفنا من سلاح حزب الله ولم نغيّر مواقفنا الرافضة لوجود أى سلاح خارج مؤسسات الدولة وهم مستمرون وسياستهم بالتدخل بالأزمة السورية عسكريا ورفضهم حل مسألة السلاح، فى حين ما يجمعنا حاليا المشاركة ضمن الحكومة الواحدة والإجماع على رفض الفتنة المذهبية بين السنّة والشيعة والبحث عن حلول للمسائل والمشاكل الأخرى التى تهم اللبنانيين وتحسن مستوى عيشهم. أما فيما يخص إمكانية عقد لقاء مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، فأعتقد أن الظروف غير ملائمة لعقد مثل هذا اللقاء. الأهرام: بعد تصنيف مجلس التعاون الخليجى لحزب الله كمنظمة إرهابية، تأثر الاقتصاد اللبنانى بسبب الضغوط الكبيرة التى تعرضت لها الجالية اللبنانية فى دول الخليج وكذلك منع دول الخليج لمواطنيها من زيارة لبنان، فما هى الخطوات التى ستتخذها الحكومة اللبنانية برئاستكم لإزالة الآثار السلبية لقرار مجلس التعاون الخليجي؟ وعن العلاقات الخليجية اللبنانية قال الحريرى: أود أن أطمئنك وأطمئن الآخرين بأن علاقات سعد الحريرى مع المسئولين بالمملكة ليست موضع تشكيك، لأن الكل يعرف مدى عمق هذه العلاقة ومتانتها، أما فيما يتعلق بتجميد هبة تسليح الجيش اللبنانى المقدمة من المملكة فمرده إلى سوء تصرف وتهجم بعض الأطراف اللبنانيين على المملكة وقيادتها مرارا استجابة لتوجهات إقليمية، فى حين أن مسألة زيارتى للرياض مرتبطة بجدول أعمال الحكومتين اللبنانية والسعودية ومواضيع البحث بينهما، وليس لأى أمر آخر. الأهرام: يستضيف لبنان منذ عقود اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه، وخلال الأزمة السورية استقبل حوالى مليون نازح سورى ينتشرون فى ربوعه، فكيف يواجه لبنان أزمة اللاجئين فى ظل انعدام الدعم الدولي؟ وكشف الحريرى فى حواره مع " الأهرام عن العبء الكبير الذى تتحمله الدولة اللبنانية من وجود النازحين السوريين فى لبنان والذى قارب عددهم على مليون ونصف المليون نازح، وهناك ضغوط وتزايد استعمال البنى التحتية فى المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية تفوق قدرتها على الاستيعاب، مما أثر سلبا على حياة كثيرين من اللبنانيين فى ظل تقلص المساعدات الدولية المقدمة للبنان بهذا الخصوص. نحن نسعى من خلال الحكومة إلى وضع خطة شاملة تتضمن حاجة لبنان على كل المستويات لمواجهة أعباء النزوح السورى، وسنعرض هذه الخطة فى المؤتمر الذى سيعقد فى بلجيكا فى غضون الأسابيع القليلة المقبلة ونأمل أن تتجاوب معنا الدول المعنية وتوافق على مطالبنا بهذا الخصوص لتنفيذ التزامات الدولة تجاه المواطنين اللبنانيين وتخفيف التداعيات السلبية لوجود النازحين عنه.