أردوغان المهووس بجنون السلطة أصابته نوبة هياج فراح يهذى ويصب لعناته على هولنداوألمانيا ووصف مسؤوليهم بالنازية والفاشية. وبدا بذلك وكأنه وضع البداية نحو القطيعة مع الغرب بعد السياسات التى تبنتها دوله ضد حكومة العدالة والتنمية والتى رأى فيها توجها نحو إضعافه وتقوية خصومه. ولعلها المرة الأولى التى تشعر فيها حكومة أردوغان بأن لا مصلحة لها فى استمرار اصطفافها مع الاتحاد الأوربى والذى ظهر لها اليوم أنها لم تجن من ورائه أية فائدة سياسية لا سيما وهو الذى يصنف نفسه كتجمع مسيحى وبالتالى يرفض إدراجها كعضو فاعل فى هذا الاتحاد. ومن ثم تبقى الصلة التى تربطها بالغرب محصورة فى كونها عضوا بالناتو. ولهذا أسقط أردوغان اليوم من اعتباره أطروحة الدعوة إلى التعايش معه. أردوغان المهووس بالسلطة مضى فتبنى الحرب الكلامية ضد دول غربية تصدرتها ألمانياوهولندا رأى أنها أهانته وأهانت دولته، فكان أن دخل فى دائرة العداء معها وراح يهددها بفرض عقوبات دبلوماسية ضدها والتوجه إلى المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان. اتهم ألمانيا بالنازية وبأنها تدعم الإرهاب بلا هوادة، وهاجم هولندا متهمًا إياها بالفاشية والنازية. وهو ما أثار غضبا لدى الدول الأوربية لا سيما بعد تحذيرات الاتحاد الأوربى له بالتوقف عن تلك التصريحات التى من شأنها أن تزيد من تفاقم الأزمة وتهدد باشتعال الوضع أكثر فأكثر. وكانت الأزمة الدبلوماسية قد تصاعدت بين أنقرة ولاهاى بسبب حظر الأخيرة تجمعات هدفت لإقناع المهاجرين الأتراك بقبول تعديلات دستورية من شأنها توسيع صلاحيات أردوغان. إذ يتم عبرها تحويل النظام التركى من برلمانى إلى رئاسى. بينما ترى الحكومات الغربية أن تلك التعديلات ضد حقوق الإنسان وحرية الصحافة فى تركيا. ومن ثم بادرت هولندا فمنعت وزيرة شئون الأسرة التركية من تنظيم لقاءات مع المهاجرين الأتراك على أراضيها واقتادتها إلى خارج البلاد، كما سحبت الإذن بهبوط طائرة وزير الخارجية التركى مولود أوغلو فى روتردام، حيث كان يعتزم توجيه كلمة فى مسيرة للترويج لهذه التعديلات الدستورية. الأمر لم يقتصر على ألمانياوهولندا بل شمل دولا أوربية أخرى مثل النمسا وسويسرا. وتبع ذلك دعوة عدد من المسؤولين الأوربيين إلى اتخاذ موقف موحد داخل الاتحاد الأوربى ضد قيام مسؤولين أتراك بالدعاية للتعديلات الدستورية التى توسع صلاحيات أردوغان قبل الاستفتاء على ذلك منتصف أبريل القادم. وزاد الوضع حدة عندما تمادت تركيا فى مهاجمة الغرب، فرأينا نائب رئيس الوزراء التركى يهدد بأن بلاده لن تسمح بدخول الطائرات التى تحمل على متنها دبلوماسيين هولنديين من الهبوط فى تركيا، ولن تسمح بالمرور باستخدام مجالها الجوى. وما لبثت تركيا أن استدعت القائم بأعمال السفارة الهولندية فى أنقرة فى معرض الاحتجاج الرسمى على معاملة هولندا للدبلوماسيين الأتراك. هوس أردوغان الديكتاتور دفع أوربا إلى التوحد لمجابهة غطرسته وعناده، فكان أن أصرت على منع مسؤولين أتراك من القيام بالدعاية للتعديلات الدستورية التى يتم بموجبها توسيع صلاحيات هذا الأردوغان الذى يعانى شبق السلطة. وفى خضم ذلك غاب عن هذا النزق التبعات التى يمكن أن تتمخض عن نهمه بالهيمنة والسيطرة على كل مقاليد السلطة، ومنها التداعيات الكارثية على تركيا ويتصدرها خسارتها لأكثر من عشرة مليارات دولار قيمة الأضرار التى ستتكبدها فى مجالات التجارة الخارجية والسياحة والاستثمارات. هذا فضلًا عما سيطال هذا المهووس بالسلطة من تبعات جسام.