اسعار الفراخ البيضا والبلدى اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى بورصة الدواجن.    دمشق.. سوريا والاتحاد الأوروبي يطلقان يوم حوار مع المجتمع المدني    فيديو.. طفل بغزة يصرخ بسبب غرق خيامهم بالأمطار: خدنا يا الله وريحنا    التفاصيل الكاملة لحادث انقلاب حافلة رحلات في إسنا بالأقصر: وفاة مشرفة وطالبة وإصابة 24 آخرين    محمد عبد العزيز عن رفضه إعادة تقديم الأعمال القديمة: صدمت من تحويل فيلم عظيم لمسلسل ساذج!    الموقف الطبي لرباعي الأهلي بعد إصابتهم في المنتخب    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    تأجيل محاكمة 56 متهمًا بخلية التجمع    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    حكم مباراة الزمالك وزيسكو الزامبي في الكونفدرالية    للأمهات، اكتشفي كيف تؤثر مشاعرك على سلوك أطفالك دون أن تشعري    المتحف المصرى بالتحرير يحتفل بمرور 123 عاما على افتتاحه    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    قناة السويس تشهد عبور 38 سفينة بحمولات 1.7 مليون طن    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    عروض فنية وإبداعية للأطفال في ختام مشروع أهل مصر بالإسماعيلية    انطلاق الأسبوع التدريبي ال 15 بقطاع التدريب وبمركز سقارة غدًا    قافلة تنموية شاملة من جامعة القاهرة لقرية أم خنان بالحوامدية    مؤتمر جماهيري حاشد ل«حماة الوطن» بالدقهلية لدعم مرشحه في النواب 2025 | فيديو    الموسيقار هاني مهنا يتعرض لأزمة صحية    المدير التنفيذي للهيئة: التأمين الصحي الشامل يغطي أكثر من 5 ملايين مواطن    محافظ الجيزة يُطلق المهرجان الرياضي الأول للكيانات الشبابية    سفير فلسطين بالنمسا: هدنة غزة هشة.. وإسرائيل قتلت 260 فلسطينيًا منذ بدء وقف النار    فرص عمل جديدة بالأردن برواتب تصل إلى 500 دينار عبر وزارة العمل    التعليم العالى تقرر إلغاء زيادة رسوم الخدمات لطلاب المعاهد الفنية.. تفاصيل    مواجهات حاسمة في جدول مباريات اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    بتكوين تمحو معظم مكاسب 2025 وتهبط دون 95 ألف دولار    وزيرة التنمية المحلية تفتتح أول مجزر متنقل في مصر بطاقة 100 رأس يوميا    رئيس جهاز تنظيم إدارة المخلفات يجتمع بشركات جمع ونقل مخلفات المجازر بالقاهرة    الأعلى للثقافة: اعتماد الحجز الإلكتروني الحصري للمتحف المصري الكبير بدءًا من 1 ديسمبر    كانافارو مدرب أوزبكستان: منع خطورة محمد صلاح مهمة مستحيلة    «التخطيط» تطبق التصويت الإلكتروني في انتخابات مجلس إدارة نادي هليوبوليس    «الزراعة»: إصدار 429 ترخيص تشغيل لمشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    لو مريض سكر.. كيف تنظم مواعيد دواءك ووجباتك؟    في ذكرى وفاته| محمود عبدالعزيز.. ملك الجواسيس    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    نشرة مرور "الفجر".. انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    حارس لايبزيج: محمد صلاح أبرز لاعبي ليفربول في تاريخه الحديث.. والجماهير تعشقه لهذا السبب    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    درجات الحرارة على المدن والعواصم بمحافظات الجمهورية اليوم السبت    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم السبت 15 نوفمبر 2025    الصين تحذّر رعاياها من السفر إلى اليابان وسط توتر بشأن تايوان    كولومبيا تشتري طائرات مقاتلة من السويد بأكثر من 4 مليارات دولار    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    حكم شراء سيارة بالتقسيط.. الإفتاء تُجيب    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مقتل 7 أشخاص وإصابة 27 إثر انفجار مركز شرطة جامو وكشمير    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    باحث في شؤون الأسرة يكشف مخاطر الصداقات غير المنضبطة بين الولد والبنت    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    حبس عصابة استدرجت صاحب شركة واستولت على أمواله بالقاهرة    زعيم الثغر يحسم تأهله لنهائي دوري المرتبط لكرة السلة    سنن الاستماع لخطبة الجمعة وآداب المسجد – دليلك للخشوع والفائدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هيكل يدق جرس الإنذار الأخير
' سايكس - بيكو ' جديدة في الطريق إلي المنطقة
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 27 - 09 - 2011

ثلاثة مشروعات غربية وتركية وإيرانية وشبح مشروع إسرائيلي تتصارع علي إرث المشروع القومي العربي !!
واشنطن وحلفاؤها يسعون إلي إشعال الفتنة بين السنة والشيعة ودفع الإخوان المسلمين إلي الصدام !!
مصر مستغرقة في مشكلات آنية ومشغولة حالياً عن اللحظة الحرجة لايزال حديث الكاتب والمفكر الكبير محمد حسنين هيكل لصحيفة ' الأهرام ' يحدث جدلاً كبيراً في الشارع المصري والعربي ليس فقط لما بتضمنه من رؤية متكاملة للوضع علي الساحتين المصرية والعربية .. ولكن لأنه فجر قضايا كانت غائبة عن الأذهان في خضم الجدل الدائر علي الساحتين المصرية والعربية حول ثورات الربيع العربي وجدول أعمالها للفترة المقبلة .
وفي الحلقة الثالثة من هذا الحوار المهم تطرق الأستاذ هيكل إلي المشروعات المطروحة حالياً : دولياً وإقليمياً، التي تسعي حثيثاً إلي تصفية وكنس بقايا وعوالق مشروع نظام عربي يتهاوي .
منذ البداية يصدمك الأستاذ عندما يقول إن ما نراه الآن ليس مجرد ربيع عربي تهب نسماته علي المنطقة .. كما أنه ليس عاصفة تقتحم أجواءه برياحها وغبارها وعتمتها وإنما هو في الوقت ذاته تغيير إقليمي ودولي سياسي يتحرك بسرعة كاسحة علي جبهة عريضة ويحدث آثاراً عميقة وأيضاً محفوفة بالخطر !!
إذن هنا يحذر الأستاذ ويدق الأجراس بعنف من أن الأبواب والنوافذ تفتحت في المنطقة علي مصراعيها لشيء مختلف هو يقينا غير عربي وهو يقينا سيظل معنا لوقت طويل .
قبل أن يأخذك هيكل إلي مشروعات تتصارع علي إرث يتهاوي؛ محاولة ملء الفراغ الواسع في المنطقة بعد سقوطه يشير إلي أن هذا المشروع العربي لم يسقط كما يقول البعض - بعد نكسة 67 - وإنما بدأ تحديداً مع خروج مصر من العالم العربي بصلح منفرد مع إسرائيل .. ثم تواصل الانهيار مع حرب أهلية في لبنان ثم مع حرب ضد إيران ثم مع غزو للكويت ثم مع تدمير للعراق مع جهالة ليس لها نظير في إدارة القضية الفلسطينية والقائمة طويلة .
ويؤكد الأستاذ أننا نعيش مرحلة سقوط الأطلال وإزاحة ما تهاوي من شظايا وبقايا .. وهو يدرك تماما - كما يقول - أنه إذا لم يستطع أهل منطقة ولا أهل عصر أن يملئوا فضاءها وفضاءه فسوف تندفع القوي الأقرب لملء الفراغ .. وهذا بالضبط هو ما يحدث الآن؛ حيث العرب ينسحبون وآخرون يتقدمون حاملين أسماء أخري وعلامات أخري وبيارق أخري ومبادئ ومطالب أخري !!
لم يبالغ الأستاذ عندما راح يقول إنه يكاد يري من مقعده في مكتبه علي ضفاف النيل حركة نشيطة تجري في مواقع صنع القرار في عواصم مؤثرة وفاعلة .. ملفات جديدة تطرح وملفات غيرها ترفع وخرائط جديدة تجيء وخرائط غيرها تطوي .
هنا تحدث الأستاذ عن ملف الصراع العربي - الإسرائيلي الذي تجري إزاحته من اهتمامات البيت الأبيض وملف التفاوض الفلسطيني - الإسرائيلي يخرج من مكتب وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إلي فندق ' الكوخ السويسري ' في القدس حيث مكتب توني بلير الذي عهد إليه بتمثيل اللجنة الرباعية في إدارة مفاوضات السلام في الشرق الأوسط .
ويري الأستاذ أن القضية الفلسطينية - علي ما يبدو - ليست وحدها التي تتعرض للتصفية .. فهناك ملفات كثيرة أخري تجري إزاحتها .. ومع الملفات صور لرجال ونساء أدوا أغراضهم واستهلكوا فائدة وجودهم .
والأمر في نظر هيكل لا يقتصر علي إلقاء هذه الصور إلي سلال المهملات ولكن فوق هذه الملفات والصور هناك خرائط كانت معلقة علي الجدران ترفع الآن وتطوي لأن المشاهد اختلفت والمواقع العصية تأدبت أو يجري تأديبها والمواقع الضائعة استعيدت أو أنها تستعاد الآن !!
لقد رأي الأستاذ هيكل أن المخطط الجديد هو تمهيد لفصل جديد في شرق أوسط يعاد الآن تخطيطه وترتيبه وتأمينه حتي لا يفلت مرة أخري .. كما حدث عندما راود العرب حلم مشروعهم القومي وتبدي لسنوات كان هذا المشروع القومي العربي هو شكل المستقبل .
لقد تحدث الأستاذ عن ثلاثة مشروعات ونصف - هكذا قال - وهذه المشروعات أحدها غربي ' أوربي - أمريكي ' يبدو مصمما علي تنفيذ مخططه وهو لديه من أدوات الفعل والتأثير ما يشجع طلابه .. والثاني مشروع تركي يبدو طامحاً .. والثالث مشروع إيراني يؤذن من بعيد علي استحياء ثم أخيراً نصف مشروع حدده الأستاذ هيكل بأنه شبح مشروع إسرائيلي يتسم بالغلاظة '.
صحيح أن الأستاذ هيكل لم يتطرق بما فيه الكفاية لأبعاد المشروع التركي والإيراني والإسرائيلي إلا أنه ركز حديثه حول المشروع الغربي الذي قال إنه يزحف علي خطين ويطوق المنطقة ويحاصرها بحركة كماشة علي الجناحين .
لقد أشار الأستاذ إلي أن من ضمن أبرز أهداف هذا المشروع الغربي هو إغراق المنطقة في صراع إسلامي - إسلامي وبالتحديد سني شيعي معتبراً أن هذا الخط لم يكن وليد التو أو اللحظة وإنما هو بدأ الزحف منذ عدة سنوات وتحديداً منذ سقوط النظام الإمبراطوري في إيران؛ وحل محله نظام الثورة الإسلامية .
كانت البداية هي محاولة تذكية الصراع العرقي ' فارسي - عربي ' غير أن هذا التناقض لم يبلغ مقصده فجري تطويره بالفتنة المذهبية بناء علي نصيحة عدد من الخبراء وأولهم المستشرق الأشهر ' برناردلويس '.
لقد أشار هيكل إلي أن الهدف من وراء إثارة هذه الفتنة هو إعادة بعث مآسي الإسلام السابقة في خدمة مصالح غير إسلامية لاحقه إلي جانب أن هذا البعث للفتنة يحول الأنظار عن أي تهديد لهذه المصالح .. وفي الحالتين فإن المستهدف هو إشعال حرب أهلية إسلامية - إسلامية .
وهنا يثير نقطة مهمة ربما تكون مجالاً لحوارات مجتمعية عديدة .. لماذا هذا التواصل ورفع الحظر الأمريكي والغربي أخيراً عن جماعة الإخوان المسلمين؟ !.
هنا يطرح الأستاذ هيكل رؤية مختلفة عن الأسباب التي ساقها كثير من المحللين إذ اعتبر أن الاعتراف الأمريكي والغربي بالإخوان المسلمين لم يجئ قبولاً بحق لهم ولا تقديراً تجلت دواعيه فجأة أمام المعترفين ولا إعجابا ولا حكمة لكنه جاء قبولاً - ولو جزئياً - بنصيحة عدد من المستشرقين تطلب مدداً يستكمل عزل إيران في العالم الإسلامي والعربي بالفتنة المذهبية .
لقد تحدث الأستاذ بصراحة عن توظيف الولايات المتحدة والغرب لعدد من الأمراء والرؤساء للقيام بمهمة تغيير طبيعة الصراع الرئيسي في المنطقة من كونه ' عربياً إسرائيلياً ' حتي يصبح عربياً فارسياً .. ولكن هؤلاء لم ينجحوا في تحقيق ما يطلبه الكبار في واشنطن وغيرها .
وكان طبيعاً أمام هذا الفشل أن تستجيب واشنطن وحلفاؤها لنقل الصراع من كونه حكومات في مواجهة حكومات لكي يصبح صراعاً بين مجتمعات ضد مجتمعات فكان الصراع المذهبي .
وبهذا القصد يري الأستاذ هيكل أن الاعتراف بالإخوان وقبول مشاركتهم شرعياً فيما كان محظوراً عليهم من قبل الهدف منه كما يقول ' أن يكون للإخوان السنة دور علي مستوي الشارع العربي في مواجهة مع الشيعة في قلبه '.
وهنا ليسمح لي الأستاذ هيكل بالاعتراض علي هذه الرؤية والتحليل؛ ذلك أن الحوار مع الإخوان المسلمين ربما يكون السعي إلي إدخالهم في هذا المخطط هو ضمن الأهداف ولكنه بالقطع ليس الهدف الوحيد .
إن واشنطن لجأت إلي الحوار مع الإخوان بعد أن أدركت أنهم رقم صعب تجاوزه وأن وجودهم في الشارع يمثل قوة لا يستهان بها وأنه لا يمكن لهم في كل الأحوال التغاضي عن هذه القوة التي بدءوا معها حواراً علنياً مع أعضاء بالكتلة النيابية قبل اندلاع الثورة بنحو ثلاثة أعوام علي الأقل .
وأظن - كما أكدتم أيضا - أن محاولة استدراج الإخوان إلي حرب مذهبية مع الشيعة هو أمر مرفوض جملة وتفصيلاً وهم أول من حذر من هذه الحرب المذهبية التي يراد من خلالها إشاعة الفوضي والقضاء علي التيار الإسلامي في المنطقة .
وعن الخط الثاني للمشروع الأمريكي - الأوربي يؤكد الأستاذ هيكل أنه يزحف بسرعة لافتة حتي يسبق غيره وأيضا يسبق أي طوارئ محتملة في المنطقة بسبب الربيع العربي؛ خصوصا في القاهرة .. وهو المشروع الذي يستهدف تقسيم المنطقة علي طريقة سايكس - بيكو مع تعديل ما تقتضيه متغيرات الأحوال .
هنا يقول الأستاذ ' إننا أمام تقسيم جديد لعالم عربي ضاع منه مشروع نظامه أو أضاع هو مشروع نظامه، ولذلك جاء إلي فضاء المنطقة من يرسم خرائطها الجديدة في ظروف جديدة لها مواصفاتها الجديدة '.
ويري الأستاذ هيكل أن هناك فوارق بالطبع بين ' سايكس - بيكو ' القديمة و'سايكس - بيكو ' الجديدة التي يجري رسمها الآن وأول أسباب الاختلاف متغيرات العصر .
سايكس - بيكو الأولي كانت كما يقول الأستاذ خطاً علي خريطة يصل من عكا إلي كركوك ويفصل الشمال عن الجنوب ولكن هذه المرة ليس هناك خط فاصل، وإنما هناك مواقع متناثرة .
لقد كان التقسيم في المرة الأولي تقسيماً جغرافياً وتوزيع أوطان ولكن التقسيم هذه المرة تقسيم موارد ومواقع .. وبوضوح فإن ما يجري تقسيمه هو أولاً النفط وفوائضه .
لقد ضرب الأستاذ مثلا بما يجري الآن في ليبيا وقال : فلنطبق سايكس - بيكو الجديدة عملياً علي هذا الواقع .. وهنا أمسك بالحقيقة وقال : نحن نعلم مما نقرؤه الآن أن نفط ليبيا جري توزيع امتيازاته فعلاً وبنسب أذيعت علي الملأ كانت هي :
- 30٪ لفرنسا
- 20٪ لبريطانيا
ثم أن هناك نسباً أخري لإيطاليا وأمريكا ..
لم يكن إرث الموارد هو وحدة القاسم المشترك لهذا المخطط وإنما أيضا تخصيص المواقع .. وفي هذا يرصد الأستاذ هيكل قاعدة للأسطول السادس الأمريكي في طرابلس ومراكز مخابرات في بنغازي وطبرق لبريطانيا .. كما أن إيطاليا تحتج بأنها تاريخياً تعتبر ليبيا منطقة نفوذ لها كما أن فرنسا لها مطالبها .
لقد أسهب الأستاذ في الحديث عن ليبيا وعن القذافي غير أنه قال : ' إذا كان الغرب قد فوجئ بالثورة في تونس ومصر فإن هؤلاء نسوا أن تصبح عناصر أي ثورة ضرورية لنجاح فعلها وكذلك لم يعد ما يجري في ليبيا ثورة شعبية وفقط وإنما يبدو الآن غزواً خارجياً واستيلاء راح ضحيته حتي الآن أكثر من ثلاثين ألف رجل وامرأة وطفل من الليبيين وجرح منهم قرابه سبعين ألفاً ووقع تدمير مرافق ومنشآت .
وحذر هيكل من مغبة وخطورة هذا السيناريو ومن أن الأمور قد تصل بليبيا : مدنا وقبائل إلي حافة حرب أهلية وقال : ' بكل أمانة فالثورات لا تصنع ويستحيل أن تنجح بهذا الأسلوب فحلف الأطلنطي لا يحرر بلداً أو شعباً وإنما يسيطر علي شعب وعلي بلد '.
وتحدث الأستاذ عمَّنا يجري في سوريا وبعد أن انتقد ملف التوريث وضرورات التغيير حذر من أن تدخلاً عسكرياً أجنبياً في هذه اللحظة مخيف ويصعب تقدير عواقبه خصوصاً بعد ما جري في العراق واليمن والسودان وأخيراً ليبيا .
وحذر هيكل من خطورة الإنذارات التي توجهها بعض الدول العربية إلي سوريا وكأنها تمهد الطريق لتدخل عسكري دولي بالأسلوب نفسه الذي رأيناه ونراه، وقال : ' إن الأزمة في سوريا بالفعل أزمة نظام جاوز اللا معقول لكن علاج اللا معقول لا يجيء بدواء اللا مقبول '!!
وإذا كان هيكل قد أكد أن بعض ما يجري في سوريا مقصود به إيران فإنه أشار إلي أن الذين يغامرون باللا معقول لا تهمهم العواقب وربما أن هذا هو سر غضب بعضهم !!
كان الأستاذ يظن أن أفضل الخيارات المطروحة هذه اللحظة هو أن يستطيع العرب تأمين توازن في موقفهم يصون مصالحهم ولا يقمع طموحات مستقبلهم، ذلك أن تأمين التوازن في الحالة العربية لابد أن يتم بدرجة من التعاون مع الجوار الإقليمي الإسلامي بصرف النظر عن فرقة المذاهب .. لكن الظاهر من الخطاب الرسمي العربي السائد هو عداء إيران والتشكيك في تركيا .
وقال هيكل إن العداء لإيران بالتركيز علي مذاهب سوف يؤدي إلي كوارث في شبة الجزيرة العربية بدايتها ما نراه في اليمن والبحرين .. كما أن التشكيك في تركيا واستدعاء الجانب المظلم من التجربة العثمانية القديمة قد يدفع تركيا للانضمام إلي ' سايكس - بيكو ' الجديدة، شراكة مع الغرب الأمريكي - الأوربي في نصيب من الموارد والمواقع .
هذا عن أحوال المنطقة كما يرصدها الأستاذ هيكل فماذا عن مصر؟ ! بعد أن استعرض الأستاذ واقع مصر أكد قلقه من الواقع الراهن، الذي تعيشه البلاد .. فمصر مستغرقة بالكامل في مشكلات آنية تقسيم الدوائر : فردي أو نسبي .. إلي آخره .
وهو يري أن ثورة يناير وضعت مصر في أعلي مقام في المنطقة وتحت أسطع ضوء وفي أبهي صورة .. ثم جاءت اللحظة الحرجة من حولنا ونحن مشغولون عنها وكأنها لا تعنينا .
هناك مشروع تاريخي ينزاح وهو يستحق ونظام مستجد يزحف وليس له حق وملفات خطيرة تستبعد وملفات أخطر تستحضر وحدود ترسم ومصالح توزع وعوالم بأسرها تتغير بينما عناوين الصحف والإذاعات وشبكات التليفزيون كما رأيناها أمس وكما سوف نراها غداً .
تلك كانت الرؤية التي طرحها الكاتب والمفكر الكبير محمد حسنين هيكل وهي رؤية لا تتضمن رصداً للواقع فحسب وإنما استشرافا للمستقبل وجرس إنذار يُدق بقوة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في ظل متغيرات مفاجئة وسريعة تكاد تعصف بكل شيء .
إن أخطر ما تناوله الأستاذ هو هذا الاستغلال أو التوظيف لثورات الربيع العربي والقفز عليها لتحقيق هذا المخطط وتغيير الخارطة الجغرافية للمنطقة العربية والاستيلاء علي مواردها في إطار المشروع الأمريكي - الأوربي الذي يسعي إلي أن يحل علي انقاض وركام المشروع القومي العربي الذي بات علي شفا الانهيار .
وإذا كان الأستاذ يقدم في إطار ذلك قراءة جديدة لاتفاقية سايكس - بيكو القديمة محذرًا من إعادة إنتاجها في شكل جديد فإن الأمر بالتأكيد سوف يواجه مواجهة شرسة من قبل جمهور عريض يمتد بطول الأمة وعرضها حفاظاً علي الهوية ورفضاً لمخطط التقسيم الذي يريد القضاء علي حاضر الأمة ومستقبلها .
لقد طرح الأستاذ هيكل رؤية منهجية موضوعية وألقي بالكرة في ملعب الجميع وطالب باستنهاض الأمة للتصدي لهذا المشروع والتوقف عن إحياء عداءات كانت قديمة أو جديدة مع كلٍ من إيران وتركيا .. إلا أن هذا الطرح يجب أن يدفع شباب هذه الأمة وشيوخها إلي الاتفاق علي برنامج عمل وآليات محددة للتصدي لهذا المشروع الذي بدأ يحرث في الأرض ويسيطر علي ثروات الأمة ويسعي إلي الانقضاض النهائي عليها .
لقد طلب الأستاذ هيكل من المجلس الأعلي للقوات المسلحة تشكيل مجلس أمن قومي تكون مهمته المتابعة والتصدي لهذا المخطط .. وأظن أن هذا الاقتراح يجب أن يؤخذ في موضع الاعتبار باعتباره لازماً مهماً لمواجهة ما يحاك في العلن والخفاء .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.