يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة جاءت وعيناها على إيران، كما جعلت إدارة بوش الابن العراق هدفها الاول بعد تولي مهامها الرئاسية غير أن تبريرات الحرب ضد ايران تبدو أكثر واقعية من العراق، خاصة بعد تدخلها فى دول المنطقة وإثارة الفوضى والانقسامات والطائفية لاسيما فى العراق واليمن . وتصاعدت حدة التوتر بين إدارة ترامب وطهران إلى حد التراشق اللفظى بين الرئيس الايرانى حسن روحانى والامريكى دونالد ترامب بعد التلويح بعمل عسكرى ضد ايران حيث حشد نظام الملالى الملايين فى الميادين فى ذكرى الثورة الايرانية وصرح روحانى «يجب مخاطبة الشعب الايرانى باحترام .الشعب الايرانى سيجعل من يستخدم لغة التهديد أيا كان يندم على ذلك «مضيفا» مشاركة الملايين رد على أكاذيب المسؤلين الجدد بالبيت الابيض». ورد ترامب على تصريحات الرئيس الايرانى قائلا «احترس أفضل لك». حيث تصاعدت حدة التوتر بين البلدين عقب استهداف الحوثيين المدعومين من الجمهورية الاسلامية الفرقاطة السعودية فى مضيق باب المندب حيث أعلنت وزارة الدفاع «البنتاجون» أن هذا الهجوم كان يستهدف سفينة أمريكية، وقال البيت الابيض إن تصرفات طهران ضد سفننا لن تمضى دون رد، وعندما قامت ايران بتجربة لصاروخ باليستى متوسط المدى الاسبوع الماضى ردت واشنطن بأمر تنفيذى لفرض عقوبات إضافية على نحو 8 كيانات ايرانية وادراجها فى قائمة الانشطة المرتبطة بالارهاب وحوالى 17شخصا و كيانا مرتبطا بالصواريخ الباليستية وذلك بالرغم من أن هذا النوع من الصواريخ غير مدرج فى الاتفاق النووى وأن المذكور فى الاتفاق هو الصواريخ الحاملة لرؤوس نووية الامر الذى يفسر عدم تعليق من جانب الدول الكبرى الموقعة على الاتفاق لتجربة الصاروخ الباليستى الاخير، وأشارت تقارير إلى أن العقوبات الجديدة يجرى الاعداد لها منذ بعض الوقت قبل التجربة الصاروخية غير أن تلك التجربة ساعدت على إثارة قرار الرئيس الامريكى لفرضها . وأعرب ترامب عن تغيير السياسة المتبعة تجاه ايران قبل مجيئه للبيت الابيض بعد أن أشار إلى عزمه الغاء الاتفاق النووى مع ايران ووصفه بالاسوأ فى تاريخ الولاياتالمتحدة، وهى سياسة تلقى قبولا من الكثيرين الجمهوريين والديمقراطيين الذين عارضوا هذا الاتفاق أثناء إدارة أوباما، وعلى الجانب الاخر تهدد ايران باستعادة أنشطتها النووية وتخصيب اليورانيوم إذا ألغت الولاياتالمتحدة الاتفاق، كما صعدت ايران من لهجتها وتوعدت بالرد على العقوبات الجديدة بالمثل لتفرض قيودا على العديد من الشركات والاشخاص الامريكيين، وعندما شمل الامر التنفيذى الخاص بحظر دخول مسافرين إلى الولاياتالمتحدةايران أيضا رد نظام الملالى بأنه سيمنع دخول أمريكيين إلى الجمهورية الاسلامية ووصف الرئيس الايرانى حسن روحانى ترامب بالمبتدئ فى السياسة .غير أن إعلان وزير الدفاع الامريكى جيم ماتيس أن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب بعد يوم واحد من نشر الولاياتالمتحدة مدمرة قرب مضيق باب المندب قبالة اليمن للقيام بدوريات لحماية الممرات المائية ومنع وصول أسلحة من إيران لمليشيا الحوثى كان التصعيد الابرز حتى الان . الادارة الامريكية الحالية )وبدعم من مجلس الشيوخ الذى يسيطر عليه الاغلبية الجمهورية( عازمة على القيام بعمل عسكرى ضد ايران، فبعد تولى مجلس النواب الجديد مهامه فى مطلع يناير الماضى طرح مشروع قرار لتفويض الولاياتالمتحدة توجيه ضربة عسكرية وقائية ضد ايران حيث تقدمت عضو لجنة الشؤون الخارجية لمجلس النواب ألسى هسينجر بلائحة فى 3 يناير تحمل اسم 10 H.J.RES للسماح باستخدام القوات المسلحة بهدف منع ايران من الحصول على الاسلحة النووية وهى بذلك تجيز للرئيس الامريكى توجيه القوات المسلحة لشن ضربات وقائية ضد ايران .وقد تم تقديم هذا المشروع مع لائحة أخرى تطالب بفرض عقوبات على طهران بسبب التوسع فى برنامج الصواريخ الباليستية . ويرى مراقبون أن ترامب ربما يهرب من قيود الاتفاق النووى ليسوق تبريرات أخرى للحرب بجانب التدخل فى دول المنطقة وإثارة الفوضى إلى المطالبة بتغيير النظام فى ايران وهذا ما يدركه الايرانيون جيدا، فقد حذر المتحدث الرسمى السابق باسم الفريق التفاوضى الايرانى والمعاون السابق للمجلس الاعلى للأمن القومى الايرانى حسين موسيان، حذر بلاده مع تسلم الرئيس دونالد ترامب السلطة من تفعيل مشروع تغيير النظام فى ايران من جديد ورأى موسيان أن فريق إدارة ترامب فى شئوون السياسة الخارجية والامنية والعسكرية كلهم شخصيات معادية للنظام الايرانى . وبالفعل فإن فريق ترامب الامنى الذى يضم ثلاثة شخصيات وصفوا بالصقور المعاديين للإيران جاءوا بخطط معدة مسبقا للحرب ضد ايران، فقد كتب مايك فيلين مستشار الأمن القومى خطة طويلة للحرب مع ايران فى كتاب تحت عنوان ميدان القتال بمشاركة أحد الصقور المتشددين يدعى مايكل ليدين ونشره فى مطلع العام الجارى، ويطالب فيلين فى هذا الكتاب بالقيام بحملة عسكرية لتغيير النظام فى طهران وعندما كان مديرا لاستخبارات الدفاع فى 2012 أمر بالبحث عن أدلة تشير إلى ارتباط طهران بالهجوم على السفارة الامريكية فى بنغازى بليبيا .ووزير الدفاع الحالى جيم ماتيس أقاله أوباما من منصبه عندما كان رئيس القيادة المركزية الامريكية بسبب معارضته للاتفاق النووى مع طهران ومطالبته بنشر ثالث حاملة طائرات فى الخليج كجزء من التحضير للحرب ضد إيران وكان دائما يكرر أن الثلاثة تهديدات الكبرى للولايات المتحدة هى «ايران، ايران وايران». هذا بالاضافة إلى مدير الاستخبارات جون بومبيو الذى جاء بأجندة مدرجة بها الغاء الاتفاق النووى الايرانى . وكشفت صحيفة الفورين بوليسى أن أولى محطات الحرب مع الجمهورية الاسلامية ستكون فى اليمن وأكدت الصحيفة البيت الابيض بدأ فى تكثييف العمل ضد ايران التى تدعم الحوثيين فى اليمن كجزء من خطة أوسع لمحاربة ايران من خلال استهداف حلفائها فى دول الخليج وأن الادارة الامريكية تقيم اتخاذ خطوات حاسمة تشمل استخدام طائرات دون طيار لضرب هجمات ايرانية فى اليمن ونشر مستشارين عسكريين لمعاونة القوات المحلية .وأشارت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة ربما تلتحق بقوات التحالف العربى للقيام بتلك الضربات وهو ما يفسر المكالمة الهاتفية الاخيرة بين ترامب والعاهل السعودى الملك سالمان لبحث بعض القضايا فى المنطقة وعلى رأسها التدخل الايرانى فى اليمن ويرى مراقبون أن إذا قام ترامب بعمل عسكرى ضد ايران لن يتكلف رجل الاعمال الذى يحسب المكسب والخسارة دولارا واحدا وأن السعودية ودول الخليج التى يستهدفها المشروع الايرانى فى المنطقة هى التى ستتكبد تكلفة الحرب.