مع بداية استلام الرئيس الأمريكي مهام عمله كرئيس للولايات المتحدةالأمريكية فان العالم الآن لم يعد هو نفسه كما كان في عهد اوياما بسبب وعوده وقراراته التي يعمل على تنفيذها الآن والتي تأتي صادمة للكثير من بلاد العالم وتغاير النظم والعلاقات الدولية التي ومن خلال حفاظه على مصالح أمريكا يسعى الآن إلى العمل على تغيرها وإن اختلفت في توجهاتها مع الدول ، ففي ضوء القرارات الصارمة الصادرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال بداية عهده والتي تتعلق بسياسته الخارجية تكشف لنا ملامح تلك السياسة ومنها إصراره على تنفيذ وعوده الانتخابية في مجال التصدي للإرهاب ومحاربة الفوضى والنزاعات في منطقة الشرق الأوسط وبلدان أخرى كقراره بمنع دخول مواطنين من سبع دول إسلامية لأمريكا غير مكترث بما يتعرض له من انتقادات دولية وداخلية ، وفي الوقت نفسه انفتاحه على بعض الدول المحورية والهامة في منطقة الشرق الأوسط من خلال مكالماته الهاتفية المطمئنة مع زعماء تلك الدول كمصر ، والسعودية ، وأبوظبي ثم استقباله للملك عبد الله كأول زعيم عربي يزور أمريكا في عهده الأمر الذي يدعونا إلى عدم التورط مع الآخرين لأخذ موقف من أمريكا بسبب توجهات ترامب تجاه تلك الدول الساخطة على أمريكا والداعية إلى اتخاذ موقف عدائي منها انطلاقا من حافظنا على مصالحنا ومصالح المنطقة ، وكذلك تهديده لإيران وفرضه عقوبات اقتصادية قبل يومين على شخصيات إيرانية بعد تجربتها الصاروخية الأخيرة و التصريحات ذات النبرة القتالية التي صدرت من مايكل فلين مستشار الأمن القومي الأمريكي التي تدعو إلى مراقبة إيران العسكرية إضافة إلى تصريحات وزير الدفاع الأمريكي التي ترى أن إيران أكبر دولة راعية للإرهاب بالعالم الأمر الذي يمكن أن يتطلب مواجهتها وهو ما يطمأن دول الخليج، وعن علاقة ترامب بالاتحاد الأوروبي فإن تلك العلاقات الآن وفي هذا العهد الجديد تبدو في أسوأ حالاتها بسبب السياسة الحمائية الجديدة التي دعا إليها الرئيس ترامب وعدم ترحيبه بما يسمى بالأسواق الحرة لأمريكا مع الدول الخارجية ومنها دول الاتحاد الأوروبي والصين ودول أمريكا الجنوبية مقابل عمله على منع تلك الأسواق وفرضه رسوم جمركية على منتجات تلك البلدان ودعوته الشركات الأمريكية للعمل داخل أمريكا حفاظا على هوية المنتج القومي المحلي وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتوظيف الأمر الذي جعل الاتحاد الأوروبي يسعى إلى الحذر والخوف من تلك الإجراءات التي يمكن أن تضعف الاقتصاد الأوروبي وذلك بعد ترحيب ترامب بخروج انجلترا من الاتحاد الأوروبي ودعوته بالدخول معها في شراكات تجارية واقتصادية جديدة خلال استقباله لتريزا ماي رئيسة وزراء انجلترا كأول زعيمة أوروبية تغرد خارج سرب الاتحاد الأوروبي ما دفع بالاتحاد إلى انفتاحه على خلق أسواق وشراكات تجارية جديدة مع دول كمجلس التعاون الخليجي ناهيك عن تخوف دول الاتحاد الأوروبي من دعوة ترامب بإعادة هيكلة ما يسمى بحلف الأطلنطي وإصراره على تسديد كل دوله بالحصص المالية المقررة عليها من أجل ضمان الحصول على دعم صندوق الحلف لتكلفة العمليات العسكرية الخارجية تجنبا لتحميل أمريكا تلك الأعباء على غرار ما كان يحدث بالماضي، وكل ذلك يجعل دول الاتحاد تعيش هذه الأيام على صفيح ساخن ، ومن قراراته الخارجية تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو عمله على تنفيذ وعوده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وتصريحات البيت الأبيض الراضية عن قرارات إسرائيل بتوسيع المستوطنات والتي تثبت أن إدارة ترامب لا ترى في الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربيةوالقدس عقبة أمام السلام ، ومن قراراته الخارجية أيضا هو إصراره على أن تتحمل المكسيك تكلفة بناء الجدار الحدودي معها مما دفع مؤخرا برئيس المكسيك بينا نيتو إلغاء زيارته لأمريكا التي كانت مقررة الأسبوع الماضي احتجاجا على سياسة ترامب الجديدة تجاه بلاده ، وعن نظرة ترامب للأوضاع المتأزمة في سوريا فإنه عازم على إقامة مناطق آمنة للاجئين السوريين أمام اعتراض روسيا والنظام السوري لهذا المقترح ، وعن العلاقة مع روسيا فمازالت ألوان السياسة الأمريكية غامضة تجاه العلاقة مع روسيا وإن كان ترامب قد سبق ورحب بعمله على الانفتاح والشراكة مع روسيا والتي لم تتضح بعد ، يبقى أن نشير إلى علاقته المتأزمة الآن مع استراليا بسبب عدم استجابتها لاستقبال اللاجئين من خلال المكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب مع رئيس وزراء استراليا والتي رآها عبر تغريدته على توتير من أسوأ المكالمات الهاتفية التي أجراها مع زعماء العالم مؤخرا الأمر الذي تراه استراليا إهانة لرئيس وزرائها,كذالك فان الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الامريكى مؤخرا إلى كوريا الجنوبية تعتبر رسالة تهديد إلى دول المنطقة وخاصة الصين وكوريا الشمالية مفادها هو أن أمربكا عائدة بقوة لحفظ الأمن في دول بحر الصين الجنوبي. إن تلك القرارات التي بدأ يصدرها ترامب ويعمل على تنفيذها يوما بعد الأخر أحدثت هزة أرضية وتخوف داخل أمريكا وخارجها في الكثير من بلدان العالم والغريب هو أن ترامب ينفد وعوده غير عابئ بكل ردود الفعل الغاضبة والتهديدات في الداخل والخارج مما يثبت أن ترامب مصر على خلق إستراتيجية جديدة لمواجهة ومعالجة الكثير من الملفات الشائكة التي تسبب وتقاعس فيها الرئيس الأمريكي السابق أوباما والتي قلصت دور أمريكا وسياستها الخارجية التي كانت فاعلة ومؤثرة سابقا في كل قضايا العالم وذلك من أجل حرصه وتوجهه الجديد لخلق ما يسمى بأمريكا الجديدة التي تمثل الحلم الأمريكي المتمثل في شخصه .