قال عماد توماس، مؤلف كتاب "المسيحيون العرب .. حضور وحضارة"، إنه منذ نحو عشر سنوات تعمقت صلته بالتراث العربى المسيحى، واندهش من مدى إسهامات المسيحيين العرب فى الحضارة العربية، وكيف عاش المسيحيون كمكون أساسى فاعل ومؤثر فى الحضارة العربية، دون أن تحظى بالضوء الكافى عليها. وأضاف توماس ل"الأسبوع"، أنه حاول بايجاز تتبع حضور المسيحيين العرب واسهاماتهم فى التاريخ بداية من العصر الأموى والعباسى مرورا بالعصر الفاطمى والمملوكى والعثمانى حتى العصر الملكى والجمهورى وصولا إلى ما بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو، مشيرًا إلى أن الهدف من هذا الكتاب، هو التعريف بالمسيحية العربية ودورها التاريخى كجزء أصيل من تاريخ الأمة وذاكرتها، بالإضافة إلى تذكير الأجيال الناشئة بتاريخ أجدادهم، صناع الحضارة، ليفتخروا به ويسيروه على نهجه، فمن ليس له ماضى ليس له مستقبل ومن نسى تاريخه نساه التاريخ. وفى تقديم للكتاب، قال الدكتور عماد أبو غازى، وزير الثقافة الأسبق، إن مؤلف الكتاب عماد توماس، يشتبك مع قضيتين مختلفتين لكنهما متماستان، أولهما إسهام المسيحيين العرب فى بناء الحضارة العربية فى العصر الإسلامى، وثانيهما الحضور المسيحى فى مصر فى عصورها المختلفة منذ اندماجهما فى الثقافة العربية حتى يومنا هذا. وانطلق المؤلف فى كتابه هذا من واقع مرير يتمثل فى جهل كثير من المصريين بجزء مهم من تاريخ الوطن، أعنى الحقبة القبطية، التى تكاد تتجاهلها مناهج التعليم العام، كما تغيب عن الدراسات الأكاديمية فى الجامعات المصرية، فيحاول توماس فى هذا الكتاب أن يقدم للقارئ جانب من جوانب التاريخ الثقافى والحضارى لمصر، ذلك الجانب المتعلق بالإسهام المسيحى فى بناء ثقافة هذا الوطن. وشارك أيضا فى تقديم الكتاب، الدكتور محمد عفيفي، رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، والذى قال إن هاجس الحاضر قد لعب دوره، بشكل مباشر أو غير مباشر في دفع المؤلف إلى الكتابة في هذا الموضوع المثير عن حضور المسيحيين العرب في الحضارة العربية إذ طرحت مسألة المواطنة والهوية بشدة في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد ثورات الربيع العربي، ومحاولة نفي الآخر، الآخر الديني، أو العرقي، أو المذهبي. وأحس الجميع بالخوف على ضياع تراث العيش المشترك، وهو الذي أطلق عليه عماد توماس "الحضور المسيحي في الحضارة العربية". وأشار عفيفى فى تقديمه الى ضرورة تناول مسألة الحضور المسيحي من خلال مفهوم "العيش المشترك" قبل ظهور الدولة الحديثة، وعبر مفهوم المواطنة مع الدولة الحديثة، وإلا وصلنا إلى حالة المبارزة بسيوف التاريخ.