من أولويات سياسة أذربيجان الخارجية، الأخذ بعين الإعتبار النظام العالمي الجديد، ما بعد الحرب الباردة، وتفكك الإتحاد السوفيتي، والتهديدات المحيطة من "الإرهاب"، و"تجارة البشر"، و"المخدرات"، والتحدي الأكبر وقوع نحو 20 5 من أراضي"أذربيجان"، تحت إحتلال أرمينيا، مع تمسك الحكومة بالتسوية السلمية، للنزاع القائم ما بين أذربيجانوأرمينيا، لكن تبقى في الوقت نفسه جميع الخيارات مفتوحة بما فيها الخيارالعسكري، طبقا لميثاق الأممالمتحدة، الذي يعطي أي دولة محتلة، الحق في تحريرأراضيها، والقيام برصد ميزانية كبيرة لوزارة الدفاع والتي تزيد عن ميزانية أرمينيا. على الرغم من وقف إطلاق النار ما بين البلدين منذ مايو 1994، وإعتراف المجتمع الدولي بوحدة الأراضي الأذربيجانية، وإعتبارالإقليم المحتل جزء من أراضيها، وصدور أربعة قرارات عن مجلس الأمن في عام 1993، (822 و 853 و 874 و 884) والتي تقضي بإنسحاب جميع قوات الإحتلال الأرمينية، من المناطق المحتلة في جمهورية "أذربيجان"، وعودة السكان المهجرين إلى مناطقهم الأصلية، والذين يقدرعددهم نحو مليون شخص، لكن المفاوضات ما بين البلدين بوساطة أمريكية روسية فرنسية، لم تنجح حتى الآن في التوصل إلي حلٍّ لهذا النزاع، الذي فقدت "أذربيجان" معه نحو 20% من أراضيها، بسبب تعنت أرمينيا ورفضها الإنسحاب من الإقليم. تعيش جمهورية "أذربيجان" منذ القرن العشرين، صراعاً طويلاً مع أرمينيا، بشأن إقليم (ناجورنو كاراباخ)، وهو إقليم معزول، وقد بدأ القتال ما بين الدولتين على هذا الإقليم منذ عام 1988، وإشتد الصراع بينهما بعد أن حصلتا كلتاهما على الإستقلال عن الإتحاد السوفيتي السابق في عام 1991، مشيراً إلى أنه على الرغم من معاناة "أذربيجان" من ويلات الحروب والإحتلال وسياسة التطهير العرقي من جارتها أرمينيا، فقد ظلت مقيدة وملتزمة بقواعد ومبادئ القانون الدولي، وعلى هذا الأساس لابد من مواصلة المفاوضات التي تجري في إطارمجموعة (مينسك)، التابعة لمنظمة الأمن، والتعاون في أوروبا OSCE، والتي تعمل من أجل تسوية سلمية عادلة شاملة، للنزاع الدائربين بين أرمينياوأذربيجان، من خلال الإنسحاب الكامل لجميع القوات الأرمينية من جميع المناطق الأذربيجانيةالمحتلة، وخاصة منطقة (ناغورني كاراباخ)، الأذربيجانيةالمحتلة، والتي كانت قبل إندلاع هذا الصراع، منطقة تبشر بالخير وإمكانية التعايش السلمي بين المجتمعين الأرمني والأذربيجاني، وإقامة الحكم الذاتي في إطارالشرعية والديموقراطية في هذه المنطقة ضمن جمهورية "أذربيجان". يجب على الجانب الأرمني المحتل، أن يوقف الممارسات التدميرية والإجراءات غيرالشرعية وغيرالقانونية، وإظهارحسن النية بإتخاذ موقف بناء في عملية المفاوضات التي تطورت بشكل حيوي وديناميكي مؤخرا، والتي تعتبرالطريقة الوحيدة لأرمينيا للحفاظ على إقتصادها المنهار، والإنحطاط الديموغرافي الكارثي، وزيادة العزلة الذاتية، وأنه كلما سارعت أرمينيا بإدراك هذه الحقيقة. أن الأرمن يدعون ظلما وبهتانا وتضليلا إمتلاكهم قديماُ لدولة "أرمينيا الكبرى"، وأنها كانت تمتد من البحرالأبيض المتوسط حتى بحرقزوين – وذلك إستناداً إلى مصادرهم، حيث لا توجد مصادر تاريخية أخرى، تؤكد هذه المزاعم، أما المنطقة المزعوم سكنها قديماً، تنتمي إلى عدة دول (سوريا – لبنان - تركيا)، تاريخيا بعد الحرب الباردة بين روسياوإيران، ونتيجة للتعاون مابين الأرمن داخل تركيا مع الإمبراطورية الروسية وبريطانيا، وهوالأمرالذي أزعج القيادة التركية، (مصطفى كمال أتاتورك)، الذي اتخذ قرارأُ بتهجيرنحو 48 ألف من الأرمن من تركيا، وأكثرمن 40 ألف من إيران، والذين قتل معظمهم في الطريق إلى منطقة القوقاز التي تضم أكثرمن 150 قومية، من بينها الأرمن الذين إستوطنوا الأراضي الأذربيجانية، الذين قاموا فيما بعد بتأسيس دولة أرمينيا، وقيام القيادة السوفيتية عقب تكوين الإتحاد السوفيتي، بإعطاء الحكم الذاتي للأرمن في (كارباخ)، التي تشكل 5% من الأراضي الأذربيجانية، وكان عدد الأرمن آنذاك 25 ألف نسمة، بينما كان عدد سكان (أذربيجان) 75 ألف نسمة، لم تتمكن من الحصول على الحكم الذاتي. الأرمن تزعم حدوث (مذبحة الأرمن)، في عهد الدولة العثمانية، على عكس الوثائق التاريخية، إلى تؤكد الإمتيازات العديدة التي يتمتع بها الأرمن في تلك الفترة، كما يتناسى الأرمن عند ذكر"المذبحة" قتل أكثر من 50 ألف من الأذربيجانيين، في الوقت نفسه خلال الفترة 1915 – 1923. وإستناداً إلى بعض الإحصائيات التي تؤكد أن عدد الأرمن الذي يقدراليوم ب 10 ملايين منتشرين في الدول الغربية، نظراُ للأوضاع الإقتصادية الصعبة، التي كانوا يعيشون فيها، مما دفع العديد منهم للهجرة، بينما يقدرالعدد الكلي للأذربيجانين 50 مليون، حوالي 9 ملايين فقط يعيشون داخل "أذربيجان"، والباقي يعيشون منذ أمد بعيد في شمال إيران، فضلا عن التفاوت الكبيرما بين عدد سكان البلدين، حيث يؤكد العديد من المؤرخين القدماء إلى جانب المصادرالتاريخية تواجد الأذربيجانيين في هذه المناطق محل النزاع منذ آلاف السنين. إن موقف حكومة "أذربيجان" ثابت لم ولن يتغيرمن مشكلة الشرق الأوسط، حيث أنها تدعم القضية الفلسطينية، ومن قبلها "الجولان" المحتلة، ومزارع "شبعا" في جنوبلبنان، كما تقوم مصر والدول العربية بدورها بدعم قضية أذربيجان في النزاع ضد أرمينيا. نأمل أن تتضاعف العلاقات المصرية – الأذربيجانية، إقتصاديا، وسياحيا، وثقافيا، وإعلاميا، حيث أن العلاقات المتميزة بين مصر وأذربيجان اللذان يجمعهما تاريخ وثقافة ودين، ومشاركة أحد أبناء "أذربيجان" المهندس"إسلام إسلام زاد"، في بناء السد العالي، كما أن هناك تبادل ما بين البلدين في مجال البترول والغازالطبيعي، ومن الممكن مستقبلا أن يكون هناك تعاون زراعي . أدعو رئيس جمهورية مصر العربية، عبد الفتاح السيسي، بزيارة إلى "أذربيجان"، والتي من شأنها إعطاء دفعة للعلاقات الثنائية ما بين البلدين، والتي شهدت خلال الفترة الماضية نشاطا مكثفا من بينها زيارات وزارية متبادلة، وتوقيعإاتفاقيات عديدة، منها التعاون في مجال الشباب والرياضة، وإلغاء التاشيرات لحاملي الجوازات الدبلوماسية والخاصة، إلى جانب التعاون بين الأكاديمية الدبلوماسية الأذربيجانية، والمعهد الدبلوماسي المصري، ومن المأمول أن يتوصل البلدان إلى مزيد من النتائج الإيجابية، والمساهمة في زيادة الإستفادة من الإمكانات الإقتصادية في البلدين، والتي لا يعكسها الميزان التجاري الحالي. مستشار بالسلك الدبلوماسي الأوروبي والمستشار الإعلامي والثقافي بسفارة جمهورية أذربيجان