رئيس الوزراء يهنيء السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    رئيس الوزراء يتابع ترتيبات تنظيم مؤتمر الاستثمار المُشترك بين مصر والاتحاد الأوروبي    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    نتنياهو يناشد زعماء العالم منع مذكرات اعتقال لقادة إسرائيل    وزير خارجية الاحتلال مهددا لبنان: «إذا لم ينسحب حزب الله.. فإننا نقترب من حرب شاملة»    ستبقى بالدرجة الثانية.. أندية تاريخية لن تشاهدها الموسم المقبل في الدوريات الخمسة الكبرى    الاتحاد الجزائري ينفي صدور حكم من "كاس" بخصوص أزمة نهضة بركان    مدرب بلجيكا: كورتوا سيغيب عن يورو 2024.. ونركز على اللاعبين الذين يتمتعون بحالة جيدة    حالة وحيدة تقرب محمد صلاح من الدوري السعودي    السجن 15 سنة مشدد لعاطل خطف طفلة وتعدى عليها بالجيزة    مصرع زوجين وإصابة طفليهما في حادث انقلاب سيارة بطريق سفاجا - قنا    «التعليم» تحدد موعد امتحانات نهاية العام للطلاب المصريين في الخارج 2024    3 ألحان ل حميد الشاعري ضمن أفضل 50 أغنية عربية في القرن ال 21    إسعاد يونس في معرض أبو ظبي للكتاب: سور الأزبكية يضم العديد من الكتب المتنوعة والمتميزة    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    قبل انفصاله عن ندى الكامل.. كيف تحدث أحمد خالد عن كواليس ارتباطهما؟ (فيديو)    متحدث الصحة: نجاح المنظومة الصحية يعتمد على التنسيق والتشاور بين الهيئات الحكومية والقطاع الخاص    هيئة سلامة الغذاء تقدم نصائح لشراء الأسماك المملحة.. والطرق الآمنة لتناولها في شم النسيم    بالفيديو.. خالد الجندي: هناك عرض يومي لأعمال الناس على الله    مفاجأة بأقوال عمال مصنع الفوم المحترق في مدينة بدر.. تفاصيل    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    النائب العام يقرر إضافة اختصاص حماية المسنين لمكتب حماية الطفل وذوي الإعاقة    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    طرد السفير الألماني من جامعة بيرزيت في الضفة الغربية    90 محاميا أمريكيا يطالبون بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    كتائب القسام تفجر جرافة إسرائيلية في بيت حانون ب شمال غزة    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    كرة سلة – قمة الأهلي والزمالك.. إعلان مواعيد نصف نهائي دوري السوبر    موقف طارق حامد من المشاركة مع ضمك أمام الأهلي    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    آثار جُرم يندى له الجبين.. أبو الغيط يزور أطفال غزة الجرحى بمستشفيات قطر (تفاصيل)    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    كراسي وأحذية وسلاسل بشرية.. طرق غير تقليدية لدعم فلسطين حول العالم    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    وزير الأوقاف يعلن إطلاق مسابقة للواعظات للعمل بإذاعة القرآن الكريم خلال أيام    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    وزير التموين يعلن تفاصيل طرح فرص استثمارية جديدة في التجارة الداخلية    التأخيرات المتوقعة اليوم فى حركة قطارات السكة الحديد    اليوم.. محاكمة 7 متهمين باستعراض القوة والعنف بمنشأة القناطر    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا يدعو المسلمون غير المسلمين إلي قراءة القرآن الكريم
نشر في الأسبوع أونلاين يوم 08 - 09 - 2011

لماذا لا يدعو المسلمون غير المسلمين إلي قراءة القرآن الكريم وتفسيره أو حتي سماعه ولو علي سبيل الثقافة العامة؟ إنهم يطالعون كل فِكر، فلماذا لا يُطالِعون فِكر القرآن كأي كتاب ثقافي عام؟!
إن هذا سيكون هو العدل والإنصاف قبل الحُكم علي الإسلام وأخلاقه التي جاء بها وأوصيَ باقتدائها!
يقول تعالي عن القرآن، وعن كتبه وتشريعاته عمومًا، مبينًا أنها لجميع الناس: مسلمين وغير مسلمين؛ لعلهم ينتفعون بها ويستجيبون لها فيسعدون بما فيها حين يُسلِمون إليها كلها: ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلناسِ وَهُدًي وَرَحْمَةٌ لقَوْمِ يُوقِنُونَ '20'﴾ 'القصص'، ويقول تعالي: ﴿بَصَائِرَ لِلناسِ وَهُدًي وَرَحْمَةً لعَلهُمْ يَتَذَكرُونَ﴾ 'القصص: من الآية 43'، ويقول: ﴿وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلناسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُل مَثَلٍ لعَلهُمْ يَتَذَكرُونَ '27'﴾ 'الزمر'.
جاء في تفسير القطان: ".. يُبين الله فضل القرآن وما فيه من الهداية والرحمة للناس أجمعين.."، وقال الإمام السعدي: ".. يحصل به الخير والسرور والسعادة في الدنيا والآخرة.."، وقال الإمام ابن كثير في قوله: ﴿لعَلهُمْ يَتَذَكرُونَ﴾: ".. أي لعل الناس يتذكرون به ويهتدون بسببه..".
ويؤكده قوله تعالي لكل داع ٍعلي لسان رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَي الناسِ عَلَي مُكْثٍ﴾ 'الإسراء: من الآية 106'، وقوله تعالي: ﴿قُلْ يَا أَيهَا الناسُ إِني رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا﴾ 'الأعراف: من الآية 158'، والذي جاء في شرحه في "التفسير المُيَسر": ".. قل يا أيها الرسول للناس كلهم: إني رسول الله إليكم جميعًا، لا إلي بعضكم دون بعض..".
إن كثيرًا منا قد يضع هو بذاته هذا الحاجز بينهم وبين سعاداته! بما اشتُهر بيننا من فكرة قد تكون غير صائبة أنهم لا يؤمنون به أصلاً فكيف نخاطبهم بما لا يؤمنون؟!
لكن مَن قال هذا؟! وعلي أي دليل ٍاستند؟! بل لعل بعض مَن يريد الصد عن الإسلام مِن غير المسلمين هو الذي نشرها!!
إن الأمر علي العكس، إنهم يعرفونه بكل تأكيد!! لأنه تعالي هو الذي أكد ذلك في قوله سبحانه: ﴿يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِن فَرِيقاً منْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَق وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ 'البقرة: من الآية 146'، والذي قال فيه الأستاذ سيد قطب في تفسيره "في ظلال القرآن": ".. يعرفون أن هذا الكتاب حق من عند الله، ويعرفون مِن ثم ما فيه من سلطان وقوة، ومن خير وصلاح، ومن طاقة دافعة للأمة التي تدين بالعقيدة التي جاء بها وبالأخلاق التي تنبثق منها وبالنظام الذي يقوم عليها..".
إنهم يعرفونه بفطرتهم؛ بل هو الوحيد الذي سيُلامِس فطرة عقولهم ويحركها ويوقظها، كما يُفهَم ضمنًا من قوله تعالي: ﴿الرحْمَنُ '1' عَلمَ الْقُرْآنَ '2'﴾ 'الرحمن'، والذي قال فيه الإمام القشيري في تفسيره: "... ويُقال: علم الأرواح القرآن قبل تركيبها في الأجساد بلا واسطة..".
فهُم يؤمنون به؛ ولذا فالمُنصِفون منهم ينتظرونه! بعدما تعذبت البشرية بغيره من الأنظمة والفلسفات والنظريات، كما يُفهَم ضمنًا من قوله تعالي: ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَي الرسُولِ تَرَي أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمْعِ مِما عَرَفُواْ مِنَ الْحَق﴾ 'المائدة: من الآية 83'، والذي قال فيه الإمام ابن عاشور في تفسيره "التحرير والتنوير": ".. سبب فيضها ما عرفوا عند سماع القرآن من أنه الحق الموعود به..".
فلماذا إذن نحرمهم منه أو نكتمه عنهم؟! ألا نخشي أن نفقد ثواب وصيته تعالي لنا بنشره للكافة بقوله: ﴿وَلْتَكُن منكُمْ أُمةٌ يَدْعُونَ إِلَي الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ '104'﴾ 'آل عمران'.. أو أن نأثم للمخالفة بغير عذر مقبول؟ وهل هناك خير يُدْعَي الجميع إليه أخير مما في القرآن ذي الخير العظيم؟!
بل مَن سيكسر هذا الحاجز ويُقبل عليه، ولو بأي لغة أخري غير العربية تُُترجم معانيه، سيجده سهلاً واضحًا في قواعده ومفاهيمه وأخلاقه الأساسية العامة؛ لأنها ستوافق برْمَجَة العقل التي برمجها خالقه عليها؛ ولذا طلب خالقنا مِن كل أحد تذكرَه وتدبره واتباعه، كما في قوله تعالي: ﴿ وَلَقَدْ يَسرْنَا الْقُرْآنَ لِلذكْرِ فَهَلْ مِن مدكِرٍ '17'﴾ 'القمر'، والذي قال فيه الإمام مقاتل في تفسيره: "... يسره علي خلقه فيقرؤونه علي كل حال.."، وقال الإمام الماوردي في "النكت والعيون": ".. معناه سهلنا تلاوته علي أهل كل لسان، وهذا أحد معجزاته.."، وقال الإمام الرازي: "... ما في الفطرة من الانقياد للحق هو كالمَنسِي فهل مِن مُدكِر يَرْجع إلي ما ُفطِرَ عليه..".
إنه تعالي يطلب مِن كل فردٍ، أو اثنين، تدبره بصدق وعمق وإنصاف، فيقول مُوصِيًا مُحَفِزًا: ﴿قُلْ إِنمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُوا لِلهِ مَثْنَي وَفُرَادَي ثُم تَتَفَكرُوا﴾ 'سبأ: من الآية 46'؛ لأن الفرد بمفرده لن يخدع نفسه؛ لأنه مع فطرته القويمة الخيرية الصلبة التي فطرها خالقه عليها والتي توجهه وتحفزه لكل خير ولا يُمكنه تبديلها: ﴿فِطْرَةَ اللهِ التِي فَطَرَ الناسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدينُ الْقَيمُ﴾ 'الروم: من الآية 30'.
كما أنه حينها لن يتحدي أحدًا بكِبر أو عِناد فيخاف هزيمة أو نحو ذلك.. يقول الإمام ابن عجيبة في تفسيره "البحر المديد": ".. أي: لوجه الله خالصًا، لا لحَمِية، ولا عصبية، بل لطلب الحق والاسترشاد.. مُعرضين عن المراء والتقليد، متفرقين اثنين اثنين أو واحدًا واحدًا، فإن الازدحام يُشوش الخاطر ويخلط القول ويمنع من الروية ويقِل فيه الإنصاف ويكثر الاعتساف..".
إن لفظ "اتل" في القرآن يعني أصلاً اتبع، كما قال الإمام السعدي في تفسيره: ".. ومعني تلاوته اتباعه.."، أي كن تاليًا له سائرًا خلفه مُتبعًا لما فيه، فهو الكامل المُكمل المُسْعِد لك يا مَن تقرؤه، وكلما قرأته مُتمعنًا، وكلما كنت صادق النوايا في معرفته واتباعه، كلما سيُعينك هو علي مزيد من الاتباع الكامل الصحيح الهانئ.. يقول الإمام حقي موضحًا ذلك في تفسيره عند شرحه لقوله تعالي: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبكَ لَا مُبَدلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ 'الكهف: من الآية 27': ".. تذكرًا لمعانيه وحقائقه فإن القارئ المُتأمل ينكشف له في كل مرة ما لم ينكشف قبل، وتذكيرًا للناس وحمْلاً لهم علي العمل بما فيه من الأحكام ومحاسن الآداب ومكارم الأخلاق..".
فهل نحن بعقولنا وأدلتنا العقلية، والتي قد تكون قاصرة أحيانًا مهما بلغت قوتها، سنكون أقوي إقناعًا للناس من أدلة خالقهم وكلامه لهم، والذي يعرف دقائق تفاصيلهم الظاهرة والباطنة ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطِيفُ الْخَبِيرُ '14'﴾ 'الملك'؟!
لقد كانت وسيلة الرسول صلي الله عليه وسلم الأساسية لإقناع الكافرين بحلاوة الإيمان والإسلام هو القرآن! بعُمْقِهِ ووضوحه الفريد السديد الناجز دون فلسفة ٍأو تعقيدٍ بعيد!.. ولعل في قصة عتبة بن ربيعة المشهورة خير دليل؛ حيث استمع صلي الله عليه وسلم لِمَا يقوله كاملاً ثم قال له: "أفرغت يا أبا الوليد؟"، قال: نعم، قال: "فاستمع مني"، فقرأ عليه قوله تعالي: ﴿حم '1' تَنزِيلٌ منَ الرحْمَنِ الرحِيمِ '2' كِتَابٌ فُصلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيا لقَوْمٍ يَعْلَمُونَ '3' بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ '4'﴾ 'فصلت'، واستمر في قراءتها عليه، فلما عاد إلي قومه قال لهم: "سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط... خلُّوا بين الرجل وبين ما هو فيه..". باختصار من سيرة ابن إسحق'.
وكذلك كان فِعْل صحابته الكرام، كما رَوَت لنا سيرتهم الكريمة، فعلي سبيل المثال لا الحصر، حينما دخل مصعب ابن عمير رضي الله عنه المدينة داعيًا للإسلام وجاءه أسيد ابن حضير غاضبًا معترضًا علي مجيئه وتفريقه لدين أهلها قال له: أوَلا تجلس فتستمع؟ فإن رضيت أمرنا قبلته وإن كرهته كففنا عنك ما تكره، فأخذ يقرأ عليه بعض القرآن، ولم يكد يفرغ حتي قال: ما أحسن هذا القول وأصدقه، كيف يصنع مَن يريد أن يدخل في هذا الدين؟!.
ولعل في إسلام عمر بن الخطاب علي يد أخته رضي الله عنهما حين قرأ بعض القرآن عندها بعد أن لطمها وأغلظ لها في القول لإسلامها وخروجها علي دين آبائها خير دليل.
إن الذي لا يستجيب فالمشكلة بالتأكيد عنده لا في القرآن ذي الحجة الدامغة القاطعة!
فبعضهم قد يكون ناسيًا، كما يقول تعالي: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ﴾ 'المجادلة: من الآية 19'.
وبعضهم قد يكون جاهلاً، كما يقول تعالي: ﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُوني أَعْبُدُ أَيهَا الْجَاهِلُونَ '64'﴾ 'الزمر'.
وهذان الصنفان يسهل علاجهما، بالعلم والتدبر، كما يُفهَم ضمنًا من قوله تعالي: ﴿أَفَلَمْ يَدبرُوا الْقَوْلَ﴾ 'المؤمنون: من الآية 68'، وقوله: ﴿لوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ 'البقرة: من الآية 103'.
لكن بعضهم قد يكون منخدعًا بوساوس شريرة شيطانية بفكره العقلي فيظن أنها تسعده ولكنها في الحقيقة وعلي أرض الواقع تُتعسه بمراراتها، كما يقول تعالي عن أولئك: ﴿وَزَينَ لَهُمُ الشيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدهُمْ عَنِ السبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾ 'العنكبوت: من الآية 38'. جاء في "أيسر التفاسير" لأبي بكر الجزائري: "... صدهم بذلك التزيين عن السبيل، سبيل الإيمان والتقوي الموروثة للسعادة في الدنيا والآخرة، وقوله ﴿وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ﴾.. أي معرفة بالحق والباطل والخير والشر ما علمتهم الرسل، ولكن آثروا أهواءهم علي عقولهم فهلكوا..".
وبعضهم الآخر، أو أكثرهم، قد يعرف الحق، ويستشعره يقينًا فطريًّا في عقله، لكنه صاحب مصالح ومنافع ظالمة فاسدة سيفقدها لو استجاب له، فهو إما مستكبر ظالم علي الخلق والخالق ﴿وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا﴾ 'نوح: من الآية 7'، أو معاند ﴿كَلا إِنهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا '16'﴾ 'المدثر'، أو كافر يكفر الحق الفطري الذي بداخله ويُغطيه، كما في "المعجم الوجيز": ".. كفرَ الشيء: أي ستره وغطاه.."، أو ما شابه ذلك.. مثل هؤلاء يقول تعالي عنهم كاشفًا: ﴿فَإِنهُمْ لاَ يُكَذبُونَكَ وَلَكِن الظالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾ 'الأنعام: من الآية 33'.. قال الإمام الآلوسي في تفسيره: "... آياته سبحانه من الوضوح بحيث يشاهد صدقها كل أحد، وأن مَن ينكرها فإنما ينكرها بطريق الجحود وهو نفي ما في القلب ثباته أو إثبات ما في القلب نفيه.. فإنهم لا يكذبونك بقلوبهم ولكنهم يجحدون بألسنتهم.. وقيل: لا يكذبونك جميعهم وإنما كذبك بعضهم وهم الظالمون المذكورون.."، ويُضيف الإمام السمرقندي في تفسيره: ".. تكذيبهم إياك في العلانية فإنهم لا يكذبونك في السر ويعلمون أنك صادق، وكانوا يسمونه أمينًا قبل أن يُوحَي إليه فلما أوحي إليه كذبوه.."، وقال الإمام ابن عجيبة في تفسيره عن سبب ذلك: ".. يجحدون بآيات الله حسدًا وخوفًا علي زوال الشرف من يدهم".
هذه الأصناف وما شابهها لا علاج لها إلا بإرادة الشخص نفسه وفكره، أن يكون مُنصِفًا عادلاً عاقلاً ويبتعد عن هذا الفكر الشرير.. فإن فعَلَ ذلك، فإنه سيعود بكل سلاسة وسلام وفورًا لفطرته الخيرية في عقله والتي برمجها عليه فاطره وخالقه سبحانه والتي يستحيل تغييرها بأي حال: ﴿فِطْرَةَ اللهِ التِي فَطَرَ الناسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدينُ الْقَيمُ﴾ 'الروم: من الآية 30'.. وإلا سيخسر سعادتي الدنيا والآخرة: ﴿الذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ 'الأنعام: من الآية 20'.
إن هذا الأسلوب الذي سبق ذكره سيفتح ولا شك آفاقًا واسعة لنشر القرآن والإسلام، ونظن أنه لا بد سيُعفي حينئذٍ من مَس المصحف لغير المسلم لمصلحة أكبر خاصة مع وجود أشكال إلكترونية كثيرة له يُسمَح بمسها والتعامل معها، ويُرجَع في ذلك بالتأكيد لفتوي أهل العلم الشرعي المتخصصين.
فإن اقتنعت أيها الداعي إلي الله والإسلام بهذا الرأي والأسلوب، فكن من أصحابه والداعين إليه؛ لنشر قرآنك وإسلامك، وما عليك حينها إلا إحسان عرضه بإحسان قولك وعملك؛ لتعيش سعيدًا في الدنيا، وليزداد ثوابك في الآخرة، وليسعد فيهما جميع الناس علي اختلاف أفكارهم وثقافاتهم وبيئاتهم.
المصدر - الاخوان اون لاين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.