حماة الوطن ينظم لقاءً جماهيريًا بالزقازيق لدعم مرشحيه في انتخابات النواب    أمين "البحوث الإسلاميَّة" يلتقي رئيس جامعة أسيوط ويبحثان سُبُل تعزيز التعاون في نَشْر الوعي الحضاري بين الطلاب    تعليم دمياط يواصل لقاءات مبادرة صوتك مسموع    الرئيس السيسي: ما تحقق من إنجازات في الموانئ المصرية لم يحدث من قبل    إحالة 14 طبيبا للتحقيق لتغيبهم عن العمل بالقليوبية    محافظ الجيزة: الشعار الجديد للمحافظة يجسد إرثها الحضاري والعلمي    وزير الخارجية والهجرة يستقبل نظيره التشادي لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية    خالد عبدالعزيز يلتقي وزير الإعلام البحريني لبحث تعزيز الشراكة الإعلامية بين البلدين    كشف حساب منتخبات أفريقيا فى كأس العالم للناشئين تحت 17 سنة    منتخب الجماز الفني للناشئين والناشئات يشارك ببطولة العالم في الفلبين    قائمة منتخبي رجال وسيدات 3×3 في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    الأهلي يكتسح الزمالك بثلاثية في قمة دوري الشباب    مصر تحصد 3 ميداليات في بطولة العالم للرماية بالعاصمة الجديدة    ارتياح في ليفربول بعد استبعاد صلاح من مباراة كاب فيردي    تحرير 95 محضر ضد أصحاب الأنشطة التجارية المخالفين بالشرقية    مصدر أمني ينفى صحة فيديو مفبرك منسوب لمنابر إخوانية حول انتخابات النواب    خالد النبوي يكشف كواليس مشهد لا ينساه في فيلم "المهاجر"    وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان المبنى الجديد لأكاديمية الفنون "فرع الإسكندرية".. صور    رحلة إبداعية ثرية بطلها المكان    فارس الرواية المعاصرة    خطبة مؤثرة من إمام الحرم المكي حول برّ الوالدين تشعل تفاعلاً واسعًا    وفد من صدر الزقازيق يزور مستشفى المنصورة لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال بأسوان    عاجل- نقل الموسيقار عمر خيرت للعناية المركزة وإلغاء حفلاته    نتنياهو يواجه انتقادات عنيفة من اليمين المتطرف بعد بيان أمريكي يدعم إقامة دولة فلسطينية    وزارة التعليم الفلسطينية تشكر مصر على استيعاب عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    نهاية الأزمة.. الأهلي يعلن تعيين حسام عاشور مديرًا لأكاديمية فرع التجمع الخامس    إيرادات فيلم السلم والثعبان 2 تقترب من 13 مليون جنيه في 4 أيام    الإحصاء: ارتفاع عدد المشتغلين ل32.5 مليون فرد خلال الربع الثالث من العام الحالي    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    "القاهرة الإخبارية": اشتباكات مشتعلة بين الجيش السوداني والدعم السريع في بابنوسة    جهود صندوق مكافحة الإدمان.. تخريج 100 طالب من دبلوم خفض الطلب على المخدرات بجامعة القاهرة    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    الإسكان: حلول تنفيذية للتغلب على تحديات مشروع صرف صحي كفر دبوس بالشرقية    أصوات انفجارات لا تتوقف.. قصف مدفعي إسرائيلي على المناطق الشرقية لخان يونس بغزة    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور ضرورة دينية وإنسانية وأمانة    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    حلا شيحة: دينا الشربينى مش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    منتخب مصر يستعيد جهود مرموش أمام كاب فيردي    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور الدين في المجتمع الإنساني ومعالجة التوازن بين الجميع

الدين هو الحالة العقيدية الوجدانية التي تقيم التوازن بين الفرد والمجتمع من خلال نظام القيم والمعايير، وتؤكدها في وجدان الإنسان لتمتد إلي صعيد الواقع، فيشعر الفرد بأن عليه أن يقدم من نفسه ومن حريته شيئاً للآخر في حاجاته الحيوية وفي قضاياه الخاصة والعامة، ويري أنه يحمل مسؤولية طاقته، باعتبارها جزءاً من طاقة المجتمع التي اؤتمن عليها من قبل الله، فلا بد له من أن يقدّمها له، ويحرّكها في مصالحه، سواء كانت مالاً أو علماً أو قوةً أو أيّ شيء آخر، ولا يستغلها لحسابه الخاص، وإلاّ كان سارقاً وغاصباً ومعتدياً علي الشأن العام، لأن المجتمع ليس وجوداً متميزاً في الواقع بشخصه، بل هو وجود الأفراد الذين يعيشون في ظل الرابطة الاجتماعية التي تتمثل بالتزام الإنسان بالآخر، ما يجعل من طاقة الفرد طاقة للمجتمع بالمقدار الذي يمثل حاجة المجتمع.
وهكذا تتسع مسؤولية الفرد، لتشمل القيام بمهمة حماية السلم الاجتماعي من نفسه ومن غيره، وهذا هو الذي يؤكده معني جهاد النفس في الامتناع عن ظلم الآخر، وفي جهاد العدو لمنعه من ظلم المجتمع، بحيث يصل الأمر به إلي درجة التضحية بالنفس من أجل الآخر كواجب ديني حاسم.
إن القضية هي أن الدين، وفي جانبه الأخلاقي والتشريعي، يحمّل الإنسان الفرد مسؤولية ما يحمله في داخله من عناصر القدرة علي حماية المجتمع، لأنّ الشأن الخاص لا بد من أن يتحرك لحساب الشأن العام في ميزان القيمة.
ولا بد للمجتمع - في التخطيط المدني - من أن لا يقهر الفرد في ذاتياته وحاجاته الخاصة إذا لم تنحرف عن الخط المستقيم، فليس له سلطة عليه إلا في نطاق النظام العام. ومن هنا، يؤكد الدين ضرورة وجود الحرية الفردية، فلا سلطة لإنسان علي إنسان، ولا لقوة اجتماعية علي حالة فردية، إلا في نطاق القانون الذي يحدد للجميع الحقوق الفردية والاجتماعية، مما يدخل في حساب توزيع الوظائف والمسؤوليات التي لا حقَّ لأيّ إنسان أن يتجاوزه ليتدخل في شؤون الإنسان الآخر، فلا مجال للتمرّد والعدوان والانحراف، لأن النوازع الذاتية الخاصة لا حرية لها - من جميع الجهات - في الإساءة إلي الواقع الفردي للإنسان الآخر أو للمجتمع كله، فإذا تجاوزته كانت مسؤولةً أمام الله في الدنيا والآخرة لتواجه الحساب الدقيق والعقاب الصارم، بالإضافة إلي مسؤوليتها في الدنيا في دائرة النظام العام للمجتمع في قيادته العامة.
إنَّ الدين يضع الضوابط الاجتماعية التي تعمل علي إدارة الأمر بطريقة إنسانية واقعية، بحيث تندفع إلي معالجة المشاكل الطارئة في نطاق الفرد والمجتمع، ليبقي التوازن العام في حركة القيم التي يختزنها الجميع في معني الإيمان ويتحركون من خلالها في معني المسؤولية، فيلتقي الوازع الداخلي بالوازع الخارجي في إقامة القاعدة العامة الضابطة للواقع كله في حدود الإمكانات الواقعية للانضباط الإنساني.
إنَّ للدِّين نوعاً من التركيز علي وعي الإنسان لنفسه في تاريخ الوجود منذ بداية خلقه، فليس - هو - شيئاً ضائعاً حائراً في ضبابية وجوده، بل هو وجود يملك تاريخاً ممتداً في الماضي، فهو جزء من مسيرة إنسانية كبري تؤثر فيه وتصنع له ذاكرة تاريخية تحدّد له إرثه الإنساني منها، وهو - بعد ذلك - يصنع تاريخاً جديداً من خلال جهده، عن طريق المستقبل الذي يصنع قاعدته وجذوره وأبعاده وامتداداته في مسؤوليته عن صنع التاريخ الجديد للحياة في الثقافة والسياسة والاقتصاد والحركة الواقعية علي مستوي الأهداف والتطلعات.
وعلي ضوء هذا، فإن الدين يحدّد للإنسان وظائفه الفكرية والعملية، بحيث يستشعر بأنه جزء من النظام الكوني في وجوده الذي يقف بحساب ويتحرك بحساب في وعي لنفسه ولغيره وللحياة من حوله، وفي الترابط الوجودي بالإنسان الآخر في القضايا التي تتوقف عليها المسؤوليات الاجتماعية.
وبذلك، فلا يبدو الاجتماع الإنساني في هذا الخط شيئاً حائراً ضائعاً في فكر التجريد، بل يتحوَّل إلي كائنٍ حيّ متفاعل مترابط مفتوحٍ علي مسؤولية الإنسان في وظيفته الاجتماعية في صنع التاريخ، وفي إدارة الحياة في عملية انفتاح وتكامل والتزام.
ومن خلال هذا العرض، نخرج بنتيجة عملية، وهي شمولية الدور الديني الفاعل في الاجتماع الإنساني، لجميع نواحي الحياة في النشاط الإنساني، في السياسة والاقتصاد والاجتماع من ناحية علاقة هذه العناوين بالقيم الروحية والأخلاقية والمعايير الإنسانية والوظائف الاجتماعية، باعتبار أن الإيمان بالله في وعي الإنسان لمسؤوليته أمامه، يمتد في حياة الإنسان في علاقته بنفسه وبالآخرين في مختلف القضايا الحيوية، وهذا ما نلاحظه في بعض الأدعية المأثورة التي يطلب المؤمن فيها من ربه أن يقيه معصية ظلم الآخر بنفس القوة التي يطلب فيها أن يقيه من ظلم الآخر له: 'اللهم فكما كرّهت لي أن أُظْلَم فقني أن أَظلِم'، ما يوحي بأن الإحساس الديني ينفتح علي الآخر في كل القضايا الحيوية المتصلة بسلوكه معه، من موقع خوفه من الله ومحبته ومسؤوليته أمامه، فليست المسألة في ابتعاده عن الانحراف مسألة مصلحة شخصية أو حالة طارئة، بل هي مسألة ضمير ديني يتغذي من القيم التي تجعل من سلامة علاقته بالآخر وسيلةً من وسائل سلامة مصيره عند الله، لتكون في مستوي الأهمية الكبري في حركة وجوده.
ويبقي للحرية الفردية والاجتماعية في المسألة الدينية دورها الفاعل في الاجتماع الإنساني، من خلال المبدأ الديني الإنساني الذي يؤكد أن لا سلطة لإنسان علي إنسان إلا من خلال الحقوق، التي قررها الله للإنسان في علاقته بالإنسان الآخر، أو من خلال التزامات الإنسان المقطوعة علي نفسه بما يشبه التعاقد مما يلزم به نفسه مع الله أو الإنسان الآخر، بحيث يخضع الفرد والمجتمع لقاعدة عقيدية للواقع كله، تؤكد أن للفرد حقاً علي الفرد والمجتمع، وأن للمجتمع حقاً علي الفرد في كل القضايا الحيوية التي تنتظم فيها الأوضاع الفردية والاجتماعية في الحقوق أو الواجبات، بحيث لا يتحرك الواقع من حالة اهتزاز، بل من حالة ثباتٍ والتزام. هذه هي الإيجابيات في الفاعلية الدينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.