تعتبر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من أكثر الشخصيات السياسية القوية التي عرفتها ألمانيا وأوربا بعد المستشار الألماني الأسبق هيلموت كول الذي احتفظ بالمستشارية لمدة 16 عامًا، ومع إعلان ميركل عن ترشحها للمستشارية الرابعة مؤخرا فإنها وفي حالة فوزها في أكتوبر القادم 2017 تكون قد تساوت مع معلمها السابق كول، لقد تمكنت أنجيلا ميركل وخلال فترة حكمها منذ عام 2005 وإلى الآن أن تقود قاطرة ألمانيا وبقوة إلى الأمام محافظة على قوتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ومحافظة على قيمها وإرثها الثقافي والحضاري بعد نجاحها في إدارة الكثير من الملفات الداخلية والخارجية دون أن تزعزع هيبة ألمانيا على غرار ما حدث لبلدان أوربية داخل الاتحاد الأوربي لتبقى هي السيدة الأكثر حنكة وقدرة ودينامية لتمثيل ألمانيا وفرض قوتها ونفوذها بالعالم، فلقد حازت تلك السيدة على العديد من الأوسمة والجوائز الفخرية بسبب الإنسانية التي تتحلى بها من خلال انفتاحها على العمل على بناء جسور التفاهم بين الشعوب والعمل على إحلال السلام والتعاطف مع البؤساء والمهجرين ولهذا فقد حصلت على وسام التميز للعام 2013 والعام 2014 من المجلس الدولي لحقوق الإنسان والتحكيم والدراسات السياسية والاستراتيجية لاعتبارها من أكثر وأهم الشخصيات تأثيرا في العالم. ولقد اختارتها مجلة فوريس الاقتصادية الأمريكية عام 2011 كأقوى امرأة بالعالم لخمس أعوام متتالية، كما تعتبر أنجيلا ميركل هي من أهم وآخر الشخصيات السياسية القوية التي تدافع عن دفع عجلة الاتحاد الأوربي قدما في وقت يدعو فيه الكثير من دوله إلى الانفصال عنه على غرار خروج إنجلترا من الاتحاد الأوربي وسط صعود شعبية القوميين والمحافظين الجدد في أمريكا وكثير من البلدان الأوربية؛ لتبقى هي آخر المدافعين عن الغرب الليبرالي في وقت تبقى فيه الساحة خالية أمام المحافظين الجدد ورموز اليمين المتطرف للوصول إلى الحكم وتغيير البوصلة الأوربية نحو التطرف والانعزالية باسم الهوية وبالتالي فرض وإتباع سياسات جديدة تهدد بانهيار الاتحاد الأوربي ولهذا فإن ألمانيا تواجه الآن تحديات سياسية كبيرة وذلك بعد إعلان الرئيس الفرنسي هولاند عدم ترشحه لولاية ثانية مما يهدد الوضع السياسي والاجتماعي بفرنسا بعد تراجع شعبية اليسار أمام صعود اليمين المتطرف بعد أن كانت فرنسا شريكا سياسيا واقتصاديا مع ألمانيا باعتبارهما الدولتان القويتان لقيادة قاطرة الاتحاد الأوربي مما سيجعل المهمة صعبة أمام المستشارة ميركل أمام قرب الانتخابات المقبلة في ألمانيا وبخاصة مع صعود شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا وهو الحزب اليميني المتطرف الذي يقف أمام حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي ويلعب على وتيرة اللاجئين والتهديدات الإرهابية وأسلمة أوربا وقضايا الشرق الأوسط مما جعله في الصدارة خلال الانتخابات المحلية الأخيرة في ألمانيا، وبرغم الانتقادات التي وجهت لميركل بسبب تعاطفها مع اللاجئين ودعوتها لدول الاتحاد لفتح الحدود أمام اللاجئين العام الماضي، وبسبب إنسانيتها ومثلها فإنها قد وعدت مؤخرا أمام مشكلات الهجرة واللاجئين بالتراجع عن ذلك. كما أنها وسط المتغيرات الدولية الجديدة التي طرأت على النظم السياسية والحزبية بالعالم والتي بدأت بوصول ترامب في أمريكا وصعود الأحزاب المتطرفة في أوربا بأنها سوف تعمل مع أمريكا برغم توجهاتها الجديدة, وتحافظ على قوة الاتحاد الأوربي والتغلب على المشاكل الناجمة بعد خروج إنجلترا منه, وقدرتها على التعامل مع روسيا, ووقوفها حجر عثرة أمام أحلام أردوغان بالانضمام للاتحاد الأوربي والحفاظ على حلف الناتو، وأمام تلك الشخصية المحتفظة بقوتها وحنكتها وتواضعها وتحليها بالفضائل والمثل مع تميزها بالقوة والحزم وفرضها أسلوبا ونهجا سياسيا خاصا يختلف عن باقي القيادات الدولية من نظرائها السابقون والباقون على الساحة الدولية تبقى هي وبدون منازع المرشحة الأوفر حظا للفوز بولاية رابعة للمستشارية لأربع سنوات متتالية لتبقى هي الوجه الحر في ألمانيا وأوربا.