منذ عام 2011 ونحن أمام إعلام وجهة النظر وليس إعلام النظرية وفوضى إعلامية عارمة غير مسبوقة، فالإعلام لم يعد ناقلاً للصورة بل صانعًا لها، ولا ننسى أن العديد من الأحداث بدأت على الشاشات قبل الواقع، فالحدث أصبحت تتم صناعته وكل كما يتراءى له مستغلا المنبر الذى يطل منه فيعرض منتجه الإعلامى وفق أجندات خارجية أو مخططات دولية أو قناعات شخصية أو توجهات رأس المال المالك للوسيلة الإعلامية بعيدًا عن التقاليد والأعراف المهنية، والكل فى سباق محموم دون عقل يحكمه أو ضابط وحالة عبثية فَرَغَتْ المهنة من محتواها وحرفيتها، فأصبحنا أمام إعلام شائعات ينشر أخبارًا دون التحقق من صحتها، فسرعة النشر تسبق أمانة تدقيقها بحجة تحقيق السبق دون ان تدرك ان الكلمة أصبحت أقوى من الطلقة لنجد أنفسنا أمام انفلات وتراجع فى الأداء وتعثر فى توصيل الرسالة الإعلامية. وأصبح الواقع الإعلامى له حسابات أخرى أربكت المشهد ككل فى مجمله وعموميته إلا من رحم ربى، وتسبب فى ضبابية وتغييب للوعى بعد أن غابت عنه المهنية والتدقيق، لتصل الأمور فى بعض الأحيان إلى حد الاختلاق بما لا يليق بالإعلام المصرى، وكل يبكى على ليلاه والأصوات العالية هى الغالبة على المشهد المفتقد للرؤية والبوصلة غير مدركين خطورة المرحلة التى تواجه تحديات كبيرة ومخاطر صعبة. أعتقد انه حان الوقت لوقفة لتقييم العمل الإعلامى برافديه الرسمى والخاص وتحديد أولويات المرحلة وإدراك حجم الأزمة التى نمر بها خاصة بعد أن رفعت الدولة يدها عن تنظيم وضبط إيقاع المشهد الإعلامى المنفلت ومنذ الدورة البرلمانية الأولى لمجلس النواب ونحن فى انتظار إقرار مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام ليضع ضوابط مهنية، ولكن لا أدرى ما سر تأخير إقراره رغم تأكيد الرئيس على ضرورة إصلاح منظومة العمل الاعلامى. وهذا لن يتأتى إلا بصدور مجموعة مرتكزات نستند عليها، لنصوب بها المسار حتى نرى إعلامًا موضوعيًا يتحمل أمانة الكلمة دون تضليل أو تغييب أو تضخيم، إعلاما يتحمل مسئولية الظرف الذى نمر به بما يتوافق مع معطياته وأبجديات عمله.وأعتقد أننا بحاجة لإعادة التفكير فى عودة منصب وزير الإعلام.