رغم احترامنا وتقديرنا للدور التاريخي للأكراد قبل وبعد الإسلام فى العراقوسورياوإيرانوتركيا بل ورغم أنهم قد عاشوا في أمان وسلام مع الأعراق والأجناس المختلفة في تلك البلدان إلا أنهم ولأكثر من مائة عام لم يتخلوا عن حلمهم بإقامة كيان قومي لهم يقوم على فكرة التقسيم والإنفصال عن تلك الدول وعندها يصبح ذلك دافعا للعرقيات والمذهبيات الدينية المختلفة للمطالبة بالإنفصال مما يضر بوحدة تلك البلدان وإضعافها ، وقد كلفهم هذا الحلم الدخول في صراعات وحروب مدمرة ومعاناة واضطهاد كان أخطرها ومايزال ما يواجهه الأكراد في تركيا وأيضا ما يحدث الآن من الأكراد في سوريا الذين استغلوا الثورة السورية وانعكاساتها لتحقيق حلمهم وعلى غرار ما تفعله التنظيمات الإرهابية وغيرها من فصائل المعارضة التي تحارب النظام السوري للسيطرة على البلاد وفق مخططات خارجية ، صحيح أن الأكراد في شمال سوريا قد قاموا بالكثير من العمليات البطولية ضد داعش وغيرها وتمكنوا من تحرير الكثير من المناطق الممتدة عبر الحدود السورية الشمالية مع تركيا إلا أنهم كانوا يهدفون وما يزالوا إلى ضم تلك المناطق لنفوذهم من أجل إعلان دولتهم على غرار محاولاتهم السابقة والفاشلة فى إعلانهم فيدرالية من جانب واحد لم تلقى الترحيب من أحد ، وبالتالي العمل على تقسيم سوريا كما يحدث الآن في منبج والحسكة وكوبانى والرقة وشمال حلب وجرابلس وغيرها من القرى والمدن السورية بالشمال والتي تشكل في مجملها ما يقارب مساحة لبنان الأمر الذي دفع بتركيا إلى تغيير سياستها لإفشال هذا الحراك الكردى عن طريق قيامها بمحاربة وحدات الشعوب الكردية داخل الحدود السورية والإنضمام إلى التحالف الروسي الإيراني السوري والتسليم ببقاء الأسد في أى تسوية سياسية ممكنة وبما يتعارض فجأة مع السياسة الأمريكية التي كانت تعمل على تقسيم المنطقة واستخدام الأكراد كألغام موقوتة عن طريق مساندتها ودفعها للمطالبة بقيام دولة على غرار ما حدث في العراق وبخاصة بعد أن فشلت أمريكا في مخطط إحداث الخراب والفوضى بسوريا والمنطقة عن طريق داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية ، ولهذا فإن مخطط أكراد سوريا للتقسيم قد تكشف للجميع الآن ، إلا أنه تكشف في الوقت الذي استعاد فيه النظام السوري عافيته والدليل تحريره للكثير من المدن السورية ، وتمكنه بمساعدة تحالفه مع روسيا من فرض قوته ونفوذه على المعارضة وعلى التنظيمات الإرهابية بل وعلى كل المفاوضات المقبلة والمتوقعة التي سيصبح فيها النظام طرفا رئيسيا فيه وليصبح الأكراد أمام الجميع فى الموقف الصعب لأنهم كانوا أول المتسرعين والداعين إلى التقسيم مما سيجعلهم خارج رضا النظام وخارج تعاطف البلدان العربية ، بل والأهم من ذلك أنهم سيخسرون حب وود الأقليات التي كانت تعيش فى وئام معهم ، إضافة إلى سخط إيرانوتركيا عليهم وهو ما دفع بالجيش التركي الآن إلى تعقبهم داخل الأراضي السورية للقضاء نهائيا على حلمهم في خلق كيانات قومية عبر حزام طويل ممتد بين الدول الأربع ، إن الصراعات الكبيرة التي تشهدها سوريا من خلال تكالب الدول الكبرى والتنظيمات الإرهابية التي تسعى لتقسيمها وفق مصالحها إضافة إلى ما يسعى إليه الأكراد يشكل خطر على وحدة التراب السورى ، وأمام تلك المعطيات التي تهدد بضياع سوريا ومقدراتها إلى الأبد فما الذي ينتظره السوريون لكي ينتفضوا ويتجمعوا لنجدة بلدهم بالإلتفاف حول جيشهم ورئيسهم لإستعادة سوريا آمنة وموحدة دون تفرقة عرقية أو دينية أو سياسية كما كانت تعيش في الماضي ، ولماذا أيضا لا يتخلى الأكراد عن فكرة الإنفصال ويخلصون لبلدهم كسابق عهدهم ويعيشون في سلام في مناطقهم مع العرب والأشوريون والمسيحيين وغيرهم من الطوائف وببنون معا سوريا الجديدة الخالية من الخونة ، والتخلص نهائيا عن فكرة التقسيم التي يروج لها الغرب وأمريكا وعندها سيجدون منا كل الترحيب والمساندة من أجل استرجاع حقوقهم كغيرهم من السكان بعيدا عن الحقد والعنصرية والنعرات القومية التي يغذيها الغرب ، وعلى الجميع أن يعلم أن سوريا ليست كعكة أو غنيمة صائغة لكل من يفكر أو يريد اقتسامها لأنها ستعود موحدة ويعود شعبها شامخا في القريب .