بما أن الأزهر الشريف هو منارة العلم في العالم الاسلامي وحائط الصد المنيع ضد التيارات المتطرفة والمنحرفة فكريا وكل من تسول له نفسه التحدث باسم الاسلام وهو بعيد عن منهجه. إذن فهو المنوط به اختيار الطريقة المناسبة لكيفية تجديد الخطاب الديني او بلفظ أدق تأصيل الخطاب الديني ودرء الأفكار المغلوطة والدفاع عن سماحة الاسلام ووسطيته. وبرغم الحملات المشبوهة التي يروجها البعض للنيل من الأزهر ومن شيخه وعلمائه، وبرغم الخلافات الأخيرة التي وقعت بين مؤسسة الأزهر ووزارة الاوقاف فيما يتعلق بالخطبة الموحدة المكتوبة الا أن غالبية الشعب المصري والشعوب الاسلامية تثق في الأزهر وعلمائه الأجلاء ثقة لا يساورها شك فهو رمز الوسطية والاعتدال في عالم يتجرع مرارة التطرف. واذا كانت الأوقاف وهي تمثل الحكومة تري أن من اختصاصها تنظيم المساجد وتوزيع الأئمة والدعاة أي أن الأمور التنظيمية في يدها الا أن الدعوة والخطاب الديني من اختصاص الأزهر الشريف وأن اختيار الموضوعات التي تتناولها الخطبة حق أصيل لعلماء هذه المؤسسة الدينية الأولي في العالم الاسلامي . وأظن أن هذا الصراع يأتي ضمن سلسلة صراعات دأب وزير الأوقاف علي افتعالها وهوالذي يريد أن يستقل بالأوقاف بعيدا عن هيمنة الأزهر وفي هذا الأمر توجد خطورة علي مسار الدعوة في مصر والعالم الاسلامي وبدلا من تفاقم الخلاف والتربص حري بهاتين المؤسستين أن تتكاتفا للنهوض بالدعوة وتصحيح المسار والتصدي للتحديات الجلية التي تواجهها البلاد فليس من المعقول والبلاد تواجه تحديات جمة وارهابا لا يرحم نري تلك الخلافات التي لا طائل منها بين الأزهر والاوقاف اللذين يمثلان الدولة في تلك المواجهة مع قوي التطرف . فلابد للجميع أن يدرك مدي خطورة استمرار تلك الخلافات والتمسك بالرأى من كل طرف فالأوضاع لا تحتمل ومطلوب توحيد الرؤى حيال العديد من القضايا التي تهم الوطن. ولكي تكتمل الصورة ويؤدي الأزهر دوره مع وزارة الأوقاف هناك آليات لابد من الأخذ بها لمعالجة الأفكار الهدامة التي ينجرف اليها شبابنا ومن ثم تجفيف منابع الارهاب من جذوره والوصول الي حقيقة هذا الدين ومعرفة منهجه القويم المعتدل : فكلنا ندرك جميعا أن الاعلام هو لغة العصر وطريق الأمم للوصول الي أهدافها وكثير من الدول المتقدمة تستخدم آلتها الاعلامية كسلاح قوي وفعال في مواجهة التحديات ودرء المخاطر وأيضا توظيفها لأغراض سياسية وهذه الدول تمتلك الكثير والكثير من وسائل الاعلام المختلفة سواء مقروءة أو مسموعة أو مرئية ومن هنا نطالب القائمين علي المؤسسات الدينية في مصر الإسراع في انشاء منابر اعلامية خاصة بهم كقنوات فضائية بعدة لغات ومطبوعات مترجمة الي الكثير من اللغات المختلفة وكذلك انشاء مراكز اسلامية في كثير من الدول والاشراف عليها ومثل هذه الخطوة تسهم في تصحيح المفاهيم المغلوطة لدي الكثير من الشباب وتصحيح صورة الاسلام خارجيا وكشف طبيعته السمحة. لأن هناك جهات أخري تسيطر علي تلك المراكز في دول العالم ولكن بفكر مختلف عن منهج الأزهر : ثم يأتي عقد ندوات ومؤتمرات داخل دول العالم الاسلامي بمشاركة علماء ومفكرين من هذه الدول لتقارب وجهات النظر في الأمور الخلافية وتوضيح الصورة الصحيحة عن الدين لشباب هذه الدول والأجيال القادمة وتحصين النشء من أفكار المنحرفين والمنتسبين الي الدين : وعلي علماء الأزهروالأوقاف ان يسعوا لترسيخ مفهوم الأمن والاستقرار الداخلي ووحدة الصف بين أبناء الوطن الواحد خشية الوقوع في الفتن بما يؤدي الي الصراعات الداخلية والتناحر والتراشق اللفظي والبدني وتأجيج الكراهية والحقد وبث الفرقة وقد قال الله في كتابه الكريم(واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) لأن الاسلام حرص علي وحدة الأمة وعدم اختراق صفوفها لأن ذلك يؤدي الي ضعفها . وكذلك الاهتمام بالمناهج التعليمية التي تركز علي سماحة الدين الاسلامي وغرس المبادئ العظيمة السمحة في العقول الناشئة وأن تتصدي هذه المناهج لمهمة الجهل بالدين والغلو فيه والافتاء بغير علم. وأخيرا علي الأوقاف مراقبة المنابر الاعلامية الداخلية والتأكد من أنها تقدم خطابا دعويا يحث علي ثقافة التعايش مع الآخر وعدم التعصب الفكري المنحرف وعدم الاساءة الي الغير وفي الوقت نفسه منع المنابر التي تلقي الخطاب المبني علي الجهل بالدين والفتاوي غير المسئولة وخطاب الكراهية والفكر المتشدد.