الذين كذبوا على العالم وقالوا أن ألمانيا النازية أحرقت ستة ملايين يهودى فى محارقها بينما لم يزد العدد الحقيقى للقتلى على بضعة ألوف، نسمعهم منذ سنوات خمس يكذبون مرة أخرى على العالم ويروجون كذبة أخرى بأن بشار الأسد يذبح شعبه، بينما الحقيقة أن هؤلاء الكاذبون هم الذين استأجروا عصابات الإرهاب والعملاء والجواسيس لتخرب وتنسف وتقتل فى كل مكان تحت غطاء إسلامى لدغدغة مشاعر شعوب المنطقة ليقينهم بأن الدين جزء أصيل فى نفوس شعوب المنطقة، واحتضن هؤلاء الكاذبون قيادات منبوذة وضالة لمجرد أنها مسلمة بالاسم وشهادة الميلاد لتتخذها ستاراً وأداه لتحقيق مشروعها فى المنطقة، وهو اعادة تقسيم المقسم وتجزئ المجزأ كى تصبح اسرائيل القوة الوحيدة فى المنطقة. ونفس هؤلاء الكاذبون من قبل هم الذين خططوا لثورات ملونة فى تونس ومصر وليبيا واليمن، بعد أن أوقعت شعوب تلك الدول فى شراك الفخ التى نصبته لهم عن طريق شبكات أخبارهم التى روجت الأكاذيب والمعلومات المعدة سلفاً لتوزع على شعوب هذه الدول المرسوم له أن يعيش فى ضباب لا يعرف رأسه من رجليه، وكان المخطط هو احداث فتنة داخل تلك الدول تتحول إلى فوضى بعد ذلك ومن ثم تتخذ منها ذريعة للتدخل الشامل للقضاء عليها ومن ثم السيطرة عليها. والمانشتتات الكبرى المعلنة كانت تقول أن أمريكا جاءت على رأس حلف الناتو وللأسف بغطاء عربى وبمشاركة بعض الدول العربية تحت لافتة انسانية براقة اسمها حماية الشعب الليبى من كتائب القذافى، ورحل القذافى لكن هل بقيت ليبيا؟! وكرر العرب نفس الخطأ فى اليمن ودخلوا حرباً الكل فيها خاسر.. دخلوا الحرب ارضاءً لأمريكا رغم يقينهم أن الحل فى اليمن ليس عسكريا بقدر ما هو سياسى. المخططات تحاك ضد الوطن العربى منذ عشرات السنين ونجح المتآمرون فى تنفيذ المخطط فى بعض الدول العربية، لكن كل تلك المخططات انهارت على أعتاب مصر وذلك باعلان نظام مبارك التنحى ومن ثم فوت الفرصة على الغرب، وكانت الخطة البديلة أن يقوم هؤلاء الكاذبون بالعمل على وصول جماعة متطرفة إلى سدة الحكم والجلوس على كرسى الفرعون، وكان المقدر لهذه الخطة البديلة الوصول إلى الفوضى المنشودة. ولأن أجدادنا قديماً قالوا إنك تستطيع أن تكذب على بعض الناس بعض الوقت لكن لا تسطيع أن تكذب على كل الناس كل الوقت حتى لو أقمت على حراسة هذا الكذب المدافع والدبابات والبوارج الحربية.. نعم لقد صدق أجدادنا وظهرت الحقيقة بعد أن انقشع الضباب ومن ثم التحم الشعب مع قواته المسلحة وأسقط المخطط فى مصر ومن ثم نجحت مصر فى ارباك المخطط فى المنطقة كلها.. نعم انقشع الضباب واتضحت الصورة وعلمت شعوب المنطقة أن الجيوش الجرارة التى قادتها الولاياتالمتحدة لا علاقة لها بأى انسانية ولا بأى مانشتتات تقرأ ولا بأى أخبار تذاع. وحفاظاً على ماء وجهها أمام العالم اضطرت الولاياتالمتحدة فى فبراير من العام الجارى إلى قبول مبادرة وقف اطلاق النار فى سوريا، والأكثر من ذلك أن رحيل الأسد لم يعد مطروحاً من جانب الولاياتالمتحدة. وعلى الولاياتالمتحدة إذا كانت تريد اثبات مصداقيتها فعلياً فى تنفيذ بنود اتفاق وقف اطلاق النار بين قوات الجيش السورى والجماعات الارهابية فى سوريا، فليس أمامها سوى أمرين.. الأول أن تأمر كل الجماعات الارهابية العاملة فى سوريا وفى كل مكان فى العالم بالكف عن عملياتهم الارهابية،وذلك فى طاقة الولاياتالمتحدة وهى التى تأتمر الجماعات الارهابية بأوامرها لأنها تعمل لحسابها. وإذا لم يكن فى طاقة الولاياتالمتحدة أن تأمر الجماعات الارهابية فإننا نطلب منها طلباً واحداً هو بالتأكيد فى طاقتها، وهو أن تكف الولاياتالمتحدة عن أى دعم جديد سياسى أو عسكرى للجماعات الارهابية. وإذا لم يتحقق الحل الأول أو الثانى فإن على شعوب العالم أجمع أن تدرك أن أمريكا المدعية بالحرية والديمقراطية تريد الاستمرار لما يحدث فى سوريا والدول العربية حتى تصبح اسرائيل هى القوة الوحيدة فى المنطقة.. اسرائيل التى تقتل وتروع وتعذب وتشرد الشعب الفلسطينى كل يوم مع سكوت أمريكى وأوربى شامل يكتفى بالشجب والتصريحات الكلامية دون التفكير فى تجييش الجيوش وارسال الدبابات والمدافع والبوارج الحربية لنصرة السعب الفلسطينى وتحريره من الارهاب الاسرائيلى! يا سادة ما وافقت أمريكا على تلك المبادرة إلا لاعادة ترتيب أوراقها وذلك بعد دخول روسيا على الخط، وأنها ستحاول مراراً وتكراراً العمل على تحقيق مشروعها مهما كان الثمن. والحق أقول أنه من المنطقى ومن الطبيعى أن تتصرف الولاياتالمتحدة وكل قوى الشر فى العالم بهذا المنطق، لأننا فتحنا الباب أمامهم على مصراعيه بتفرفنا وعدم اتحادنا تحت راية واحدة. إن الأمر يحتاج إلى انتفاضة كبرى.. ولا أعنى بالانتفاضة حرباً وصيحات عنترية، ولكن الانتفاضة التى أقصدها هى أن نجلس معاً جلسة رجال لنكون جبهة سياسية واحدة وتكاملا اقتصادياً وسوقاً عربية مشتركة تتحول فيه المليارات الراقدة فى البنوك إلى همة وانتاج ورخاء وعضلات تواجه التهديد بتهديد مثله وتقرع الحديد بالحديد.. لقد جلست الدول الأوربية معاً رغم أن ما يفرقهم أكثر مما يجمعهم، وفى نهاية القرن الماضى خرجوا للعالم وقد كونوا جبهة سياسية واحدة واقتصاداً واحداً متكاملا وعملة واحدة، ونحن لسنا بأقل منهم لأن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، حيث وحدة اللغة والدين والجغرافيا والتاريخ والثقافة.. والاتحاد بدوره يحتاج إلى أخلاقيات وتعاقدات ونبذ الشخصانية والفردية والطائفية والقبلية والعصبية وإلى نشأة روح الجماعة وأخلاقيات الجماعة. وإذا تخلفنا عن الدخول فى اتحاد فلا مكان لنا إلا مع القرود فى الغابات حيث تتعارك القرود على سباطة موز ومن ثم يحق لأمريكا أن تفعل بنا ما تشاء.