"الزعيم .. القائد .. نصير الفقراء .. حبيب الملايين" كلها ألقاب ارتبطت بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والذى رغم مرور 36 عام على رحيله مازال يحيى فى قلوب المصريين، فهو ثاني رؤساء مصر، تولى السلطة من سنة 1956، إلى وفاته سنة 1970. مثل اليوم ولد عبد الناصر فى حى فلمنج بالإسكندرية، فى 15 يناير 1918، وكان والده دائم التنقل بحكم عمله، ألتحق عبد الناصر بروضة الأطفال بمحرم بك بالإسكندرية، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بالخطاطبة في الفترة ما بين سنتي 1923 و1924، وفي سنة 1925 دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية بالجمالية بالقاهرة، وأقام عند عمه خليل حسين لمدة ثلاث سنوات، وكان جمال يسافر لزيارة أسرته بالإسكندرية فقط أثناء العطلات الدراسية. كان عبد الناصر يتبادل الرسائل مع والدته، ولكن الرسائل توقفت في أبريل 1926، وعندما عاد إلى الخطاطبة علم أن والدته قد ماتت قبل أسابيع بعد ولادتها لأخيه الثالث شوقي، ولم يملك أحد الشجاعة لإخباره بذلك، وقد قال عبد الناصر في وقت لاحق لقد كان فقداني لأمي في حد ذاته أمرا محزنا للغاية، فقد كان فقدها بهذه الطريقة، وعدم توديعي إياها صدمة تركت في شعورا لا يمحوه الزمن، وقد جعلتني آلامي وأحزاني الخاصة في تلك الفترة أجد مضضا بالغا في إنزال الآلام والأحزان بالغير في مستقبل السنين وفى عام 1933 أنتقل والد جمال إلى القاهرة لتولى مهمام عمله كمأموراً للبريد فى حى الخرنفش، وانتقل معه جمال وإخوته، وحصل جمال على الثانوية العامة من مدرسة النهضة فى عام 1937، وألتحق بعدها بكلية الحقوق ثم تركها وألتحق بالكلية الحربية وتخرج منها عام 1938. وزاد نشاط عبد الناصر السياسي أكثر طوال سنوات مدرسته، حيث أنه لم يحضر سوى 45 يوماً أثناء سنته الأخيرة في المدرسة الثانوية، كما اعترض عبد الناصر بشدة على المعاهدة البريطانية المصرية لسنة 1936، التي تنص على استمرار وجود قوات عسكرية بريطانية في البلاد، وقد أيدت القوات السياسية في مصر هذه المعاهدة بالإجماع تقريبا. كانت القراءة هى رفيق جمال فى وقت فراغه، وخاصة خلال الفترة التى كان يعيش فيها بالقرب من دار الكتب والوثائق القومية في مصر، قرأ القرآن، وأقوال الرسول محمد وحياة الصحابة، والسير الذاتية للزعماء القوميين نابليون، أتاتورك، أوتو فون بسمارك، وغاريبالدي والسيرة الذاتية لونستون تشرشل. وفي سنة 1941، طلب عبد الناصر النقل إلى السودان، وهناك قابل عبد الحكيم عامر، وكانت السودان حينها جزءاً من مصر، وعاد جمال عبد الناصر من السودان في سبتمبر 1942، وفى تلك الفترة سار مايلز لامبسون السفير البريطاني إلى قصر الملك فاروق وحاصره بالدبابات، وأمره بإقالة رئيس الوزراء حسين سري باشا، بسبب تعاطفه مع قوات المحور، ورأى ناصر الحادث بأنه انتهاك صارخ للسيادة المصرية، وقال عن ذلك: أنا أخجل من أن جيشنا لم يصدر أي رد فعل ضد هذا الهجوم وعقب عودته من السودان تم تعيينه مدرسا بالكلية الحربية، والتحق بكلية أركان الحرب، فالتقى خلال دراسته بزملائه الذين أسس معهم "تنظيم الضباط الأحرار"، وكانت القومية العربية دوما تشغل بال ناصر الذى شارك في حرب فلسطين وجرح فيها وحوصر فى الفالوجا، وبعدها تأكد أن المعركة الحقيقية فى مصر، وبدأ نشاط الضباط الأحرار إلى أن وقع حريق القاهرة في 26 يناير 1952، وقرر عبدالناصر تقديم موعد الثورة إلى ليلة 23 يوليو 1952وكللت بالنجاح، وكان عمر «عبدالناصر»، 34 عاما، حين قاد ثورة 23 يوليو، وتولى رئاسة الوزراء ثم رئاسة الجمهورية باستفتاء شعبي يوم 24 يونيو 1956. وعبد الناصر هو ثاني رؤساء مصر بعدما تحولت إلى جمهورية وكان محمد نجيب هو الأسبق عليه بعد قيام ثورة يوليو وهو مؤسس تنظيم الضباط الأحرار والقائد الفعلي للثورة، وساند كل حركات التحرر فى العالم العربى فضلا عن الطفرة التنموية التى شهدها عهده كما كان له دور قيادى وأساسى فى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية فى سنة 1964 وأيضا حركة عدم الانحياز الدولية. ومن التواريخ التى لا تنسى فى حياة الزعيم عبد الناصر ، 26 يوليو عام 1956، وهو اليوم الذى أعلن فيه عبد الناصر، تأميم قناة السويس ونقل الملكية من الحكومة الفرنسية إلى الحكومة المصرية مقابل تعويضات تمنح للأجانب، وذلك عقب رفض البنك الدولى تمويل الحكومة المصرية لبناء السد العالى، الأمر الذى كان سببا للعدوان الثلاثى الذى شهدته مصر فى الفترة من 29 أكتوبر 1956 حتى مارس 1957م، الذى قامت به بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر، وردا على هذا القرار فى عام 1956 م قررت الحكومة البريطانية تجميد الأرصدة المالية لمصر فى بنوك إنجلترا. ويعد ناصر من أهم الشخصيات السياسية فى العالم العربى وفى العالم النامي للقرن العشرين ورغم ما حدث فى نكسة 67 ظل جمال زعيما فى قلوب المصريين والعالم العربى ورمزا للكرامة والحرية العربية. وعقب أحداث أيلول الأسود بالأردن بين الحكومة الأردنية والمنظمات الفلسطينية جرت مباحثات وساطة في قمة القاهرة من 26 إلى 28 سبتمبر 1970 وعند عودة عبدالناصر من مطار القاهرة بعد أن ودع صباح السالم الصباح أمير الكويت داهمته نوبة قلبية وتوفي يوم 28 سبتمبر 1970، ورحل ناصر وبقيت شمسه لا تغيب فى قلوب المصريين.