مصابو الثورة السلمية لا يزالون يرقدون أسرة المشافي بصحبة ألام لا ترحم ووحدة لا تهدي إلا إلي الوحدة سبيلا, خرجوا من ديارهم ورموا بذور الحرية فحصدوا أحكاما بلزوم الفراش مدي الحياة. كريم سعيد.. رغم صغر سنة الذي لم يتجاوز الأربعة عشر ربيعا إلا أنه حلم مع من حلموا بالحرية وهتف لها كان صوته يدوي أمام قسم محطة الرمل بالإسكندرية ومن يومها عجز لسانه عن النطق وجسده عن الحركة, خرج بصحبة رفيقيه يوم 28 يناير فقام ضابط الشرطة مصطفي الدامي بتصويب سلاحه الميري صوب رأس كريم وصديقيه وفور سقوطهم أمر عساكر الأمن المركزي فانهالوا علي رؤوسهم بالشوم.. أستشهد صديقاه وكان عمريهما 16 سنة, أما كريم فلم يطل الشهادة ولا النجاة سكنت رصاصة الدامي في رأسه فأصيب بحالة صرع وفقدان للوعي وشلل نصفي, وردا للجميل الذي قدمه كريم للوطن وعرفانا بدوره الكبير هو وكل من أصيب خلال أحادث الثورة تقوم المستشفي الجامعي بالإسكندرية والتي يرقد بها كريم بتحميل والدة نفقات العلاج من تحاليل وسرنجات ودواء للتشنجات يصل سعره 65 جنية كل خمسة أيام إضافة إلي الحفاضات التي يحتاج العديد منها يوميا. بجوار قسم شرطة رمل ثان بمحافظة الإسكندرية أحد استوديوهات التصوير الذي قصده عنتر عبد العظيم 28 سنة ليلتقط صورا لعقد قرانه بعد أن 3 فبراير موعدا لزفافه علي عروسه التي أحبها وتمني أن يعيشا سويا, وبعد خروجه من صالة التصوير وجد تجمع كثير من الشباب قادته أقداره لهذا التجمع ليعلم سببه فإذا بوابل من الرصاص ينهال عليهم من أعلي مبني قسم محطة الرمل سقط من سقط من الشهداء وكان نصيب عنتر طلق ناري في رقبته وأخر في ظهره وبدلا من أن يزف لعروسه زف للإعاقة بعد أن أكد الأطباء أن حالته متردية وأمه بحاجة لجهاز تنفس صناعي يعيش علية ما تبقي من حياته. محمد عبد العظيم شقيق عنتر أكد أن أخوه يحلم بقرص مسكن يغيب ألامه عنه لبضع ساعات, أما محمد فلم يترك باباً إلا طرقه ليكمل العشرون ألف جنية ثمن جهاز التنفس الصناعي الذي طلبة الأطباء لبقاء عنتر علي قيد الحياة ولكنه لم يتمكن من جمع ربع هذا المبلغ. ومن محافظة المنيا كان لأحمد جابر حسين من إصابات الثورة نصيبا بعد أن انهال عليه أفرادا من الشرطة وضربوه بالعصي ضربا مبرحا يوم 28 يناير جمعة الغضب مما أصابه بانزلاق غضروفي في الفقرتين الرابعة والخامسة من عموده الفقري ومن يومها وهو ملازم للفراش 24 ساعة ويقول أحمد شاركت في الثورة وحالتي الصحية سيئة جدا ومن حقي أن أتلقي العلاج اللازم لحالتي.. لا أريد إلا العلاج. عيون ثورة مصر في مركز السنبلاوين خرج علاء متولي 30 سنة ويعمل حداد آلات زراعية لا يجيد القراءة ولا الكتابة ولكن أجاد حب مصر وطلب حريتها فأصابه خرطوش في عينة اليسري اخترقت القرنية ورغم خضوعه لثلاث عمليات جراحية إلا أنه لن يري بها ثانية فقد أخبره الطبيب أن العمليات أجريت للاحتفاظ بوجود العين لا لإعادة الرؤية بها, ويؤكد علاء أنه فقد الرؤية بعينه اليسري وكانت عينه اليمني تعاني ضعفا في الإبصار أي أنه مهدد بالعمي الكلي, وقال علاء: "من يوم 28 يناير مش عارف أشتغل وعندي 3 عيال وأمهم وبجيب خمس أنواع قطرة ب200 جنية كل أسبوع, وعايش علي السلف لما مكسوف أخرج من البيت". محمد زيدان 23 سنة من ميدان الساعة بدمنهور أصيبت يمني عينيه بطلق خرطوش يوم جمعة الغضب, ويقول لا أري لأعمل ولذلك عجزت عن العمل وعن الحلم في تكملة حياتي بالاستقرار وبناء أسرة فلا أستطيع تحمل نفقات علاجي وأصبحت عبء علي أسرتي الفقيرة, فكيف أحلم بزواج؟!!, ولكن الحمد لله إن مصر أحسن. طارق سويري 38 سنة مدرس لغة فرنسية يروي تفاصيل إصابته قائلا.. شاركت في جمعة الغضب من شارع طلعت حرب وعقب الانتهاء من تأدية صلاة الجمعة فوجئنا بوابل من الرصاص الحي والمطاطي والخراطيش يمطرنا من كل مكان وكان يقف بجواري شاب عمرة حوالي 15 سنة وفي لحظة سقط شهيدا أسرعت لأحمله فأصيبت بخرطوش في عيني وحملوني للقصر العيني وكان ترتيب دخولي لغرفة العمليات ال60 بين 158عملية جراحة عيون لذلك اليوم, وللتكدس الشديد وكثرة عدد المصابين نفذ مخزون الأدوية والمستلزمات الطبية فتحملنا نفقاتها ولست حزينا لفقدان عيني 'لو ليا 50 روح وهيموتوني 50 مرة مش خسارة فيكي يا مصر' وعن طريق الأسبوع أونلاين ناشد سويري المصريين مواطنين ومسئولين بضرورة رعاية مصابي الثورة قائلا لا أخص نفسي بهذا النداء فأنا مستقر وظيفيا في وزارة التربية والتعليم ولكن لي زملاء من مصابي الثورة لا دخل لهم منهم البائع وعامل اليومية ولابد من توفير مصدر رزق أمن لهؤلاء. بقي سؤال يطرح نفسه علي ضمائركم لعله يجد الإجابة لديكم هو.. أهكذا يكون حال مصابين ثورة مصر التي أذهلت العالم؟!!!.