إن حضرة النبي )صلي الله عليه وسلم( حين بعثه الله تعالى، تحمل الجناب النبوي، مسؤولية الإبلاغ، والدعوة لدينه، فواجهته المصاعب، والشدائد، وثبت، وصبر، وتحمل الأذى، ولشدة تحمل حضرة النبي لهذه المسئولية، خرج يوما من شدة ما لاقى من ويلات العذاب، من الوقوف في وجهه، والتعدي عليه، وتكذيبه، فخرج يوما قاطعا مسافات طويلة، قالت: عائشة رضي الله عنها: هل أتى عليك يوم أشد من يوم أحد؟ قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم، يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما رددوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي ثم قال: يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين؟ فقال النبي )صلي الله عليه وسلم( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم، من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا». لم يع أين هو، من شدة الهم، والغم، ومن شدة تحمل مسئولية الدعوة إلى الله عز وجل، وإذا بأهل الطائف يرسلون إليه المجانين، والأطفال، والسفهاء، يرمونه بالحجارة، حتى أدمى الجناب النبوي. إن تحمل المسئولية لدروس وعبر نتعلمها، ونعلمها عن الرعيل الأول من سادات وأسياد الدعوة، فتحمل أبو بكر الصديق، المسئولية، فكان يجهر بالدعوة إلى الله عز وجل في مكة، في وقت كان المشركون في عنفوان مجدهم، ومع هذا كان يجهر بالدعوة، ويجهر بقيام الليل، حتى إن قريشا خافت على شعبها، أن يفتنوا، بقراءة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وهكذا جميع الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، تحملوا المسئولية، فضربوا وأغشي عليهم؛ لأن هؤلاء الصحابة، والتابعين، هم قدوتنا في تحمل المسئولية بجدارة، فتحملوا مسئولية الدين، ومسئولية الدعوة، ومسئولية إقامة الحضارة الإسلامية. وتحمل بلال رضي الله عنه، المسئولية، في إظهار الدين، والقوة، والدفاع، والثبات على العقيدة، فتحمل المسئولية كما ينبغي. وتحمل على بن أبي طالب رضي الله، المسئولية، في وقت كاد أن يقتل، حينما كلف أن ينام في سرير الجناب النبوي. وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه، الرجل الذي كان صلبا متحملا للمسئولية في الجاهلية، وكان صلبا متحملا للمسئولية في الإسلام من أول وهلة، فكان حقا كما لقب بالفاروق، وكان لا يسلك فجا، ولا شعبا، ولا واديا، إلا وسلك الشيطان فجا آخر، وكان كثيرا ما يدعو حضرة النبي )صلي الله عليه وسلم( أن يعز الإسلام بأحد العمرين، عمر بن الخطاب أو عمر بن هشام، فأعز الله الإسلام بعمر بن الخطاب. وهذا عمرو بن العاص رضي الله عنه، لما أسلم كان إسلامه تعزيزا، وعزة لهذا الدين، ولقد كان عمرو بن العاص، من أشد الناس عداوة للدين، ومن أشد الناس عداوة للجناب النبوي، فقال للنبي: والله يا رسول الله ما كان وجه أبغض إلي من وجهك، وما كان دين أبغض إلي من دينك، لكنه بعد إسلامه، تحمل المسئولية، وصار وجه النبي، أحب الوجوه إليه، لدرجة أنه قال: والله لو قيل لي صف رسول الله )صلي الله عليه وسلم( ما استطعت لشدة حيائي من إطراق النظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال تعالي في سورة الصافات: «وقفوهم إنهم مسئولون». وقال تعالى في سورة الإسراء: «وَلا تقف ما لَيس لَك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أُولَئك كَان عنه مسئولا». المتحدث الرسمي بإسم النادي الدبلوماسي الدولي Diplomatic Counselor Sameh Almashad