تحيي منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة 'اليونسكو' غداً ' الإثنين ' للعام الثاني اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب علي الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، حيث تشير التقارير اليونسكو إلي مقتل 680 صحفياً خلال الفترة من عام 2006 حتي عام 2014، ويمثل المراسلون الأجانب 6%، بينما يمثل الصحفيون المحليون 94%، في حين يمثل 41% من الصحفيين الذين قتلوا من عملوا في وسائل الإعلام المطبوعة. وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد اعتمدت القرار رقم 68 / 163 لعام 2013 والذي أعلنت أن يوم 2 نوفمبر هو اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب علي الجرائم ضد الصحفيين، لرفع مستوي الوعي بشأن التحدي المتمثل في الإفلات من العقاب واتخاذ خطوات عملية ضده. ويصادف هذا اليوم ذكري اغتيال اثنين من الصحفيين الفرنسيين' جيسلين دوبون وكلود فيرلون ' في مالي في 2 نوفمبر عام 2013، ويعتبر هذا القرار تاريخياً حيث يدين جميع الهجمات وأعمال العنف ضد الصحفيين والإعلاميين، ويحث الدول الأعضاء علي بذل قصاري جهدها لمنع العنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، لضمان المساءلة، وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين، وضمان تمكين الضحايا من الوصول إلي سبل الانتصاف المناسبة، داعية الدول إلي تعزيز بيئة آمنة ومواتية للصحفيين لأداء عملهم بشكل مستقل ودون تدخل لا مبرر له. وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو - في رسالتها بهذه المناسبة - إلي إفلات مقترفي الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين إفلاتاً يكاد يكون تاماً من العقاب علي ما اقترفت أيديهم، قائلة:'أعلن علي الملأ بصفتي المديرة العامة لليونسكو إدانتي لكل جريمة قتل تقترف بحق أي صحفي، وأدعو إلي إجراء تحقيق مستفيض في كل قضية من القضايا الخاصة بهذه الجرائم، وأدين ما يزيد علي 540 جريمة قتل اقترفت بحق الصحفيين وإعلاميين ومنتجين لكمية كبيرة من المواد الصحفية التي تنشر في مواقع التواصل الاجتماعي إدانة جلية لا يكتنفها أي لبس أو غموض'. وقد سارعت اليونسكو إلي الذود عن الصحفيين إذ رأت تزايد الاعتداءات عليهم، فتصدرت المساعي التي أفضت إلي وضع خطة عمل الأممالمتحدة بشأن سلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب، من أجل وضع حد لإفلات الجناة من العقاب عن طريق تعزيز الأنشطة المشتركة التي تضطلع بها في هذا الصدد وكالات الأممالمتحدة التي تعمل في جميع أرجاء العالم بالتعاون مع الحكومات والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ووسائل الإعلام ذاتها التي تتعرض لهذه الاعتداءات. وتؤتي هذه الجهود الآن أكلها، إذ يتزايد الإقرار علي الصعيد الدولي بأهمية تعزيز سلامة الصحفيين وإنهاء ظاهرة الإفلات من العقاب، واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارات تاريخية من أجل التغلب علي المصاعب والعقبات في هذا الصدد، علي غرار ما فعله مجلس أوروبا علي الصعيد الإقليمي. وذكرت بوكوفا أن عدد الدول يتزايد والتي تقوم بسن قوانين ووضع آليات جديدة من أجل التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب وتعزيز سلامة الصحفيين، وتعمل الأجهزة القضائية وقوات الأمن علي تعزيز التزامها بالعمل من أجل ذلك، وما زال بلوغ هذه الغاية مع ذلك أمراً بعيد المنال، مضيفة:' يجب علينا في ظل التغيرات الكبيرة التي تشهدها الآن وفي ظل التحولات المتواصلة التي تشهدها المجتمعات كلها في الوقت الحاضر، أن نضاعف جهودنا الرامية إلي وضع حد لإفلات المعتدين علي الصحفيين من العقاب من أجل تعزيز التمتع بالحق في استيفاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون قيد بالحدود الجغرافية المنصوص علية في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، إذ يعد التمتع بهذا الحق أمراً ضرورياً لبلوغ الغاية 10 الملحقة بالهدف 16 للتنمية المستدامة، وهي الغاية التي تحثنا جميعاً علي 'كفالة وصول الجمهور إلي المعلومات وحماية الحريات الأساسية وفقاً للتشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية '. وحثت بوكوفا، الدول علي اتخاذ كل التدابير اللازمة لضمان التحقيق في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين ومحاكمة مرتكبيها، عن طريق سن التشريعات اللازمة ووضع آليات الحماية الضرورية وتخصيص الموارد الكافية لهذا الغرض، داعية كل فرد علي النهوض في 2 نوفمبر والمطالبة بتطبيق مبدأ سيادة القانون تطبيقاً كاملاً علي جميع الحالات المتعلقة بالاعتداء علي الصحفيين وقتلهم أثناء تأديتهم لواجبهم. وتعرِف لجنة حماية الصحفيين جريمة القتل بأنها القتل المتعمد ضد صحفي معين علي خلفية عمله في الصحافة، وتشكل جرائم القتل سبب أكثر من70% من حالات وفاة الصحفيين المرتبطة بعملهم، ولا يتضمن هذا المؤشر حالات قتل الصحفيين أثناء الأعمال الحربية أو حالات الوفاة التي تحدث أثناء أداء مهمات خطرة مثل الاحتجاجات في الشوارع، وتعتبر الحالات بأنها لم تحل عندما لا يتم الوصول إلي حكم إدانة ضد مرتكبي الجريمة. ويحسب المؤشر عدد جرائم قتل الصحفيين التي لم يكشف عن مرتكبيها كنسبة من التعداد السكاني للبلد، وفي هذا الإصدار، تدرس لجنة حماية الصحفيين جرائم القتل ضد الصحفيين في كل بلد في العالم والتي وقعت ما بين 1 سبتمبر 2005 وحتي 31 أغسطس 2015. ولا يشمل المؤشر سوي البلدان التي وقعت فيها 5 جرائم قتل أو أكثر ولم يكشف عن مرتكبيها، وفي هذا العام انطبقت معايير المؤشر علي 14 بلداً، مقارنة مع 13 بلداً دخلت في المؤشر في العام الماضي، والحالات التي يُقتل فيها مرتكب الجريمة أثناء اعتقاله، أو التي يُدان فيها بعض مرتكبي الجريمة ولكن ليس كلهم، فتُصنف بوصفها إفلاتاً جزئياً من العقاب، ولا تُحتسب من ضمن الجرائم الخمسة التي تشكل معياراً للدخول في المؤشر، وبلغ العدد الكلي لجرائم القتل التي تم تحليلها لغرض إعداد هذا المؤشر 270 جريمة. وللمرة الأولي منذ بدأت لجنة حماية الصحفيين في إصدار هذا المؤشر في عام 2008، لم يحتل العراق المرتبة الأسوأ، التي كانت من نصيب الصومال في هذا العام، وهذا التغير يعكس الخسائر المستمرة في الأرواح بين الصحفيين في الصومال، حيث ظل يقتل صحفي واحد أو أكثر في كل عام علي امتداد العقد الماضي، وظلت الحكومة غير قادرة علي التحقيق بشأن هذه الجرائم أو غير راغبة في ذلك، أما تحرك العراق من صدارة القائمة فمرده إلي عدد من العوامل، وقليل منها هي عوامل مشجعة، فلم تصدر المحاكم العراقية سوي حكم إدانة واحد. ويأخذ مؤشر الإفلات من العقاب بالاعتبار جرائم القتل التي لم يكشف عن مرتكبيها خلال العقد الماضي، وحيث يكون العمل الصحفي هو الدافع المؤكد لارتكاب الجريمة، وقام تنظيم 'داعش' الإرهابي المسلح باختطاف وقتل صحفيين اثنين علي الأقل. ويفرض هذا التنظيم سيطرة محكمة علي المعلومات مما جعل من المستحيل علي لجنة حماية الصحفيين لغاية الآن أن توثق بدقة حالات القتل الإضافية وتحديد دوافعها، وكان التعامل الوحشي للتنظيم مع الصحفيين هو السبب الذي جعل سوريا تنتقل علي المؤشر من المرتبة 5 إلي المرتبة 3، فمنذ أغسطس2014، قام عناصر التنظيم بذبح 3 مراسلين صحفيين دوليين، ونشروا مقاطع فيديو حول عمليات الإعدام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكما هو الحال في العراق، يعتقد أن التنظيم مسؤول أيضاً عن عمليات اختطاف صحفيين وقتلهم في سوريا ولم تتمكن لجنة حماية الصحفيين من التحقق منها، وتعتبر سوريا هي المكان الأخطر علي الصحفيين في العالم، إذ شهدت عدداً قياسياً من عمليات الاختطاف والاعتداءات التي ارتكبها 'داعش' وفصائل مسلحة أخري. في حين احتلت الفلبين المرتبة 4، وهي البلد الوحيد بين البلدان التي تحتل المراتب الخمسة الأولي التي لا تشهد نزاعاً مسلحاً واسع النطاق، وقد أدي كمين استهدف موكب سيارات صحفيين في جنوب السودان، وجرائم قتل مدونين بتقطيع أوصالهم في بنغلاديش في هذا العام إلي دخول هذين البلدين في المؤشر الدولي للإفلات من العقاب الذي تعده لجنة حماية الصحفيين، وقد خرجت كولومبيا من المؤشر إذ تراجع فيها العنف الفتاك ضد الصحفيين ليصبح جزءاً من الماضي. وتعد كولومبيا هي البلد الوحيد الذي خرج من المؤشر في هذا العام، إذ أن لديها أقل من 5 جرائم غير محلولة خلال الفترة التي يدرسها المؤشر، وتوصلت السلطات منذ عام 2009 إلي أحكام إدانة علي خلفية مقتل صحفيين اثنين، وفي كلا القضيتين تحققت العدالة كاملة إذ صدرت أحكام ضد مدبري الجريمتين وليس فقط المنفذين. إلا أن التحسن الذي طرأ في كولومبيا يعزا أيضاً إلي انحسار العنف السياسي في البلد وإلي برنامج حماية الصحفيين الذي تنفذه الحكومة، ومع ذلك تعرض صحفيون لتهديدات في مناسبات عديدة، وفقاً لأبحاث لجنة حماية الصحفيين. وفي 10 سبتمبر، قتل مسلح مجهول الصحفية الكولومبية فلور ألبا نونير فارغاس أمام المحطة الإذاعية التي تعمل فيها، وقال زملاؤها إنها تلقت تهديدات بسبب عملها الصحفي. وصدرت أحكام إدانة أيضاً خلال العام الماضي في 3 بلدان تظهر علي المؤشر، وهي روسياوالعراق والبرازيل، إلا أنه في حالة واحدة فقط صدر حكم بالسجن علي مدبري الجريمة، وهي جريمة القتل التي وقعت في عام 2009 وذهبت ضحيتها الصحفية الروسية انستازيا بابوروفا. كما دخلت جنوب السودان في المؤشر هذا العام، حيث قتل 5 صحفيين خلال كمين استهدف موكب سيارات كان يقل مشاركين في حملة سياسية، وتمثل هذه الجريمة دليلاً علي التحديات في تحقيق العدالة في المناطق التي مزقتها الحروب، أو في المناطق التي تفتك فيها الجماعات المسلحة غير المشروعة بالصحفيين، كما هي الحال في باكستان، التي تحتل المرتبة 9 في المؤشر، أو نيجيريا التي تحتل المرتبة 13. وفي الوقت نفسه، تعتبر أكثر من نصف البلدان المشمولة في المؤشر بأنها ديمقراطيات تتمتع بمؤسسات للقضاء وفرض القانون، بما في ذلك الفلبينوروسيا والبرازيل والمكسيك والهند، ولكن أثناء العقد الأخير أفلت من العقاب مرتكبو جرائم قتل ذهب ضحيتها ما لا يقل عن 96 صحفياً في هذه البلدان مجتمعة. وتظهر هذه الأرقام غياب الإرادة السياسية المطلوبة لملاحقة الجهات التي تسعي لإسكات الصحفيين، والذين عمل كثير منهم في التغطية الصحفية بشأن الفساد أو أوردوا تغطية ناقدة للقيادات السياسية المحلية. وفي مايو من العام الجاري، أقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وبالإجماع القرار رقم 2222 الذي يدعو الدول أن تقوم بإجراءات إضافية لحماية الصحفيين في أوضاع النزاعات المسلحة، ولضمان محاسبة من يرتكب جرائم بحقهم، هذا القرار هو واحد من سلسلة إجراءات أقرتها الأممالمتحدة للتصدي لهذه المشكلة، فقد استنتجت لجنة حماية الصحفيين في تقرير خاص أصدرته في عام 2014، وعنوانه 'الطريق إلي العدالة : كسر طوق الإفلات من العقاب في جرائم قتل الصحفيين'، أنه علي الرغم من الاهتمام الدولي المتزايد، لم يحدث سوي تقدم طفيف في عدد الإدانات لمرتكبي جرائم قتل الصحفيين. ومن بين النتائج الأخري التي برزت من البيانات المستخدمة لإعداد مؤشر لجنة حماية الصحفيين للإفلات من العقاب: وقع ما نسبته 83% من جرائم القتل التي لم يكشف عن مرتكبيها في العالم أثناء فترة السنوات 10 التي تنتهي بيوم 31 أغسطس 2015، في البلدان 14 الواردة في المؤشر مجتمعة، حوالي 96% من الضحايا هم صحفيون محليون، وكان معظمهم يغطي الشؤون السياسية، وقضايا الفساد في أوطانهم، غالباً ما تسبق جرائم القتل تهديدات بالقتل. ففي 4 علي الأقل من كل 10 جرائم قتل، كان الضحايا قد أَبلغوا قبل مقتلهم عن تلقيهم تهديدات، ونادراً ما تحقق السلطات بشأن هذه التهديدات، ثلث الصحفيين القتلي اختطفوا قبل مقتلهم، وتعرض معظمهم للتعذيب في سعي واضح لإرسال رسالة تهديد لوسائل الإعلام، وكانت الجماعات السياسية بما فيها الفصائل المسجلة هي المشتبه بارتكابها 46% من جرائم القتل، وقد ارتفعت هذه النسبة بمقدار 6% مقارنة بمؤشر عام 2014. ويعتبر المسؤولون الحكوميون والعسكريون المشتبه بهم الرئيسيين في حوالي 25% من القضايا، تم القبض علي مدبري الجرائم ومقاضاتهم في 2% فقط من القضايا، وامتنعت نصف الدول الواردة في المؤشر 'وهي أفغانستان، وبنغلاديش، ونيجيريا، والهند، وجنوب السودان، والصومال، وسوريا' عن توفير معلومات محدثة حول التحقيقات بشأن جرائم قتل الصحفيين لآخر تقرير حول الإفلات من العقاب 'الصادر عام 2014' الذي يصدره الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة 'اليونسكو'، وهي وكالة الأممالمتحدة المكلفة بتعزيز حرية التعبير، مما يظهر نقصاً في المحاسبة الدولية.