في الثامن والتاسع عشر من يناير كانت مصر علي موعد جديد مع الثورة.. يومها قررت الحكومة المصرية برئاسة ممدوح سالم رفع أسعار العديد من السلع الأساسية.. ثار الناس في كل مكان، وانطلقت مظاهرات عارمة، واحتجاجات كبيرة في كافة أرجاء مصر.. ولم يجد السادات بداً من مواجهة هذا الطوفان الجماهيري الذي انطلق في شوارع مصر دفعة واحدة غير الهرب بجلده إلي جنوب مصر حيث محافظة أسوان.. متأهباً للمغادرة إلي السودان إذا ما تفاقمت الأوضاع أكثر من ذلك. كان مصطفي بكري في هذا الوقت في الفرقة الأولي بكلية التربية - جامعة أسيوط - فرع قنا.. شعر بمعاناة أهله وأبناء بلده، ومتاعبهم التي لا تهدأ في ظل ارتفاعات الأسعار التي لا تتوقف.. اتخذ زمام المبادرة، وراح يدعو زملاؤه من طلبة الجامعة، والمواطنين،وأهل المدينة للاحتجاج علي الظلم، ومواجهة الجبروت، والتصدي للكبار الذين لايشعرون بمعاناة البسطاء من المواطنين.. انطلق خارج أسوار الجامعة، وراح يقود المظاهرات التي طافت أرجاء مدينة قنا، ووصلت حتي مقر المحافظة.. رفعوه علي الأعناق.. وراح يهتف والجماهير من خلفه، مندداً بارتفاع الأسعار وعدم مراعاة مصالح المواطنين.. تصدت قوات الأمن المدججة بالسلاح للمظاهرة التي قادها واستمرت لعدة ساعات.. ولكنها لم تفلح في تفريقها، بل واستمرت تطوف بأرجاء قنا.. ولم تهدأ حتي تراجعت الحكومة عن ارتفاع الأسعار في هذا الوقت. كانت أحداث يناير 1977 بمثابة مرحلة جديدة،وبداية مختلفة في مسيرة مصطفي بكري النضالية.. يومها تحدث ممدوح سالم رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب.. شاهدناه علي شاشة التلفاز وهو يوجه اصابع الاتهام إلي من أسماهم بالعناصر المشاغبة التي قادت مظاهرات التخريب في أنحاءالبلاد.. وبينما اتهم حزب التجمع علي المستوي العام بالمسئولية عن الأحداث التي جرت راح يرصد ماجري في المحافظات المختلفة.. وحين تحدث عن محافظة قنا قال إن 'محمد مصطفي بكري' أمين الحزب بالمحافظة هو الذي قاد المظاهرات وحرض الجماهير علي التخريب. كان الاتهام كاذباً.. فالمظاهرة التي انطلقت لم تستهدف أبداً التخريب، بل استهدفت مواجهة ارتفاع الأسعار، واستمرار السياسات الحكومية الرافضة تلبية مطالب المواطنين في حياة كريمة.. وكان ماجري هو عنوان علي حروب التشويه التي استهدفت كل الثورات الوطنية في مصر خاصة بعد أن اطلق السادات علي انتفاضة 18 و 19يناير لعام 1977 'انتفاضة حرامية'.. ونال مصطفي بكري جانباً من حروب التشويه التي لازمته منذ بداياته ولم تتوقف حتي اليوم.. وإن اختلفت الأزمنة والحكومات والمواقف والممسكون بالأكاذيب في أيديهم.. يروجونها خدمة لمصالحهم ومصالح أسيادهم.. الي الغد