قال فيليب ساندز مستشار ملكة بريطانيا وأستاذ القانون في جامعة لندن إنه بينما يُهيّئ ديفيد كاميرون الأجواء للعودة إلي مجلس العموم لطلب دعم من أجل قصْف سوريا، فإن البعض سيبحث عبثا عن استراتيجية طويلة المدي ليهتدي بها كاميرون. ورصد - في مقال نشرته ال فاينانشيال تايمز- قول كاميرون في حوار الأسبوع الماضي 'نريد سوريا متحررة من الأسد ومن داعش'. وعلّق ساندز قائلا إن هذا 'طموح' يتعذر تسميته 'سياسة'، ومن ثم لن يسمح القانون الدولي بدعم هذا الطموح بالقوة. ولفت إلي أنه قبل نحو شهر، سلكت حكومة كاميرون مسلكا آخر مختلفا، وهو الاحتجاج بدعوي الدفاع عن النفس، بعد مقتل اثنين من الرعايا البريطانيين يُعتقد أنهما مجندان بداعش، جراء قصف شنته طائرات بدون طيار في سوريا.. ولكن بعد أيام قليلة تبين أن الحجة غير المسبوقة كانت واهية لدرجة تحول دون تقديمها للأمم المتحدة لشرعنة قصْف سوريا. وشددّ ساندز علي أن كلاً من السياسة والقانون والتحرك هي جميعا مسائل متداخلة، وكما يُذّكرنا لورد فالكونر، وزير العدل في حكومة الظل، فإن أية حجة لتوجيه ضربات جوية في سوريا تتطلب وجود عنصرين أساسين: عسكري وقانوني، وهذان العنصران ينطلقان بالأساس من استراتيجية واضحة ومتناغمة حول سوريا، استراتيجية تجيب عن أسئلة حيوية: 'ماذا نستهدف؟' و'كيف نصل؟' و'كيف نغادر؟' وقال ساندز إنه يتعين علي كاميرون أن يقدم استراتيجية يطول مداها لسنوات حول التعاطي مع الأزمة في سوريا، ثم بعد ذلك يشرح كيف ستساعد عمليات القصف بالقنابل البريطانية علي هذا البلد في إنجاز هذه الاستراتيجية. وأكد أنه بدون هذه الاستراتيجية فمن العبث سَوْقُ حجج واهية قانونيا لتبرير استخدام القوة علي نحو تبدو معه بريطانيا بمثابة 'تابع أعمي لآخرين'. ونوه ساندز عن توّقف مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عن التعاطي بفاعلية مع المسألة السورية، وعليه فليس ثمّ جهة تمنح الشرعية للقصف البريطاني. وبخلاف الروس، الذين يقولون أن الحكومة الشرعية السورية وجهت إليهم دعوة لدخول سوريا، فليس ثمّ جهة يستطيع كاميرون أن يستخلص منها إذنا لدخول الحرب السورية، ولهذا فهو يتحايل علي البند 51 من ميثاق الأممالمتحدة الخاص بالدفاع عن النفس، والذي يسمح باستخدام القوة في حالتين: إما في حال التعرض لهجوم مسلح أو أن يكون هذا الهجوم وشيكا.. ولكننا لم نحصل علي دليل في هذا الصدد، كل ما هنالك هي محض ادعاءات بشأن تهديدات لأمننا القومي. وقال ساندز إن التدخلات الكارثية في كل من أفغانستانوالعراق وليبيا زادت الأوضاع سوءا في تلك البلاد، وقد أسهم كاميرون بنصيب وافر في تلك الحروب الثلاثة، وها هو الآن يجد في نفسه القدرة علي إخبار الجمهور بأن الرئيس السوري بشار الأسد يجب أن يرحل لأنه هو ساعد في نشوء داعش وهو الآن يعمل ك'رقيب تجنيد' للتنظيم الإرهابي، تماما كما لو أن أفعاله هو غير مرتبطة بالأحداث التي ساعدت في ظهور داعش في الوجود: إن جنرالات نظام صدام حسين هم من يقودون داعش.. إن التدخل في العراق كان مجازفة غير مدروسة وغير قانونية ولم تحظ بالاستعداد اللازم: إن قضية التدخل في سوريا لا تقف علي أرضية أكثر صلابة من تلك التي كانت تقف عليها قضية التدخل في العراق. وأضاف ساندز 'بدلا من إهدار الوقت في تلفيق حجج قانونية واهية للقصف بالقنابل، يتعين علي كاميرون أن يتبني سياسة أنسب للتعاطي مع الصراعات المستشرية في المنطقة.. فطوعا أو كرها، سيجد كاميرون نفسه مضطرا للدخول مع كافة الأطراف الأكثر فاعلية في الصراع السوري المعقد، بما في ذلك روسيا وإيران وتركيا والأكراد وغيرهم.. كما سيضطر للتعامل مع الحقيقة الخاصة بأن الأسد سيضطلع بدور في البحث عن تسوية أطول مدي.' ويتابع ساندز 'وعلي الرغم من خطورة الأمر، فإن كاميرون أخبرنا الأسبوع الماضي أن العمل لم يبدأ بعد 'نحن حتي لم نبدأ النقاش.. إننا بحاجة إلي بدء النقاش حول كيفية حدوث العملية الانتقالية'.. ويعلق ساندز قائلا إن هذا اعتراف مذهل من جانب كاميرون، اعتراف يقول إننا نسير نياما صوب كارثة أكبر.'