ولد أوجست كونت في مدينة مونبلييه، وتخرج من مدرسة البوليتكنيك، ثم عمل سكرتيرا عند الفيلسوف سان سيمون الذي كان لأفكاره أثر كبير علي نظرياته التي عرضها فيما بعد في أهم مؤلفاته. نظرية كونت في السياسة لا يمكن عزلها عن نظريته العامة في الإنسان والمجتمع ولا عن الظروف التي أحاطت بظهورها في النصف الأول من القرن التاسع عشر، إذ اتسمت هذه الفترة بحروب واضطرابات سياسية واجتماعية متعددة: من الحروب النابليونية إلي حرب القرم إلي الصراع بين الملكيين والجمهوريين وبين الليبراليين والمحافظين فضلاً عن الصراع بين العمال وأرباب العمل. كل ذلك قاد كونت إلي التفكير بوضع علم للمجتمع أو دين للإنسانية يجنبها النزاعات السياسية ويحقق لها السلام الاجتماعي، و يري كونت أنه إذا كانت الغاية هي تنظيم المجتمعات الحديثة علي قاعدة العلم فإن علم الاجتماع هو الذي يسهم في ذلك لأنه علم كلي، يدرس المجتمع برمته في جميع مظاهره ومقوماته. أسس المذهب الوضعي القائل ان لا سبيل إلي المعرفة إلا بالملاحظة والخبرة، ويري أن تاريخ البشرية ينقسم إلي ثلاث مراحل من التقدم الشامل، والمرحلة الدينية، والمرحلة الميتافزيقية، ثم المرحلة العلمية. قدم مقترحات علي جانب كبير من التعقيد لإقامة دولة وضعية تقوم علي صفوة من علماء الاجتماع لإدارة المجتمع وتوجيهه، ولكن في وقتنا هذا لم تعد أفكار كونت تلاقي الا القليل من القبول، إلا أنه أعطي المناقشات التي أدت إلي ظهور علم الاجتماع الحديث الدفعة التي حركته وفعّلته.