كانَ والدُهُ ضابطاً برتبةِ رئيس 'كابتن' في قوّة حدود شرق الأردن وكانَ الضباط يقيمونَ هناك مع عائلاتهم، حينَ كانت العائلة في طريق العودة إلي فلسطين في القطار، في غمرة الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكي الطفل سميح فذُعرَ الركَّاب وخافوا أنْ تهتدي إليهم الطائرات الألمانية! وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلي آن اضطر الوالد إلي إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحينَ رُوِيَت الحكاية لسميح فيما بعد تركَتْ أثراً عميقاً في نفسه: 'حسناً لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متي أشاء وفي أيّ وقت وبأعلي صَوت، لنْ يقوي أحدٌ علي إسكاتي'. سُجِن سميح القاسم أكثر من مرة كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنزلي وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل، في الوطن وخارجه. اشتغل مُعلماً وعاملاً في خليج حيفا وصحفياً. شاعر مُكثر يتناول في شعره الكفاح والمعاناة الفلسطينيين، وما أن بلغ الثلاثين حتي كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت علي شهرة واسعة في العالم العربي. كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة علي التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية. أسهَمَ في تحرير 'الغد' و'الاتحاد' ثم رَئِسَ تحرير جريدة 'هذا العالم' عام 1966. ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في 'الاتحاد' وآمين عام تحرير 'الجديد' ثمَّ رئيس تحريرها. وأسَّسَ منشورات 'عربسك' في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدارَ فيما بعد 'المؤسسة الشعبية للفنون' في حيفا. رَئِسَ اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما. ورئس تحرير الفصلية الثقافية 'إضاءات' التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم. وهو اليوم رئيس التحرير الفخري لصحيفة 'كل العرب' الصادرة في الناصرة. صَدَرَ له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة. تُرجِمَ عددٌ كبير من قصائده إلي الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخري. توفي الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، بعد صراع مع مرض سرطان الكبد الذي داهمه مدة 3 سنوات والذي أدي إلي تدهور حالته الصحية في الأيام الأخيرة حتي وافته المنيه يوم الثلاثاء الموافق 19 أغسطس 2014.