عندما سئل في حال كلفت أو عُينت وزيرا لوزراء الثقافة العرب ما أول خطوة تقوم بها؟ أجاب سأصرفهم من العمل جميعا بدون استثناء.. لإيمانه بدور المبدع الخادم لوطنه وشعوب الأرض كافة وللإنسانيه. كان رده بسيطا ومختصرا عن السؤال الذى طرحه عليه المذيع بسام القدرى ببرنامج اوراق ثقافية عام 2004 وأكمل:" بأن المثقف لا يمكن أن يكون ضابطا في المخابرات أو جزء برغيا من آلة السلطة .. إذا كان لابد من وزراء ثقافة فليكونوا من المبدعين الحقيقيين ليس من الشعراء أنصحكم بالابتعاد عن الشعراء عن توزير الشعراء.. ها هو سميح القاسم الشاعر الذى وهب عمره للشعر وللكلمة دفاعاً عن القضية وعن الحب وعن الموت وعن الحياة، شاعراً للمقاومة اقتسم معاناة شعبه مع رفيقه الراحل محمود درويش وألقت به القصيدة فى سجون الإحتلال . رحل الشاعر الفلسطينى الكبير سميح القاسم يوم الثلاثاء الماضى عن عمر يناهز 75 عاماَ وشيعت جنازته أول من امس من بيت الشّعب بقرية الرامة الجبيليةمتجهة إلى ملعب الرّينة البلديّ راقداً بسلام تراكاً قصائده لطفل فلسطينى لم يزل يصرخ بقدوم مقاوم جديد حامى للوطن والأرض وللقضية . ترك الشاعر سميح القاسم ارثاً شعرياً ثرياً فى المسرح والقصة والمقالة والترجمة لأكثر من 60 كتاباً كأشجار الزيتون فى قلوب محبيه تشعل قصائده فيها حب الوطن وحب السلام وحب الإنسانية جمعاء بالوانهم وبدياناتعم وعقائدهم، بدأ فيها منذ ان كان شاباً يافعاً فى الثلاثين من عمره حتى كان قد نشر ست مجموعات شعرية حازت على شهرة واسعة في العالم العربي. كتب سميح القاسم أيضاً عدداً من الروايات، ومن بين اهتماماته إنشاء مسرح فلسطيني يحمل رسالة فنية وثقافية عالية كما يحمل في الوقت نفسه رسالة سياسية قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي فيما يتعلّق بالقضية الفلسطينية. أسهَمَ في تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم" عام 1966. ثُمَّ عادَ للعمل مُحرراً أدبياً في "الاتحاد" وآمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها. وأسَّسَ منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدارَ فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا. ترأس اتحاد الكتاب العرب والاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين في فلسطين منذ تأسيسهما. ورئس تحرير الفصلية الثقافية "إضاءات" التي أصدرها بالتعاون مع الكاتب الدكتور نبيه القاسم. وهو اليوم رئيس التحرير الفخري لصحيفة "كل العرب" الصادرة في الناصرة. تُرجِمَ عددٌ كبير من قصائده إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى. توزّعت أعمال سميح القاسم ما بينَ الشعر والنثر والمسرحية والرواية والبحث والترجمة، نذكر منها: مواكب الشمس -قصائد- (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1958م)، أغاني الدروب -قصائد- (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1964م)، إرَم -سربية- (نادي النهضة في أم الفحم، مطبعة الاتحاد، حيفا، 1965م، دمي على كفِّي -قصائد- (مطبعة الحكيم، الناصرة، 1967م)، دخان البراكين -قصائد- (شركة المكتبة الشعبية، الناصرة، 1968م، سقوط الأقنعة -قصائد- (منشورات دار الآداب، بيروت، 1969م). حصل سميح القاسم على العديد من الجوائز والدروع وشهادات التقدير وعضوية الشرف في عدّة مؤسسات. فنالَ جائزة"غار الشعر" من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا عن مختاراته التي ترجمها إلى الفرنسية الشاعر والكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، وحصلَ على جائزة البابطين، وحصل مرّتين على "وسام القدس للثقافة" من الرئيس ياسر عرفات، وحصلَ على جائزة نجيب محفوظ من مصر، وجائزة "السلام" من واحة السلام، وجائزة "الشعر"الفلسطينية. رحل سميح بجسده تاركاً لفلسطين الأرض والقضية اشعاراً ستظل خالدة صامدة كشجرة الزيتون .. :" يموت منا الطفل والشيخ ولا يستسلم وتسقط الام على ابنائها القتلى ولا تستسلم تقدموا تقدموا بناقلات جندكم وراجمات حقدكم وهددوا وشردوا ويتموا وهدموا لن تكسروا اعماقنا لن تهزموا اشواقنا نحن القضاء المبرم تقدموا تقدموا ".