السمسمية هي آلة موسيقية شعبية ذات خمسة أوتار، وهي موسيقيا تتبع السلم الخماسي كالربابة والأرغول والراب، ويرجع علماء الموسيقي أن أصلها يرجع إلي آلة الكنارة الفرعونية تلك الآلة التي تشبه آلة الهارب الحالية، وهناك رأي علمي يري أن آلة السمسمية دخلت إلي مصر عن طريق أبناء الجزيرة العربية من التجار الذين كانوا يأتون لمدينة السويس الهامة لنقل بضائعهم إلي المتوسط. وعندما استقر البعض منهم في السويس انتشرت الآلة ضمن ما يسمي بالأدوار الجداوية نسبة إلي مدينة جدة وهو رأي ضعيف لأن الآلة جذورها مصرية، وهي تنتشر وترتبط بمدن القناة الثلاث ' السويسوالإسماعيلية وبورسعيد ' ويرجع المؤرخون سبب انتشارها في تلك المدن إلي حفر قناة السويس عندما نزح للحفر أكثر من مليون عامل جاءوا بالسخرة من الوجه القبلي والبحري. وقد جاءت الآلة من أعالي الصعيد من أهل النوبة وحدود السودان مع العمال الذين استخدموها عبر لياليهم الطوال فكانت ألحانها وأغانيها بمثابة العزاء والسلوان بالتغلب علي الغربة وحدة وقسوة العمل والاغتراب التي استمرت لعشر سنوات. توفي خلالها أكثر من 120 ألف عامل مصري في ظروف قاسية وكانت الآلة من أجل التسلية والسمر ويقال أن بعض النوبيين مما كانوا يجيدون العزف علي آلة الطنبورة هم أول من نقلوا هذا الفن إلي مدن القناة حتي انتشرت وترسخت وأصبحت الآلة بألحانها وكلماتها من التراث الموسيقي الغنائي الفلكلوري لمدن القناة لتميزهم آلة السمسمية عن غيرهم من الأقاليم المصرية الأخري. وأول من استخدم آلة السمسمية بشكل فني من أهل السويس هو الفنان كبربر، ومن الإسماعيلية الفنان أحمد فرج، ثم الفنان أحمد السواحلي في بور سعيد، وقد توسع استخدامها عبر الفرق الموسيقية بالملابس التقليدية لأداء الاحتفالات والمناسبات المختلفة لتعطي بألحانها وأغانيها والإيقاعات الراقصة والمصاحبة لها جو الفرحة والبهجة والتميز. كما أنها لعبت دور تاريخي ووطني عبر المحن والحروب التي شهدتها مدن القناة ومنها العدوان الثلاثي 1956، ثم حرب الاستنزاف عندما استخدمها سكان مدن القناة بألحانها وكلماتها لتأجج مشاعر الوطنية وروح المقاومة عند المصريين وسببا في الشحن المعنوي ورفع الهمة القتالية عند جنودنا علي خط القناة حتي أنها كانت سببا في هزيمة الحرب الإعلامية والنفسية عند العدو الإسرائيلي حتي تحقق نصر أكتوبر العظيم، كما استخدمها أهل القناة لتعبر عن الفرحة والنصر عند تأميم القناة. وعند إعادتها للملاحة بعد نصر أكتوبر في عهد الرئيس السادات، لتظل تلك الآلة مستخدمة علي نطاق واسع في مدن القناة وعلي ألحانها تطورت الفرق الموسيقية ونسجت حولها الأشعار المعبرة عن المناسبات المختلفة طوال أكثر من 146 عام وهو تاريخ حفر القناة الأولي فهل سنجدها كما عهدناها وعهدنا فنانيها داخل الاحتفال الكبير الذي سيقام يوم 6 أغسطس المقبل لافتتاح القناة الجديدة لتجدد عهدها في تلك المناسبة الغالية.