لم تكن زيارات المهندس إبراهيم محلب المفاجئة لعدد من المنشآت الحكومية, سوي تعبير عن حالة من عدم الرضا عن أداء وزراء حكومته ومسئوليها من تدني الخدمات المقدمة للبسطاء من أبناء الشعب، ففي كثير من القطاعات الحكومية يعاني المواطن 'الأمرين' حتي يحظي بخدمة هي في الاصل حق كفله له الدستور. في الصحة والتعليم والمصالح الحكومية، حدث ولا حرج، إهمال وتسيب وفساد، لا رقيب ولا حسيب، والأدهي من ذلك أن الموظف الذي يتقاضي أجره نظير تقديم الخدمات يتعامل مع المواطنين، بمنطق 'المن' بمعني ان المواطن عليه ان يحمد ربه علي أنه تحصل علي الخدمة، ناهيك عن أن الدفع وفتح الدرج هو سيد الموقف في معظم الأحيان. في قطاع التعليم لا تكفي ملايين الكلمات لوصف الواقع المزري الذي وصل إليه الحال، ويكفي مليارات الجنيهات التي تنفقها الاسر المصرية كل عام علي الدروس الخصوصية برهانا علي ما وصل إليه حال التعليم في المدارس الحكومية والخاصة علي حد سواء، حيث لا تعليم ولا تحصيل، ويتخرج الطالب حتي من المدارس الثانوية وهو لا يعلم الكثير من المعلومات العامة، بل إن عددا كبيرا منهم لايعرف قواعد الإملاء، ناهيك عن أن المعلمين لايؤدون دورهم في المدارس بل إنهم في بعض الأحيان يشجعون الطلاب علي التغيب عن الفصل الدراسي، بدعوي أن المراجعة المنزلية أفيد لهم. أما عن الصحة.. فتعتبر الملف الشائك، وما يحدث في هذا القطاع الحيوي يندي له الجبين، فالمستشفيات الحكومية والتعليمية التي تعتبر الملاذ الوحيد للمرضي الفقراء، أصبحت مرتعا للحشرات، ناهيك عن التكدس أمام العيادات الخارجية والأقسام الداخلية، أما ما يلاقيه المرضي وذووهم من تعامل لا يتفق وابسط حقوق الإنسان، فهذا موضوع يحتاج في شرحه وقتًا طويلًا، بعد أن خلعت مهنة الرداء الأبيض إنسانيتها وتحولت الي وحوش كاسرة لاتعرف لمهنة الطب معني سوي جمع الأموال. وإذا انتقلنا إلي نوع آخر من الخدمات فنجد أن أسعار الكهرباء والغاز والمياه الآخذة في الارتفاع أصبحت هما يؤرق ملايين المصريين، فالمبالغة في التقديرات والعشوائية في الفواتير، باتت هي السمة الأبرز لهذه القطاعات الحيوية. ما يعانيه المواطن كثيرًا وكثيرًا جدًا، وهو ما يتطلب جهدا مضاعفا من قبل بعض المسئولين، الذين أغرتهم المقاعد الوثيرة، عن تحمل مسئولياتهم.. في هذا الملف نطرق الأبواب بحثًا عن حلول لمشكلات كانت وما زالت شائكة.