لأن زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر كانت الأولي بعد ثورة 30 يونيو الشعبية، فلقد كانت زيارة تاريخية رحب بها الشعب المصري بكل اهتمام واحترام لأن علاقات مصر وروسيا كما يراها هي تقوم علي المباديء وعلي المصالح أيضا.. .. ولأنها تمت قي ظروف تاريخية هامة في ظل الأزمات والتهديدات الدولية والإقليمية التي يحركها الغرب علي حدود البلدين الصديقين من أوكرانيا وبولندا إلي ليبيا وسوريا، فهي زيارة تاريخية واستراتيجية وبالغة الأهمية. .. ولأن علاقات الشعبين والبلدين الصديقين عميقة استراتيجيا وممتدة تاريخيا، فإنها بما حققته من اتفاقيات هامة ونتائج إيجابية جاءت تتويجا للعلاقات التاريخية المصرية الروسية وتدشينا لمرحلة جديدة بآفاق أوسع من الشراكة الاستراتيجية الكاملة. أفلا تكفي هذه النتائج الهامة التي حققت انجازات حيوية للتنمية المصرية وللمصالح الروسية بالحضور المؤثر في قلب الشرق الأوسط، ووجهت رسائل لاتقل أهمية أمريكيا وغربيا وعربيا، أهمها : دعم البرنامج النووي المصري لتوليد الكهرباء بطاقة عالية تغطي حاجيات مصر، وإنشاء المدينة الصناعية الروسية علي محور قناة السويس لإنتاج الطائرات والسيارات، وانشاء صوامع لتخزين الحبوب ، والدعم الروسي الكامل للمؤتمر الاقتصادي المصري، وزيادة حجم التبادل التجاري والثقافي، ومضاعفة حجم السياحة الروسية لمصر، والتعامل الدائم بالجنيه المصري والروبل الروسي وليس بالدولار، ورفع مستوي التعاون العسكري، بما يفتح الطريق لآفاق أوسع وأعمق. وكان لافتا لأنظار المراقيبن الغربيين وخاصة الأمريكان، أن أول محطة لضيف مصر الكبير الرئيس الروسي بوتين عقب وصوله للقاهرة مباشرة كان حفل العشاء البسيط في ' برج القاهرة ' بدعوة من الرئيس السيسي في رسالة ذات مغزي واضح الدلالة لكل من يجيد قراءة التاريخ ويتعلم من دروسه، خصوصا من أقدم دولة في التاريخ إلي أكبر دولة بلا تاريخ ! خصوصا أن هذا البرج العالي الذي يناه عبد الناصر في ظل العلاقات المصرية الأمريكية السيئة ليكون نصبا تذكاريا ' للغباء الأمريكاني ' في التعامل مع مصر هو نفسه البرج الذي أراده السيسي عنواناً لاستعادة علاقات الصداقة التاريخية المصرية الروسية، ومكاناً لحفل استقبال الرئيس بوتين، بعد مشاهدة الفيلم الوثائقي عن تاريخ العلاقات المصرية الروسية التي شهدت عصرها الذهبي في عهد الزعيمين التاريخيين الكبيرين عبد الناصر وخروتشوف اللذين ناصبتهما أمريكا العداء بغباء نادر ! مثلما كان لافتا لأنظار العالم أن جماهير ثورة 30يونيو الشعبية التي خرجت في الميادين المصرية بعشرات الملايين رفضا للحكم الإخواني الظلامي، بعد وفاة عبد الناصر بأربعة وأربعين عاما، كانت ترفع صور القائد الوطني المشير عبد الفتاح السيسي قائد الجيش المصري في تأكيد واضح لثقة الشعب المصري في جيشه الوطني وفي قيادته الشجاعة.. كما رفعت أيضا صور الرئيس الروسي الصديق للشعب المصري فلاديمير بوتين، في دلالة لاتغيب عن رفضهم للتبعية وللمشاريع الأمريكية التآمرية ضد مصر والأمة العربية. وبينهما صور الزعيم جمال عبد الناصرتأكيدا للتكامل بين ثورة يوليو الأم وثورتي يناير ويونيو ، و في رسالة مضادة للأمريكان والإخوان معاً.. وفي تأكيد حاسم لرفض الحكم الظلامي لجماعة الإخوان التي صنفتها المحاكم الروسية قبل المصرية جماعة إرهابية، و هكذا كانت الأهداف والمطالب والأماني الشعبية واضحة، باتجاه الاستقلال الوطني وتعزيز العلاقات المصرية مع الأشقاء والأصدقاء والتصدي للأعداء، وتحقيق الحرية السياسية والتنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وإحياء مباديء عدم الانحياز والوحدة العربية والكرامة الإنسانية.