فيديو حرق الطيار الشاب 'معاذ الكساسبة' حيًا علي يد تنظيم داعش الإرهابي يمثل حدثًا مروعًا ومشهدًا صادمًا للجميع علي ما آلت إليه المنطقة اليوم وما يتهدد وجودها ومستقبلها في ظل وجود هذه الطغمة الفاسدة من عناصر تنظيم داعش. قتل بالحرق عكس الحقد والرعب والجهل الذي حرك عقول تلك الفئة الخربة فمضت تعلل جريمتها البشعة بفتوي تدعي أنها تحل القتل حرقًا. وتمضي في نزقها فتصف عملية حرق معاذ بأنها شفاء للصدور! هؤلاء فرضوا سطوة العنف والإرهاب والتوحش باسم الدين، فكيف سيكون الرد أمام هذا التحدي من جماعات التكفير والعنف؟ لابد من تحول نوعي في الحرب التي تسلط علي هؤلاء، فالتحالف الدولي الذي تقوده أمريكا لم يثبت فاعلية علي أرض الواقع تنبئ بإمكانية اجتثاث هذا التنظيم الظلامي، وما زال هناك عدم وضوح في الرؤية حدت بالمرء أن يتساءل عن جدوي الاستمرار في هذه الحرب بصورتها الراهنة؟ وفي نفس الوقت ما زال من الصعب تطويرها في ظل عدم إمكانية القيام بتدخل بري ضمن هذا التحالف، كما أن التنويه مؤخرا بإمكانية انسحاب دول عربية من هذا التحالف سيجري تفسيره علي أنه يمثل مكافأة كبري للتنظيم، وكأن فعلته النجسة بحرق معاذ كانت لها ثمارها وأن رسالة الترويع التي بعث بها للمجتمع الدولي من خلال حرق معاذ حيًا قد نجحت وآتت أكلها. ويبقي السؤال عن هوية الفاعلين في داعش لا سيما ونحن لا نري وجوههم، فهم مقنعون، ومن ثم يتردد التساؤل: هل يمكن أن يكونوا من الاستخبارات الأجنبية؟ أم أنهم مسلمون ضالون أو عملاء؟ أيا كان، فهم أناس خرجوا عن القيم الإنسانية وتجردوا من الشرائع الدينية بأفعالهم التي تثير الغثيان، وقد يكون وراءهم الغرب المريض والصهاينة ممن خططوا لتدمير الوطن العربي وحرق أبنائه أحياء، ولذا لابد وأنهم الآن يشعرون بالنشوة حيث يقتل أعداؤهم بعضهم بعضا دون أن يتدخلوا هم ويعرضوا أنفسهم لخطر المواجهة. وها نحن اليوم نري بأم أعيننا كيف يشتعل الوطن العربي بنار وقودها أجساد أبنائه علي يد هذه الحفنة من الرعاع الأباطرة في الإجرام وسفك الدماء وحز الرقاب وحرق الآدميين أحياء، أعدمت الكثيرين بأبشع الطرق ولا تفرق بين عسكري ومدني وبين مسالم وأسير، فالكل مصيره الابادة علي يدها، ومضت تستشهد بفتاوي منزوعة من سياقها وبعيدة عن مقاصدها ولا علاقة لها بفقه الأولويات ولا بمصالح العباد.ولا علاقة لها بقاعدة درء المفاسد وكونها مقدمة علي جلب المصالح، فقط يسيرون وفق فهمهم المغلوط ويحورون الكلم عن مواضعه ويستمرئون ارتكاب جرائمهم ضد الجميع أو بالأحري ضد من يختارونه بعناية، ولهذا فإن إسرائيل لم تمس، وكيف تمس وهي تدعمهم والمئات من جرحاهم يعالجون في مستشفياتها؟ كما أن تركيا هي الأخري لم تمس، وسارعوا بالإفراج عن دبلوماسييها العاملين في قنصليتها بالعراق دون أن يلحق بهم أذي، والسبب دعم تركيا لهم لوجستيًا وتسليحيًا. ما ثبت وتأكد حتي الآن أن هدف هؤلاء الرعاع سافكي الدماء هو تشويه الإسلام.أرادوا بهذا أن يكونوا عنصر جذب لكل متطرف ولكل مجرم آثم، أقحموا ابن تيمية وفتواه المبتسرة في تبريرهم لفاجعة حرق الطيار 'معاذ' حيًا، رغم أنها فتوي منتزعة من سياقها التاريخي، تجاوزوا كل الحدود وقبعوا في دائرة الإرهاب الأسود وأصبحوا معضلة الشر التي لابد من بترها..