مع بداية الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية بالأمس في تونس بين كلا من الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس و الرئيس المنصف المرزوقي المنتهية ولايته شهدت صناديق الاقتراع إقبالا قارب ما نسبته الستون في المائة من أصوات الناخبين، وقد جاء التصويت كثيفا في الأقاليم الجنوبية بتونس والتي تعتبر معقل الأحزاب الدينية وعلي رأسها حزب النهضة، وقد جاءت الحملات الانتخابية محمومة ومتشنجة لحد كبير بين كلا المرشحين وأنصارهما في الأيام الأخيرة قبل الصمت الانتخابي، وشهدت حملة المرزوقي مساندة قوية من جانب حزب النهضة التي سعت بكل أسلحتها للانتماء إليه وترجيح كفته مما جعل الانتخابات قوية ومتصارعة بين المرشحين وحتي اللحظات الأخيرة التي توقع خلالها كلاهما بفوزه بمقعد الرئاسة بسبب تقليص الفارق بينهما صعودا وهبوطا طوال فترة الفرز وحتي إعلان الهيئة العليا للانتخابات بفوز الباجي السبسي بالرئاسة وسط تشنج خصمه الذي لم يقر مع أنصاره بالنتائج حتي نكاد نري تكرار سيناريو متشابه مع سيناريو مرسي وشفيق في الانتخابات الرئاسية في مصر. ومنذ أكثر من شهر تقريبا قامت جريدة الأسبوع باستباق تحليلي عبر أحد تقاريرها بفوز الرئيس السبسي بعد قراءة متأنية في تقرير بعنوان تونس تنتخب رئيسها راعت فيه تراجع وتقهقر الأحزاب الدينية المتعطشة للسلطة في دول الربيع العربي وبخاصة بعد التجربة المصرية وأحداث ثورة يونيو المجيدة التي خلعت الإخوان من الحكم والتي انعكست بدورها علي التجربة التونسية بعد الثورة وتراجع حزب النهضة في الانتخابات البرلمانية مع صعود وتفوق للأحزاب الليبرالية المتمثلة في حزب نداء تونس وأيضا في نتائج الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية ليأتي الرئيس السبسي بمثابة الرمز القوي لإحياء الثورة التونسية واستعادتها من الإسلاميين ليصبح رمز الأمل في إعادة تونس إلي وجهتها الحضارية التي تستحقها ولتنضم إلي مصر ليصححان معا ما بدر من تقهقر وأفول في أمتنا العربية وسط انتشار التيارات الجهادية والإرهابية حتي استطاع الباجي المراهن علي الشعب التونسي الحر والمتحضر في الداخل والخارج من انتزاع الرئاسة من الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي الذي كان يميل إلي الأحزاب الإسلامية التي ساندته بقوة في تلك الانتخابات. وقد أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات منذ لحظات فوز الباجي السبسي بمقعد الرئاسة بعد حصوله علي نسبة55.68% مقابل حصول المنصف المرزوقي علي نسبة 44.32% ولتبدأ تونس عهد جديد برئيس قوي يتمتع بأغلبية حزبية وبرلمانية إلي جانب تمتعه بالخبرات السياسية والإدارية والفنية العالية التي تؤهله لاستعادة روح الرئيس بورقيبة وعهد الياسمين الذهبي وبما يملكه من ثقل وخبرات وحكمة تؤهله لأن يضع تونس في مصاف الدول الكبار ويعيدها إلي محيطها العربي والإقليمي ويحيي الأمل من جديد لشعب تونس المتعطش للديمقراطية وثقافة الانفتاح والحرية وليجد مصر برئيسها السيسي في انتظاره وعليهما يوكل الأمل في استعادة روح الحضارة والتقدم والازدهار لشعوب البلدين وشعوب الأمة العربية والعمل معا علي التصدي للإرهاب وغبار الجماعات المتطرفة والمتشددة التي كانت قاب قوسين أو أدني من جر العالم العربي رغم سماحة إسلامه وحضارته العريقة إلي كهوف الظلام والإرهاب باسم الإسلام.