تنطلق الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية 2015/2030، في فترة حاسمة من تاريخ الوطن، اتفقنا فيها جميعا علي بناء دولة عصرية، وتوفير حياة افضل لابنائنا، اتفقنا ايضا علي المواجهة والمصارحة والصدق، وعلي بناء مصر الحديثة، والذي يتطلب اصلاحات ومواجهة تحديات. بناء مصر الحديثة يتطلب ان تكون هناك رؤية واضحة لمستقبل الوطن. بناء مصر الحديثة يتطلب اصلاحا سياسيا يضمن بناء دولة مدنية ديمقراطية، وكان ذلك عن طريق رسم خارطة طريق واضحة للمستقبل، وها نحن نقترب من الانتخابات البرلمانية لتكتمل اركان الدولة الديمقراطية، تلك الانتخابات التي ستكون بإذن الله نموذجا للنزاهة والشفافية يشهد به العالم اجمع، ويختار فيها شعب مصر العظيم نوابه. بناء مصر الحديثة يتطلب ايضا اصلاحا اداريا، يقضي علي الفساد والبيرواقراطية والاهمال، ونحن الآن بدأناه بمواجهة شرسة للاهمال والفساد ووضع اسس للاصلاح الاداري لإعلاء قيمة العمل والتميز، وربط الاجر بالانتاج. بناء مصر الحديثة يتطلب اصلاحا تشريعيا، هدفه تسهيل حياة المواطن، ويصون حق الوطن، ويخلق مناخا جاذبا للاستثمار لتحقيق معدلات التنمية الطموحة التي نأملها جميعا، واستغلال موارد الدولة بحكمة واقتدار، والحفاظ أيضا علي حق الاجيال القادمة. بناء مصر الحديثة يتطلب ايضا خطة تنموية، ورؤية استراتيجية، وربط التنمية بالتخطيط، عبر مخطط استراتيجي قومي لا يتغير بتغير حكومات او افراد. ولكن دعوني اقلها بصدق ان لم يكن هناك سياسة واضحة واستراتيجية للنمو السكاني في مصر، فان كل ذلك لن يؤتي ثماره، والتي تنعكس علي جودة الحياة للمواطن المصري، فمعدلات التنمية يجب ان تزيد علي معدلات النمو السكاني، وليس العكس، وبالتالي فوجود استراتيجية قومية للسكان والتنمية السكانية اصبح ضرورة حتمية، حتي يشعر المواطن بجودة الحياة، في وطنه، لخلق مجتمع اكثر تجانسا، يحقق التوازن بين عدد سكانه، وموارده الطبيعية، والخطط التنموية، ومعدلات الاستثمار، وقادر علي تلبية تطلعات افراده، لتحقيق نوعية حياة افضل. إن العلاقة بين السكان والتنمية هي علاقة وثيقة، فالإنسان هو بؤرة التنمية وهدفها، وفي ذات الوقت فإن الإنسان هو من يقود مسيرة التنمية، وبدون أن يمتلك الإنسان المصري مستوي مرتفعا من المعارف والمهارات، وبدون أن يتسلح بالسلوكيات والأخلاقيات القويمة فلن تتحرك مصر في طريق التحديث الذي ننشده جميعاً. وحتي تستطيع مصر المنافسة علي الصعيد الإقليمي والدولي، وحتي تستطيع تبوؤ المكانة التي تستحقها فلا مناص من إحداث نقل نوعية في بناء الإنسان المصري. وتحقيق هذه النقلة النوعية يجب أن يعتمد علي التخطيط الدقيق الذي يرتكز علي المعلومات والحقائق، والمعلومات التي تُحلل الوضع السكاني تُبين بوضوح أن معدلات الزيادة السكانية التي شهدتها مصر في السنوات الأخيرة تجعل تحقيق هذه النقلة النوعية في بناء الإنسان المصري بعيدة المنال. السيدات والسادة. ان الدراسات والمعلومات الخاصة بالزيادة السكانية تظهر أنه خلال الفترة من عام 2000 إلي عام 2015، من المتوقع أن تصل الزيادة السكانية إلي نحو 25 مليون نسمة تضاف إلي عدد سكان مصر. وتظهر إحصاءات السنة الأخيرة أن عدد المواليد قد تجاوز 2.6 مليون مولود في سنة واحدة، علما بأن عدد مواليد مصر كان أقل من 2 مليون حتي عام 2007. واستمرار معدلات الزيادة السكانية الحالية سيلقي علي الموازنة العامة للدولة عبئا كبيرا لن تستطيع معه توفير الموارد الكافية