لم أكن أدري، أن الحالة العقلية ل'الأغاوات' في تركيا قد تدهورت إلي هذه الدرجة.. فمن يستمع إلي كلمة 'الأغا' التركي رجب طيب أردوغان أمام الجلسة العامة للأمم المتحدة، تلك التي هاجم فيها ثورة 03 يونية، رافعًا يده 'الماسونية' بعلامة 'رابعة'، ثم يقرأ تصريحات وزير خارجيته 'الأغا الصغير' ويدعي 'مولود' بعد ذلك، يُدرك أن المسألة تعدت الاضطراب النفسي، إلي الخلل العقلي!!. وقبل أن يفوتنا السياق، 'أغا' لقب عثماني.. يحمل في الذهن الشعبي المصري والعربي، معاني ودلالات سيئة السمعة.. ف'الأغا' بالنسبة للمصريين هو 'سمسار الهوي' الذي 'يوفّق راسين في الحرام'.. م. الآخر: 'مهندس السعادة'، علي رأي الراحل العظيم 'استيفان روستي'. بالطبع.. انهيار مخطط 'الأغاوات'، أصاب 'نظام أردوغان' بصدمة عصبية ستظل تبعاتها مستمرة لوقت كبير، بعد أن فشلوا في إتمام 'الصفقة الحرام' بين الإخوان والأمريكان.. أو بالأحري فشلهم في لعب دور 'سمسار الهوي'، من خلال الترويج للسياسات الأمريكية الصهيونية، ومغازلة مشاعر الشعوب العربية بحلم 'الخلافة المزعومة'، لتمرير ما يسمونه بالشرق الأوسط الكبير. وهو ما يفسر الطريقة الموتورة التي تحدث بها 'الأغا الكبير' عن ثورة 30 يونية، فقد دهست في طريقها للإطاحة بالإخوان، الحلم التركي بإعادة الدولة العثمانية وتقسيم الوطن العربي إلي دويلات أو 'ولايات' تحت قيادة الأغاوات. وزاد 'الطين بلة' أنها لم تكن المرة الأولي أو 'الخيبة الأولي'، للنظام التركي، فقد فشل 'الأغاوات' من قبل في تحقيق حلم الانضمام للاتحاد الأوروبي، رغم ما قدموه من تنازلات للحصول علي عضوية الاتحاد، وصفها المحللون الغربيون ب'الانبطاح'. لقد وقف 'الأغا الكبير' أردوغان، يهذي أمام الأممالمتحدة مضطربًا.. لم تعبر كلماته عن 'قلة أدبه' فقط، بل كشفت عن حالة نفسية وعقلية يرثي لها، شأنه في ذلك شأن آعضاء جماعة الإخوان، الذين تربت لديهم عقدة اسمها 'ثورة 30 يونية، والسيسي'. وربما ما أقدمت عليه الصحف التركية المحسوبة علي نظام أردوغان وتلاعبها بالصورة الحقيقية للجلسة العامة للأمم المتحدة، لتبدو القاعة وكأنها تعج بالوفود أثناء إلقاء 'الأغا الكبير' كلمته، في حين أنها خالية.. كانت محاولة لحفظ ماء وجه 'الأغا الكبير' أمام شعبه، بعد أن بانت عليه علامات 'الهطل السياسي'. المثير أن الرئيس التركي تجاهل توبيخ الرئيس الأرميني له ولنظام حكمه، وتفرغ لتوجيه النصح للشعب المصري!!. ثم جاءت تصريحات وزير الخارجية التركي ويدعي 'مولود جاويش أوغلو' أو 'الأغا الصغير'، تعليقًا علي إلغاء مصر الاجتماع المشترك بينه وبين سامح شكري، لتكشف عن الوقاحة التي يتمتع به المسئولون الأتراك، ويبدو أنها من مقتضيات تولي المهام في تركيا، خاصة في ظل رئاسة أردوغان. فقد راح 'مولود' يكذب، ويزعم أن بلاده لم تطلب عقد لقاء ثنائي، وأن الاجتماع المرتقب في نيويورك كان مطلبًا للجانبين، توافقا عليه أثناء لقائهما في السعودية وفرنسا، وأن ما أعلنته الخارجية المصرية عن إلحاح تركي لعقد اللقاء غير صحيح!!. ومضي 'مولود' في أكاذيبه قائلا: 'الجانب المصري، لعقدة نفسية ما، يوحي بأن تركيا هي التي تلح في عقد اللقاء'.. دون أن يوضح لنا من الذي قرر إلغاء اللقاء علي هامش اجتماعات الأممالمتحدة. ادعاءات 'مولود' كذَّبتها الصحف التركية المستقلة، ومنها صحيفة 'تودايز زمان' التي اتهمت رجب طيب أردوغان, بإفساد محاولات حكومة بلاده تطبيع العلاقات مع مصر, في كلمته التي ألقاها مؤخرًا أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت الصحيفة: 'خطاب أردوغان تسبب في إفساد محاولات الحكومة التركية للتقارب مع القاهرة، وهي المحاولات التي يبدو أن رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو ووزير خارجيته كانا يسعيان لإنجاحها'. حقيقة لا أجد أبلغ من المثل الشعبي الشهير للتعليق علي كذب الرئيس التركي ووزير خارجيته: '.... يلهيك، واللي فيه يجيبه فيك'. 'أم أيمن' وعلي ذكر 'الهطل السياسي'، و'عُقدة 30 يونية'، لا يفوتني أن أشير إلي ما كتبته السيدة عزة الجرف أو 'أم أيمن' أحد رموز جماعة الإخوان علي صفحتها الشخصية، فقد وصفت خطاب السيسي بقولها: 'أهان مصر وتحدث لغة مهترئة وفضح نفسه أمام العالم واستجدي شرعية لن ينالها ولو طاف العالم أجمع، فشرعية الحاكم يكتسبها من شعبه وليس من الخارج'!!. ولِمَ لا؟!.. فالاجتماعات التي أجراها الرئيس السيسي مع 40 رئيس دولة وحكومة ولقاءاته بقادة الفكر والسياسة والاقتصاد، والحفاوة التي تم استقباله بها، وتصفيق الحاضرين ثلاث مرات، أثناء وبعد كلمته أمام الجمعية العامة، وحشود المصريين والجاليات العربية التي التفت حوله وأحبطت مخططات الإخوان لإفساد الزيارة ووصف المحللين والمراقبين لمشاركة السيسي بالتاريخية، كلها 'فوتوشوب' من إخراج خالد يوسف!!. أمير قطر تصريحات وزير الخارجية سامح شكري، في حواره ل'برنامج 90 دقيقة' المذاع علي قناة 'المحور'، حول تغير السياسة القطرية لم تكن موفقة بالمرة.. بل فوجئت عندما قال: 'إن انتقاد مجلس التعاون الخليجي لسياسة قطر ودعمها للجماعات الإرهابية ووجود عناصر الإخوان علي أرضها، أدي إلي تغير السياسة القطرية خلال الفترة الأخيرة'. أدرك حرص مصر علي العلاقة بالأشقاء العرب، ويبدو أن ذلك دفع الرئيس السيسي ليقول تصريحات مشابهة لوزير الخارجية، وأفهم أن هناك توازنات ما في السياسة الخارجية، عندما يكون الأمر متعلقًا بدولة عربية، وأن هناك تفاهمات جرت مع دول الخليج بشأن قطر، لكن كان يستطيع كلاهما السيسي وشكري أن يحافظا علي ثوابت الدبلوماسية المصرية دون أن يقدما تفسيرًا خاطئًا للشعب المصري. فاعتبار 'مصافحة الرئيس السيسي وأمير قطر' بادرة لتحسن العلاقة بين البلدين.. وتفسير ما قاله تميم ل'السي. إن. إن' حول 'عدم السماح للقيادات الإخوانية بممارسة السياسة ضد مصر'، علي أنه تغير في العلاقة بين قطر والإخوان.. وما ردده البعض عن فزع داخل الجماعة بسبب هذه التصريحات، قراءة غير دقيقة في تقديري، فالتحسن يجب ترجمته في إجراءات حقيقية علي أرض الواقع. ليس هذا فقط، فقد تضمن حوار تميم مع 'السي. إن. إن'، العديد من الأكاذيب والافتراءات، خاصة عندما وصف ثورة يونية بالانقلاب، قائلا: 'العديد من الإخوان رحلوا من مصر بعد ما حدث منذ عام مضي وبعد الانقلاب الذي جري!!.. مؤكدًا أنهم لجأوا لقطر لأنهم كانوا مهددين وخائفين'.. لن أذكّر الشيخ تميم بانقلاب 'أبيه' علي 'جده'، فمهما قلت لن يتذكر، فقد كان طفلا صغيرًا وقتها، لا يملك من أمره شيئا، لكن أرجو أن يقلل من جرعة الحِنيَّة في حواراته.. لأن قلبي رهيف وكلما استمعت إليه الدمعة تفر من عيني. وأضاف تميم: 'الإخوان آمنون في قطر طالما لم يمارسوا أي سياسة، فبحسب قوانين دولة قطر لا يمكنك ممارسة السياسة ضد أي دولة عربية أخري'!!. يا سلام علي 'الأخلاق العالية'.. قطر حريصة علي الأشقاء العرب، والإخوان هناك لا يمارسون السياسة، ضد مصر!!. تصريحات تميم حقيقةً لها رد مناسب في العامية السكندرية المصرية، لكن التزامًا بآداب مهنة الصحافة، وحفاظًا علي الذوق العام، وتقاليد العائلة، لن أذكره. جمال عبد الناصر حَلَّت أمس ذكري رحيل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، التي ما زالت ترتفع صوره في مختلف المناسبات الوطنية، وتتردد كلماته علي ألسنة المصريين حتي الآن، وستظل.. عبد الناصر لا يحتاج، بل لا تكفيه الكلمات للتعبير عن قيمته، ودوره، وما قدمه لمصر، فمازال حاضرًا بيننا ولن يغيب، ويكفيه أننا نتذكره ونحتاج إليه، في كل موقف نمر به.. عامًا كان أو خاصًا. ولا أخفيكم سرًا، لقد تذكرته وأنا أدفع لابني مصروفات المدرسة.. وأتذكره وأنا أري الوطن العربي ممزقًا.. من ليبيا إلي سوريا إلي العراق إلي اليمن. وفي ذكري رحيله، التي تزامنت مع انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، أدعوكم للاستماع إلي كلمته التي ألقاها أمامها سنة 1960، وهي موجودة علي 'اليوتيوب'، لتدركوا أن عبد الناصر سيظل رغم رحيله رمزًا للعزة والكرامة والتنمية والنهضة، والاستقلال والتحرر الوطني.. ولن يتكرر.